الثلاثاء، 12 يناير 2010

عراق على غرار تركيا يمكنه تغيير توازنات المنطقة

واشنطن - حسين عبد الحسين

رأى خبراء في واشنطن ان ابرام الصفقات النفطية الكبرى التي من شأنها اضافة ملايين البراميل للانتاج العراقي، من شأنه ان يحول البلاد الى قوة على غرار تركيا، وهو ما يجعل دول الجوار تشعر بالقلق حيال ذلك، غير انهم اشترطوا ان تحسن الطبقة السياسية في بغداد استغلال ذلك.

ونفى مسؤول اميركي كبير في تصريح لمراسل “العالم” في واشنطن ان تكون الولايات المتحدة قد حققت مكاسب من صفقات النفط المبرمة مع الشركات الاجنبية، ونوه الى ان شركة اميركية واحدة فقط هي “اكسون موبيل” فازت بعقد لتطوير واستخراج نفط حقل غرب القرنة، من بين عشرة عقود وقعتها الحكومة العراقية على مدى الاشهر الستة الماضية.وفسر المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته ان “هذا الضعف في حضور شركات البترول الاميركية في العراق سببه بديهي، بالنسبة للاميركيين”.

وتابع “الحكومة الاميركية لا تتدخل في عمل القطاع الخاص”لأن شركات البترول الاميركية تتصرف “وفقا لمصالحها فقط والارباح، التي قد تجنيها في مناقصات النفط التي طرحتها الحكومة العراقية، والتي قد تطرحها مستقبلا”.

وكانت الحكومة العراقية وقعت عشرة عقود، بين شهري حزيران (يونيو) وكانون الاول (ديسمبر)، فازت فيها احدى عشرة شركة هي، بالاضافة الى “اكسون موبيل”، “بي بي” البريطانية لحقول جنوب الرميلة، و”اني” الايطالية في الزبير، و”بتروناس” الماليزية و”جايبكس” اليابانية في غرف، و”سي ان بي سي” الصينية في حلفايا، و”شل” الهولندية في مجنون، و”لوكويل” الروسية و”ستاتويل” النروجية في غرب القرنة ايضا، و”سونانغول” الانغولية في نجمة وقيارة، و”غازبروم” الروسية في بدرة.

ويتفق الخبير الجيوستراتيجي ادوارد مونتي، في مقابلة اجرتها معه “العالم” على ما يقوله خبراء آخرون من ان بعض الدول المجاورة للعراق “قد لا تستسيغ عودته الى تصدير النفط والبحبوحة الاقتصادية”.

ويضيف “المال هو نفوذ، وعراق مع مال واعمال – على غرار تركيا – قد يغير من التوازنات السياسية” في المنطقة.

واعتبر خبراء، في جلسة مغلقة عقدها احد مراكز الابحاث الاميركية المرموقة ان هذه النقطة وتأثيرها على التوازن السياسي في الشرق الاوسط “قد تكون السبب الذي دفع الولايات المتحدة الى الحرب في العراق اساسا” وذلك بهدف اعطاء قيادة عراقية جديدة “دورا سياسيا كبيرا في المنطقة ممكن ان يؤدي الى استتبابها، على حساب دور الدول التي تسيطر حاليا على الشرق الاوسط، والتي لم تؤد سياساتها الا الى الحروب” على حد تعبير الخبير مونتي.

وقالت العديد من التقارير الغربية ان نجاح العراق مع الشركات الاستثمارية في تصدير عدة ملايين اخرى من النفط، سيجعل ايران خصوصا في موضع حرج. وذكرت التقارير ان العلاقة ستكون بين “شيعة اغنياء يحكمون في العراق، وشيعة فقراء في ايران يحاصرهم المجتمع الدولي بسبب الازمة النووية” ما يعتبر تحولا عميقا في طبيعة العلاقة بين البلدين، وهو لون من التحليل تعزز بعد محاولة ايران بسط سيطرتها على بئر نفطية في محافظة ميسان العراقية الشهر الماضي.

وعن المستفيد الاكبر من عودة العراق الى الانتاج النفطي، اعتبر عدد من الخبراء الاقتصاديين ان العراق والعراقيين هم اكبر المستفيدين، “على شرط ان تحسن الحكومة والطبقة السياسية العراقية التصرف بعائداته”.

ويحذر العديد منهم من التوظيف السياسي للعائدات الكبيرة المتوقعة خلال الاعوام المقبلة، ويمكن ان تتزايد العوائد المالية الى اكثر من 150 مليار دولار خلال ثلاثة اعوام حسب بعض التقديرات، بينما لا تمثل حاليا سوى نحو 60 مليارا.

ويقول خبير اميركي ان تحويل العائدات الى “مال سياسي ريعي ينفقه السياسيون على مؤيديهم، سيؤدي الى اعاقة نهوض الاقتصاد العراقي، ويربط الازدهار بتوفر النفط وارتفاع اسعاره حصرا”. وهو يعلق بذلك على شعور عام يقول انه “سائد لدى بعض العراقيين بشأن مصير عائدات النفط، اذ يتصور البعض انه سيتم توزيعها مباشرة على المواطنين، وهذا خطأ كبير”.

ويضيف الخبراء “كي يستفيد العراقيون من عائدات النفط، عليهم استثمارها في تطوير البنى التحتية في البلاد، واستثمار جزء من العائدات في صناديق سيادية للاجيال القادمة، على غرار ما تفعل الكويت”.

وفيما يتصل بالمخاوف من ان تستغل واشنطن الكميات الكبيرة التي ستصدر من نفط العراق، فإن ادوارد مونتي يقول “ان الافادة الكبرى هي لمستهلكي النفط حول العالم، فالزيادة في الانتاج تقلل من سعر النفط في السوق الدولية”.

وهو يستدرك بالقول “ان عودة العراق الى سوق النفط ستؤثر سلبا على سعره، فالعراق عضو في منظمة الدول المنتجة للنفط، الاوبيك، والارجح انه لن يتخطى كوتا الانتاج المحددة له، مما سيحافظ على ثبات السعر العالمي”.

العالم” لفتت نظر مونتي الى ان تقارير صحفية عديدة تحدثت عن تهريب النفط العراقي الى خارج الحدود، وهو يعلق على ذلك بالاشارة الى ان “كمية النفط العراقية المتوافرة في السوق المحلية منذ آذار(مارس) 2003 هي كمية معروفة سلفا بموجب عدادات انتاج باشراف دولي في منشآت الاستخراج”.

ويضيف “كذلك فإن الكمية العراقية المنتجة حتى اليوم مازالت ضئيلة، وبالكاد تكفي للاستهلاك المحلي، مما خلق ازمة بعد الحرب، وصرنا نرى السيارات متوقفة في خطوط طويلة امام محطات البنزين”.

اما النفط الذي تم تهريبه الى خارج العراق، فهو “فساد على مستوى فردي”، حسب مسؤول اميركي.

المقالة في جريدة "العالم"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق