الثلاثاء، 23 مارس 2010

تحليل اخباري: واشنطن تخشى طموحات علاوي والمالكي وتميل الى ظهورهما في حكومة واحدة

واشنطن – حسين عبد الحسين

يتصدر سؤال عن المرشح المفضل لدى الولايات المتحدة لرئاسة الحكومة وشكل الائتلاف المقبل الاسئلة المتداولة في الاوساط العربية، عموما، والعراقية خصوصا، وان كان السؤال يتلخص بمن تفضل اميركا بين الاثنين الاوفر حظا لرئاسة الحكومة، رئيسها الحالي نوري المالكي ام الاسبق اياد علاوي.

وحتى الان، تحاول واشنطن تصوير نفسها على انها شريك حيادي للعراق، اي انها ستتعامل مع كل من ينتخبه الشعب العراقي. الا ان كواليس السياسة الخارجية في العاصمة الاميركية، تشهد تمنيات واحاديث تشي بان الاميركيين لديهم ايضا رغبات في رؤية اشخاص معينين يتسلمون زمام الحكم في بغداد.

ويتصدر الكرد لائحة حلفاء واشنطن، فهؤلاء مستقلون عن القوى المتناحرة في الشرق الاوسط، التزموا بتعهداتهم للاميركيين منذ ما قبل الاطاحة بنظام صدام حسين في العام 2003، ولديهم قيادة تتمتع بدعم شعبي في مناطق نفوذها، مما يبعد المسؤولين الكرد عن اطلاف التصاريح الشعبوية لاهداف كسب سياسية.

اما المركز الاخير على لائحة الافرقاء العراقيين، فتحتله الشخصيات والمجموعات التي تعمل بتوجيهات من ايران وبالتنسيق الدائم معها. وهؤلاء يتضمنون امثال النائب جمال جعفر، الملقب بابو مهدي المهندس، وكانت اميركا اتهمته بلعبه دور اليد اليمنى لقاسم سليماني، قائد فيلق القدس المنبثق عن الحرس الثوري الايراني.

كذلك من الشخصيات ممن لا ترغب واشنطن في التعامل معهم، طفلها المدلل سابقا احمد الجلبي، وحزبه المؤتمر الوطني العراقي، ورجل الدين مقتدى الصدر، وتياره.

عموما، يعتقد صانعو القرار الاميركيون ان قائمة الائتلاف الوطني العراقي تحتوي على اكبر عدد من حلفاء ايران، وهم من يلعبون دورا في التحريض ضد الولايات المتحدة. لذا، يتحدث المسؤولون الاميركيون في مجالسهم الخاصة بحذر عن هذا التحالف، ويتمنون ان لا يصل الى مواقع قيادية.

وما بين الكرد، في المركز الاول، والائتلاف الوطني العراقي، في المركز الاخير، تجد الولايات المتحدة عدد من المجموعات الحليفة التي ترغب واشنطن في رؤيتها تحكم العراق. يتصدر المجموعات الحليفة لاميركا كل من ائتلاف دولة القانون، بقيادة المالكي، وقائمة العراقية، برئاسة علاوي.

ويشارك في صدارة اصدقاء اميركا – من غير الكرد – ائتلاف وحدة العراق، على الرغم من ان اميركا لا تحسب للاخير الحساب الكثير نظرا لضعف تأييده الشعبي.

هكذا تجد اميركا نفسها امام خيارين لقيادة تحالف صديق في العراق يتضمن الكرد: الاول يقوده المالكي، والثاني يشكله علاوي. هنا، ينقسم المسؤولون في العاصمة الاميركية في تأييدهم لواحد من بين الاثنين، فيما تبرز محاولات من قبل كل من الرجلين – عبر التصريحات ووسائل الاعلام المقربة منهما – الى الايحاء انهما المفضلان لدى واشنطن.

اميركا تحب المالكي، وتعتقده مستقيما، وبعيدا عن الفساد، وجادا في قيادة العراق نحو مستقبل افضل. الا ان رئيس الحكومة يثير بعض المخاوف لدى مسؤولين اميركيين في بعض تصرفاته، مثل نزعته الى حصر السلطات بين يديه، مما يثير جدلا حول امكانية تحوله الى «بوتين» عراقي، في اشارة الى رئيس الحكومة الروسي فلاديمير بوتين، الذي نجح في التوصل الى نموذج حكم شخصاني بغطاء ديموقراطي.

اميركا لا تمانع كذلك في عودة علاوي الى رئاسة الحكومة، مع ان لدى مسؤوليها تخوف اكبر من تحول زعيم العراقية الى حاكم منفرد في العراق، خصوصا وان تمثيله يقتصر على الاقلية السنية، وهذه الاقلية تثير مخاوف في الحكم لدى كل من الكرد والاكثرية الشيعية.

ومن السيناريوات التي تم الحديث عنها في الدوائر السياسية المغلقة لعراق ما بعد الانتخابات، توصل بعض المسؤولين في العاصمة الاميركية الى نتيجة مفادها انه من شبه المستحيل على علاوي تشكيل ائتلاف حكومي، فعلاقة السنة بالكرد هي الاكثر توترا جراء تعارضهم حول مسائل المركزية، والفيدرالية، ومصير كركوك.

كذلك، يصعب انخراط علاوي والائتلاف الوطني العراقي في تحالف، نظرا للعداء الحالي بي داعميهما الاقليميين، اي السعودية وايران على التوالي، اذ يعتقد الاميركيون ان الرياض ستحاول فرض علاوي واستبعاد حلفاء ايران، اما طهران فستعمل بدورها على تعزيز وضع حلفائها واستبعاد الموالين للسعودية.

ويعلم الاميركيون ان الاختلاف حول الفيدرالية، التي يطالب بها كالكرد الاحزاب الشيعية الموالية لايران، والمركزية، التي يؤيدها السنة، ستقف عائقا في وجه اي تحالف بين العراقية و الائتلاف الوطني العراقي.

اما في حال قيام المالكي بتشكيل التحالف الحكومي بعد الانتخابات، حسب السيناريوات الاميركية، فسيكون دخول الكرد اكثر سهولة، الا ان المالكي سيحتاج الى الكتل الباقية باجمعها – في محاولته لتغييب منافسيه في الائتلاف الوطني العراقي والعراقية – للحصول على نصف مقاعد البرلمان، وهذه مهمة معقدة، وغير مضمونة، وستضع هكذا ائتلاف محتمل تحت رحمة كتل صغيرة باستطاعتها فرضت اجنداتها تحت طائلة الخروج من الحكومة في اي وقت.

اذن، ترجح الاوساط الاميركية ان يقوم المالكي بالتقارب مع حلفاء الامس في الائتلاف الوطني العراقي للحصول على عدد كاف من المقاعد، اذا ما تمت اضافة الكرد. هكذا تصبح الحكومة المقبلة متينة وتشبه، الى حد كبير، تركيبة الحكومة الحالية.

وعلى الرغم من ان اميركا ترغب في رؤية المالكي والكرد في السلطة، الا انها ترغب في رؤية علاوي – والكتلة السنية التي تدعمه – مشاركان كذلك، كما تفضل ان يتم استبعاد حلفاء ايران.

بناء عليه، يصبح السيناريو الاميركي المفضل حصوله في العراق هو قيام ائتلاف وزاري يجمع المالكي، وعلاوي، والكرد، وهو سيكون متينا بعدد كبير من المقاعد، وسيمثل المجموعات الثلاث الكبرى في العراق، اي الشيعة والسنة والكرد، وسيحسن من علاقة الحكومة العراقية المقبلة بدول الجوار من حلفاء اميركا، مثل السعودية.

الا ان الاوساط الاميركية تدرك صعوبة تحقيق السيناريو المفضل لدى واشنطن لعوامل متعددة، ابرزها النفور الشخصي بين المالكي وعلاوي، مما يجعل تركيب الحكومة مستحيلا بدون جمع كتلتين من الثلاثة الكبرى، وهو ما يبدو انه سيدفع الى التوصل الى السيناريو الاسوأ في تفكير الاميركيين، اي دخول حلفاء ايران السلطة، الى جانب المالكي، وعلى حساب علاوي.

هنا ستستمر اميركا في لعب الدور المحايد الذي تتحدث عنه، وستستمر في سعيها الى شراكة طويلة الامد مع العراق، كائنا من كان في الحكومة العراقية او في رئاستها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق