الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

تقرير / «الحرب الباردة» مع طهران... بدأت: لا ضربة عسكرية ولا حرب أهلية في لبنان

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

بعيدا عن الاضواء، وصل وفد اسرائيلي رفيع المستوى الى العاصمة الاميركية وعقد اجتماعات مع مسؤولين اميركيين. على عكس الاعتقاد السائد، لا تنوي اسرائيل توجيه ضربة عسكرية الى ايران، ولا هي تدفع اميركا على القيام بذلك. على صعيد مشابه، لا نية اسرائيلية، حسب مسؤولين اميركيين شاركوا في اللقاءات، لاثارة اي مواجهات «على الحدود الشمالية» مع «حزب الله»، كما يسود اعتقاد ان لا مصلحة لاي طرف في دفع لبنان الى آتون الحرب الاهلية.

وعلمت «الراي» ان رئيس الوفد الاسرائيلي افتتح الاجتماع بالاشادة بسلسة النجاحات «التي حققها العالم في مواجهة ايران ومخالبها في المنطقة». وقدم الاسرائيليون معلومات استخبارتية تطابقت والمعلومات الاميركية ان «البرنامج النووي الايراني متعثر جدا في الوقت الحالي»، و «ان اي ضربة عسكرية ستقلب موازين الرأي العام الايراني والعالمي لمصلحة النظام في طهران».

تقول الاستخبارات الاسرائيلية والاميركية ان «النموذج الايراني المستخدم وهو الذي ابتاعته ايران من شبكة عبد القادر خان الباكستاني قديم جدا»، وان «عملية التخصيب الايرانية تواجه مشاكل مستمرة» وانه « في غياب ضرورة توجيه ضربة تعوق انتاج القنبلة النووية الايرانية، تصبح العقوبات الاقتصادية مفصلية لضعضعة النظام» .

يقول مشاركون في الاجتماعات الاميركية الاسرائيلية ان الطرفين استعرضا النجاحات التي حققاها في مواجهة ايران. «فيروس ستكسنت، الذي نجحت الاستخبارات في زرعه في اجهزة كمبيوتر تم توريدها الى ايران في سبتمبر لاستخدامها في البرنامج النووي، كان بمثابة حصان طروادة، وقام بارسال معلومات اساسية في الشبكة الايرانية الى جهات غربية، اكدت تعثر البرنامج الايراني»، حسب مسؤول اميركي مشارك.

اليوم، حسب المسؤول الاميركي، «صارت سياسة التهويل مفهومة اكثر، صدام حسين لم تكن بحوزته اسلحة دمار شامل، ولكنه اوهم العالم بذلك من اجل اخافة خصومه في المنطقة فقط لا غير، وهذا ما تفعله ايران».

انتصار آخر حققته واشنطن وتحالفها في مواجهة طهران، وهو التوصل الى فرض عقوبات اقتصادية اممية على ايران. «حتى المؤسسات المالية في لبنان، المحسوب احد حلفاء ايران في المنطقة، اضطرت الى قطع صلاتها بالمؤسسات الايرانية او المجازفة بعزل نفسها عالميا».

عند الحديث عن العقوبات، توجه المسؤولون الاسرائيليون الى نظرائهم الاميركيين بالقول، «هناك 16 شركة ما زالت تتعامل مع ايران، ونحن نلاحقها ونفضحها علنا، ايران تستود ما يقارب نصف حاجتها للنفط المكرر، ومخزون هذه المادة، كما مخزون العملات الاجنبية في المصرف المركزي الايراني، انخفض الى مراحل غير مسبوقة».

المسؤولون الاسرائيليون اعربوا عن ارتياحهم «للتحالف الدولي الذي نجحت واشنطن في بنائه... عندما تسمع (رئيس ايران محمود) احمدي نجاد يصف روسيا بانها باعت نفسها للشيطان، تدرك ان ايران بدأت بالتراجع مرغمة امام مجتمع دولي مصمم على مواجهة حيازتها اسلحة نووية».

في لبنان، «حزب الله» في مأزق. يقول المسؤول الاميركي: «بعيدا عن المهرجانات الخطابية، اتفاق نيسان 1996 كان يميل لمصلحة سورية وحزب الله اكثر بكثير من القرار 1701، حدود اسرائيل الشمالية اليوم هادئة اكثر من اي وقت سابق، وحزب الله يدرك ان اشعاله حربا جديدة مع اسرائيل ستكون طاحنة ولن ينفع اعتذار نصرالله الى اللبنانيين هذه المرة».

ويضيف: «اما في حال استخدم حزب الله القوة داخل لبنان، فان الذهاب الى حرب اهلية سيحول لبنان الى ساحة حرب استخباراتية لن تكون في مصلحة الحزب... لذا، لا حربا اهلية في لبنان».

«الراي» سألت عن مضاعفات صدور قرار ظني، واذا تم التطرق الى هذا الموضوع بين الاميركيين والاسرائيليين، فاجاب المسؤول : «هناك اجماع دولي لمصلحة كشف الفاعلين في جريمة اغتيال (رئيس حكومة لبنان السابق رفيق) الحريري، اسرائيل تأخذ احتياطاتها من اي مغامرات قد يقوم بها حزب الله لتحويل الانظار عن القرار، ولكن حتى في ميزان حزب الله، مواجهة القرار اقل كلفة بكثير من اشعال الجبهة مع اسرائيل».

اما عن سورية، فقال المسؤول ان «الحكمة المشتركة بيننا وبين الاسرائيليين مفادها ان سورية اختارت الابقاء على التحالف مع ايران، ربما للاحتماء بطهران في حال ثبوت تورطها في اغتيال الحريري».

لكن على كل حال، «تم استهلاك سياسة الانخراط، وصار ديبلوماسيينا (الاميركيين) يقولون في العلن اننا قمنا بتقديم الخيارات الى دمشق، وان سورية لم تأخذ الخيار الاميركي حتى الان، بل فضلت الخيار الايراني».

«الراي» اثارت زيارة السناتور جون كيري الاخيرة الى دمشق، وسألت ان كانت الزيارة تأتي في سياق حصول اي تقدم على صعيد مفاوضات السلام السورية الاسرائيلية، فاجاب المسؤول : «السناتور كيري يحاول الحفاظ على ماء الوجه، ذهب الى سورية ليطلب من (الرئيس بشار) الاسد اعادة طالبين اميركيين حائزين منحة فولبرايت ويدرسان العربية في دمشق». واضاف: «سورية تحاول ان تحصل على انتباه اميركا، وبغياب امكانية اشعال حروب، عمدت دمشق الى اختلاق مشاكل ثانوية، وقامت بترحيل الطالبين الى عمان، والسناتور كيري اثار الموضوع مع الاسد، الذي وعد بالسماح بعودتهم، وحتى هذا المطلب الصغير لم يلبه السوريون».

في ختام اللقاء الاميركي الاسرائيلي، كان هناك تقييم و«تربيت على الكتف، فبغض النظر عما يتم تداوله في الاعلام، العراق مستقر وحكومته حليف اساسي لواشنطن، وطهران تختنق ماليا، وتركيا تبتعد عن طهران ودمشق، اما دمشق فمتوترة في موضوع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وتعمل على تشكيل اكبر فريق دفاع في حال تم توجيه اصابع الاتهام بتورطها، وحزب الله يهدد ويتوعد ولكن لا يمكنه المبادرة لاسباب كثيرة ومعقدة».

يقول المسؤول الاميركي: «لا حروب مقبلة في منطقة الشرق الاوسط، دخلنا زمن السلم، والمواجهة ستنحصر بالديبلوماسية والعقوبات الاقتصادية والمواجهات الاستخباراتية، اما اذا بادرت ايران او اي من حلفائها بشن حروب، فان ردة الفعل الاميركية ستكون هائلة ومبررة في عيون الراي العام العالمي، وهم يعرفون ذلك».

ويختم: «بدأت الحرب الباردة مع طهران، ولنر من سيبقى واقفا الى النهاية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق