الخميس، 7 أكتوبر 2010
«خيبة أمل» في الكونغرس الأميركي من تجربة التقارب السعودي السوري
| واشنطن - من حسين عبد الحسين |
عقدت مجموعة من السياسيين رفيعي المستوى والخبراء، جلسة مغلقة في الكونغرس الاميركي، تحت عنوان تقييم «تجربة التقارب السعودي السوري»، الذي بدأ الصيف الماضي، و«تأثيراته الايجابية والسلبية على الوضع في الشرق الاوسط».
وخلص المجتمعون الى نتيجة مفادها بان «نتائج انفتاح الرياض على دمشق جاءت مخيبة للآمال بأي مقياس، وان سورية، اما وعدت السعودية ما ليس بطاقتها الالتزام به او تأمينه في العراق، او نكثت بوعودها كما في لبنان والاراضي الفلسطينية».
وقدم احد الخبراء، في مقدمة الجلسة، مطالعة مطولة عن تواتر الاحداث التي «ادت الى جفاء في العلاقة بين البلدين، ومن ثم مواجهة، فتقارب، واليوم ربما اعادة نظر».
واعتبر ان «السعودية حاولت اقناع (الرئيس السوري بشار) الاسد بقلب صفحة جديدة اثر عملية اغتيال الحريري وما نتج عنها من انسحاب للجيش السوري من لبنان بعد 29 عاما من الاحتلال». الا ان دمشق «اساءت تقدير نفوذها في لبنان، وحاولت ابتزاز السعوديين هناك، لكن ما حصل في الواقع هو نهاية حقبة طويلة من السيطرة السورية على لبنان واستبدالها بسيطرة حزب الله المدعوم من ايران، والذي نجح بدوره بفرض نفسه كقوة مسلحة وحيدة اجبرت خصومه على تقديم تنازلات كبيرة».
ومع توالي الاحداث في المنطقة وقرب «انسحاب القوات الاميركية من العراق، اساء السعوديون التقدير بدورهم»، حسب الخبير الاميركي، «عندما اعتبروا ان افول النفوذ الاميركي في العراق اصبح حتمية، فعملوا على تشكيل جبهة عربية لملء الفراغ الذي سينتج عن الانسحاب الاميركي، ومنع ايران من لعب دور بديل لاميركا كراع اقليمي بعد انسحاب الاخيرة».
هنا تدخل احد المسؤولين للاشارة، الى ان «الادارة تكرر ان انسحاب الجيش الاميركي من العراق لا يعني نهاية الانخراط الاميركي هناك»، فاجاب الخبير ان «تباينا في الرؤيتين الاميركية والسعودية حول العراق خلق سوء تفاهم وعدم تنسيق بين البلدين».
واضاف: «اولويات الرياض هي مكافحة تمدد النفوذ الايراني في المنطقة، وهذا يعني محاولة اعادة مقاليد الحكم في العراق الى مجموعة تتماهى مع النظام العراقي السابق في موقفها المعادي لطهران».
اما ثاني اولويات الرياض، يقول الخبير، فهي «تقليم مخالب ايران في المنطقة عن طريق مواجهة تنظيمات تابعة للحرس الثوري مباشرة، مثل حزب الله في لبنان وحماس في غزة وتنظيمات صغيرة اخرى حول المنطقة».
وتحدث خبير آخر عن «ضرورة التوصل الى حل سلمي للصراع بين اسرائيل والعرب، من وجهة النظر السعودية، لان هذا يسحب عددا كبيرا من الاعذار التي يختبئ خلفها المسؤولون الايرانيون».
واتفقت المجموعة المنعقدة ان سلمي اولويات الولايات المتحدة والسعودية افترقا منذ منتصف العام 2008، و«باشرت السعودية بعد ذلك بقليل، من دون التنسيق مع اميركا، بمد الجسور مع سورية لاستقطابها وابعادها عن ايران، وسمع المسؤولون السعوديون كل التطمينات التي تطلعوا اليها في دمشق».
«اولى التطمينات السورية الى الرياض تمحورت حول العراق»، يعلق احد الحاضرين من المعنيين بالملف العراقي. ويقول: «الا ان ما فات الرياض ان النفوذ السوري في المشهد السياسي العراقي شبه منعدم، وطهران تعرف ذلك، اذن هي لا تخشى تقاربا سوريا - سعوديا في العراق، ورأينا ان المؤشرات تدل على عودة الطاقم السياسي ممن لا تؤيده سورية او السعودية الى الحكم في بغداد».
واضاف: «فيما تراهن اميركا على العراق كشريك، تراهن السعودية على شريك في دمشق».
وتابع: «اذا ما اخذنا احداث لبنان كانعكاس لاحداث المنطقة، لرأينا ان دمشق اما لا تقدر على نزع سلاح المجموعات المتطرفة فيه، او تتلاعب على السعوديين فتستقبل (رئيس حكومة لبنان سعد) الحريري، في النهار، وتوعز الى حلفائها بتقذيعه اعلاميا وعرقلة حكمه، في الليل».
«الراي» سألت في مداخلة اذا كانت مراهنة بعض الاطراف في المنطقة على توجيه ضربة اميركية او اسرائيلية ضد ايران من شأنها ان تخلط الاوراق في المنطقة مراهنة صحيحة، فاجاب احد المسؤولين الاميركيين: «لو كنت لبنانيا لما راهنت على توجيه ضربة لايران، بل لتابعت الوضع في العراق بجدية حيث نشهد صعود نجم شريك استراتيجي جديد للولايات المتحدة في المنطقة».
وقال المسؤول، بعد ان ذكّر بضرورة عدم ذكر اي من اسماء الحاضرين، ان «واشنطن تسعى منذ سنوات لاقناع الرياض بان الحصان الرابح هو في بغداد، لا في دمشق»، وان «لا عودة الى صيغة التسعينات»، وان «سورية صارت هامشية، وخطة الانفتاح عليها بالتالي لن تجدي الكثير».
هنا قاطع خبير المسؤول، قائلا ان «ادارة الرئيس (باراك) اوباما هي التي نادت بالانفتاح على دمشق قبل الرياض وحلفاء اميركا في لبنان»، فاجاب المسؤول: «هناك فارق كبير بين الانفتاح ديبلوماسيا على دمشق، كما حاولت اميركا ان تفعل، واعتبارها حليفا امينا ضد النفوذ الايراني المتصاعد في المنطقة، كما تحاول السعودية ان تفعل».
وختم المسؤول بالقول: «عندما نتحدث عن مصالح الدول، لا جدوى للحديث عن وحدة عربية او فارسية او تركية، كل سياسي يراهن على من يعتقده الحصان الرابح، وواضح ان الرهانات متضاربة بين معظم الافرقاء، لكن فيما تقترب المنطقة من صوابية الرأي الاميركي في عودة عراقية، يظهر خطأ الانفتاح على دمشق او محاولة ابعادها عن طهران».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق