الخميس، 5 مايو 2011

السنيورة: الثورات بدأت إثر اغتيال الحريري لكن ربيع بيروت لم يدم إلا مدة وجيزة

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

جريدة الراي

قال رئيس الحكومة اللبنانية السابق فؤاد السنيورة، ان الثورات العربية لم تبدأ مع احراق التونسي عبدالله البوعزيزي نفسه، بل بدأت اثر مقتل رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، عندما تظاهر مئات الالاف من اللبنانيين.

«تلك كانت اول عملية طرد لديكتاتور»، على حد قول المسؤول اللبناني، في اشارته الى التظاهرات الشعبية اللبنانية التي اجبرت دمشق على سحب قواتها من لبنان في ابريل من ذاك العام، بعد 29 عاما من الاحتلال.

«لكن للاسف»، حسب السنيورة، «لم يدم ربيع بيروت الا مدة وجيزة، اذ تعرض لموجة من العنف، دائما تحت ذريعة محاربة اسرائيل»، و«تم تحويل لبنان من بلد فيه تنوع ومشاركة الى بلد الانقسام والشلل».

وتساءل السنيورة، انه بالنسبة لعائلة عربية تشاهد على الفضائيات العنف يلف الديموقراطيات الثلاثة الوحيدة في المنطقة العربية، اي العراق ولبنان وفلسطين، «الا يشكل اختيار الاستقرار على حساب الحرية خيارا اكثر جاذبية»؟ ليجيب: «ما حصل فعليا، هو العكس، ما حصل هو تراكم للاحباط في غياب الحرية يترافق مع شعور بالهزيمة والذل، وفي غياب التنمية الاقتصادية».

وقال في محاضرة القاها، اول من امس، امام جمهور حاشد في جامعة جونز هوبكنز: «لقد احرق البوعزيزي نفسه واحرق نمور الاستقرار المصنوعة من ورق». واضاف: «ما حصل كان خطأ من جهة السلطات في زمن الموبايل والفيسبوك واليوتيوب. لقد قاموا باطلاق النار».

السنيورة قال ان سلسلة الافعال وردود الافعال كانت هي نفسها «من المحيط الاطلسي الى الخليج العربي، وتنوعت التبريرات، وتضمنت اتهامات لاسرائيل والولايات المتحدة، وهو ما اثار حفيظة المتظاهرين اكثر فأكثر، فهم من يعرفون بالضبط من يطلق النار عليهم».

واقتبس من احد الكتاب السوريين الذي كتب في صحيفة «نيويورك تايمز»: «اي استقرار (يتحدثون عنه)؟ ماذا حقق الحزب الحاكم قائد الدولة والمجتمع ليثبت الاستقرار في السنوات الاربعين الاخيرة؟»، واضاف: «هكذا طاحت اسطورة الاستقرار، والتي تبين انها كانت دوما تعني استقرار النظام».

السنيورة قلل من الفوارق «الثقافية» المزعومة بين الدول، ونفى ان يكون لاي دولة استثناءات دون الاخرى، وقال «بعد تونس، قال (الرئيس السابق حسني) مبارك ان مصر ليست تونس، وبعد مصر، قال (العقيد معمر) القذافي ان ليبيا ليست تونس ولامصر، وبعد ليبيا قال (الرئيس بشار) الاسد ان سورية ليست تونس ولا مصر ولا ليبيا».

واضاف انه «حتى ان مراسلا صينيا كتب ان الصين ليست الشرق الاوسط»، وهنا ضحك الجمهور. وقال: «الدول ليست متطابقة، ولكن في القرية المعولمة، اصبحت الحرية هي العدوى الثقافية التي تنتشر».

وتابع انه «بالتأكيد ان اليمن ليست سورية، وسورية ليست ليبيا، وليبيا ليست مصر، ومصر ليست تونس»، ولكن «في كل هذه الدول، اصبح الحكام اكثر غنى، ومواطنوهم اكثر فقرا»، معتبرا انه «بالتأكيد ان الحكام العرب صنعوا انفسهم بأنفسهم، ولكن المؤكد كذلك ان ابناءهم لم يصنعوا انفسهم بأنفسهم».

السنيورة انتقد الولايات المتحدة لتصنيفها الحكام العرب كمعتدلين وغير معتدلين، وقال ان هذا التصنيف يعتمد حصريا على مواقف هؤلاء من اسرائيل، وهو ما يصور المعتدلين الفعليين على انهم دمى في ايدي الغرب. وقال: «علينا ان نتخلص من هذا المبدأ، فنحن ليس لدينا معتدلون وغير معتدلين، بل لدينا شرعيون وغير شرعيين من خلال خيار الشعب».

واضاف ان «الرجال والنساء الشجعان في ساحة التحرير لم يكونوا بالضرورة ضد الولايات المتحدة او مولعين بالاسلام السياسي، بل كانوا متشوقين للكرامة، وهم يستحقون اكثر من التصنيفات التي تطلقها عليهم لوبيات كاي ستريت»، في اشارة الى دور اللوبي الاميركي المساند لاسرائيل في اطلاق التسميات التي تناسبه على التيارات السياسية العربية.

وتحدث السنيورة مطولا عن ضرورة التوصل الى حل للصراع العربي - الاسرائيلي، وقال ان الربيع العربي قد يتحول الى «شتاء بارد وطويل في غياب الحل السلمي»، معتبرا ان «ايران تسللت الى العالم العربي حاملة لواء الاسلام وفلسطين»، وان ما فعلته طهران فعليا هو «زيادة التوتر الطائفي في العراق ولبنان وغزة، والمفارقة هنا»، والكلام للسنيورة، « ان الجمهورية الاسلامية (في ايران) تكيل المديح لربيع العرب فيما هي تقمع الثورة الخضراء».

واعتبر رئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية ان «حزب الله متوتر بسبب الاحداث في سورية وعموم المنطقة»، وقال ان «سورية ارتكبت خطأ بفتحها النار بدلا من الاستماع الى الشباب». واضاف ان «استخدام العنف لن يساعد» النظام السوري، وان على الاخير ان يستخلص العبر من الدول الاخرى في المنطقة.

الا ان السنيورة شدد على ان لبنان لا يتدخل في الشؤون السورية، وقال: «نحن في كتلتنا البرلمانية مهتمون بالاصلاح الذي يؤدي الى تنمية حقيقية وتقدم... ونحن ندرك اننا دولة صغيرة وجارتنا هي سورية، ونحن لا نريد ان يتدخل الاخرون في شؤوننا، لذا علينا تطبيق هذه القاعدة على انفسنا وعدم التدخل في شؤون غيرنا».

وحول عرقلة لبنان لاصدار مجلس الامن لبيان رئاسي لحماية المتظاهرين في سورية، على عكس الحملة التي ساهم في قيادتها لبنان من اجل استصدار قرار من المجلس لحماية المدنيين في ليبيا، ضحك السنيورة، واعتبر انه في حالة ليبيا، كان هناك اجماع عربي وفي مجلس الامن، اما في حالة ليبيا، فان الاجماع العربي لم يتوافر، كما وان روسيا والصين عارضتا البيان حول سورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق