الأربعاء، 2 يونيو 2010

مؤتمر البعث

المقال الاخير الذي كتبه سمير قصير وكان معدا للنشر في يوم اغتياله في 2 حزيران 2005

سمير قصير

على الورق، يفترض بالحدث المرتقب ان يكون منعطفاً في التاريخ السياسي السوري بل العربي. فاذا صحت التوقعات الرائجة، والتي يروجها المعنيون بالامر، سوف يصدر عن المؤتمر القطري لحزب البعث، المدعو الى الانعقاد الاثنين المقبل 6 حزيران وبعض طول انتظار، اقرار مبدأ التعددية السياسية. الحدث هو في ذلك تحديداً، اي في طي صفحة الحزب الواحد التي لازمت القومية العربية الحاكمة، سواء في شقها الناصري او في شقها البعثي.

وغني عن القول في هذا المجال ان تجربة "الجبهة الوطنية التقدمية" التي عمل بها في سورية بعد وصول حافظ الاسد الى الحكم لم تكن يوماً خروجاًَ عن منطق الحزب الواحد، اذ كانت الجبهة في افضل الاحوال غطاءً لحكم البعث، فلم تُشرك مرة في القرار السياسي وان طلبت مشورة مسؤولي الاحزاب المشكلين لها في مناسبات نادرة. والاهم ان احزاب الجبهة كانت محرومة من امكان العمل لتوسيع قواعدها، بل انه لم يسمح لها اصدار صحف ناطقة باسمها الا قبل ثلاثة اعوام، فيما كان ولا يزال الانتماء الى حزب البعث شرطاً حيوياً لكل من يريد الترقي في المؤسسات العامة وحتى للطلاب الذين يرغبون في الدخول الى بعض الكليات الجامعية. وهذا ما يكسب هذا التحول، اذا تأكد، اهمية استثنائية في الحياة العامة السورية.

ولكن، حتى ان لم يترجم خطوات عملية سريعة، يشكل الانعطاف نحو التعددية السياسية تحولاً قد لا يقل اهمية في الفكر البعثي. فبعد تخليه العملي عن الوحدة العربية، ناهيك عن الاشتراكية والحرية بما فيها الوطنية منها، يكون قد ترك جانباً اشتراط وجود انسان عربي جديد يتمثل في البعث لانبعاث الامة، حسب البناء الفكري الذي صاغه ميشال عفلق. فاذا كان لكل الاحزاب ان تتساوى، فهذا يلغي المهمة الخاصة شبه الالهية التي كان حددها البعث لنفسه.

يبقى ان كل ذلك على الورق فحسب. فالتوقعات الرائجة نفسها تقول بأن اقرار مبدأ التعددية السياسية سيكون مجرد حدث اعلامي، وان تترجمة المبدأ واقعاً ستطلب آلية طويلة الامد قد تصل الى سنتين. ومن المؤكد انها ستحاول القفز فوق الاستحقاق المتمثل بتجديد ولاية بشار الاسد في رئاسة الجمهورية سنة 2007.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق