الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

خطة الأسد: تكرار النموذج الإيراني في قمع التظاهرات... والتطلّع شرقاً الى حين


ينقل بعض الاميركيين عن سفير سورية في واشنطن عماد مصطفى قوله ان نظام الرئيس بشار الاسد سينجح في وقف التظاهرات المطالبة برحيله، ولكن بتكلفة باهظة سياسيا ودوليا، وستصبح الثورة السورية كنظيرتها الصينية في العام 1989 عندما وقف المتظاهرون في وجه الدبابات التي سحقتهم في ساحة تيان ان مين في العاصمة بكين، رغم صراخ عواصم العالم واعتراضاتها.
ويقول مصطفى ان نتائج سحق دبابات الاسد للمتظاهرين السوريين ستتسبب في بعزلة دولية خانقة على نظام الاسد، خصوصا من الولايات المتحدة والدول الغربية، الا ان دمشق، بحسب السفير السوري، ستلتفت «شرقا»، اي في اتجاه الصين وروسيا والهند، لتمتين علاقاتها مع هذه الدول في العقد المقبل، ريثما ينسى العالم الدموية التي استخدمها الاسد للبقاء في حكمه، ثم تعاود العواصم الغربية انفتاحها على دمشق، بعد عشر سنوات ربما، وكأن شيئا لم يكن.
ويستنتج الباحثون الاميركيون، من كلام مصطفى، انه فيما يقوم العالم بتشبيه الثورة السورية بثورات مصر وتونس واليمن وحتى ليبيا، ويتنبأ البعض بسقوط الاسد في خضم الربيع العربي، فان الاسد يعمل على اجراء مقارنات بين سحقه للثوار واستمراره في الحكم، على غرار الصين في العام 1989 او ايران في العام 2009، حيث نجحت اجهزة الامن في الدولتين في قتل المتظاهرين في الشارع واعتقال الكثيرين وتعذيبهم وانهاء حالة التمرد.
بيد ان النموذج الايراني في قمع الثورة الخضراء، والذي يبدو وكأنه نجح في تثبيت النظام، ليس ثابتا كما يبدو ظاهريا.
في مقابلة مع «الراي»، يقول الباحث الاميركي من اصل ايراني في مركز كارنيغي للابحاث كريم سدجادبور ان الوضع في ايران اليوم ليس كما كان عليه قبل اندلاع «التظاهرات المعادية للنظام في 15 يونيو 2009، والتي كانت اكبر بكثير من اي تظاهرة في الشرق الاوسط هذه السنة».
ويشير الى تقارير صادرة عن جمعيات غير حكومية، مثل «الشفافية العالمية» و«فريدوم هاوس» وحتى البنك الدولي، جاء فيها ان «معدلات الفساد والتعثر الاقتصادي والقمع في عهد (الرئيس الايراني محمود) احمدي نجاد اعلى بكثير من معدلات مصر تحت حكم (الرئيس السابق حسني) مبارك وتونس تحت حكم (زين العابدين) بن علي».
ويعتبر سدجادبور انه رغم مرور اكثر من سنتين على اندلاع وتلاشي ما صار يعرف بـ «الحركة الخضراء» المناوئة لحكم مرشد الثورة علي خامنئي ونجاد، فان النظام الايراني ما زال يخشى من تأثير المعارضة والمعارضين في الشارع الايراني، والدليل، حسب سدجادبور، ان ايران مازالت تحتجز الزعيمين المعارضين حسين موسوي، البالغ من العمر 69 عاما، ومهدي كروبي، البالغ من العمر 73، منذ اكثر من سنة. ويتساءل الباحث الاميركي الايراني: «اذا كان موسوي وكروبي لا يتمتعان بأي نفوذ او شعبية، كما قال احمدي نجاد، فلماذا يبقيان تحت الاقامة الجبرية؟».
وتحدث سدجادبور عن الضعضعة داخل النظام الايراني، وقال ان «آية الله مصباح يزدي، قال بعد انتخابات 2009 الرئاسية المطعون بصحة نتائجها ان اطاعة احمدي نجاد هي كطاعة الله». يزدي نفسه اليوم، يقول سدجادبور، انقلب على الرئيس الايراني وقال اخيراً ان احمدي نجاد هو «تحت تأثير الشيطان».
وقال ان الرئيس الايراني يواجه مشاكل عديدة، تتصدرها مسألة الفساد المستشري بين رموز الحكم. ويشير الى انه رغم تقديم احمدي نجاد الى الايرانيين وعدا مفاده انه سيقوم بقطع يد اي من يثبت فساده، فهو لم يحرك ساكنا عندما ثبت ان مستشاره وقريبه بالمصاهرة رحيم مشائي قام باختلاس مبلغ 2 مليار و600 مليون دولار.
واعتبر الباحث الاميركي من اصل ايراني راي تقي انه على عكس الاعتقاد السائد، لم تفشل «الحركة الخضراء» في ايران في العام 2009، بل نجحت «في تعرية الامبراطور(خامنئي) من ثيابه». وقال تقي الذي يعمل في «مجلس الشؤون الخارجية» ان «خامنئي واحمدي نجاد يتزعمان نخبة ايرانية منقسمة على نفسها حيث قام الرعيل الاول من ثوريي 1979 ورجال الدين المحترمين بالانضمام للثورة (ضد خامنئي ونجاد) فيما الاجهزة الامنية التابعة للنظام غير اكيدة من مواقف كوادرها».
وتزداد متاعب ايران في خضم الحصار الاقتصادي الخانق الذي تفرضه عليها المجموعة الدولية، بقيادة واشنطن، ما اجبر طهران على اصدار قرارات تحظر خروج العملة الصعبة الى خارج البلاد.
وتقول مصادر اميركية ان الرئيس السوري، الذي يواجه متاعب مالية منذ اندلاع الثورة السورية منتصف مارس الماضي، «طلب من حلفائه الايرانيين مساعدة مالية، الا ان ايران لم تتمكن من تقديم اي مال او نفط له في وقت تعاني هي نفسها من نقصان في المادتين».
ويعتقد سدجادبور ان «انهيار الاسد سيوجه ضربة قاصمة الى النظام الايراني»، وهو ما يعني ان الثورتين الايرانية في العام 2009 والسورية في العام 2011 تغذيان بعضهما البعض، وان المتاعب التي يواجهها النظامان الحليفان تغذي بعضها البعض كذلك.
وبالنظر الى المتاعب الايرانية حتى بعد نجاح طهران في اخماد ثورتها، هل ينجح الاسد في اخماد ثورته، وهل تقدم ايران نموذجا ناجحا لحياة الاسد في الحكم في حال نجاحه في اخماد ثورته؟
لا تعتقد المصادر الاميركية ان الاسد سينجح في اخماد ثورته اصلا، بل تعتبر ان «كلام مصطفى هو من قبيل التعمية على الحقائق التي ينتهجها النظام وجزءاً من الدعاية».
ومصطفى كان اطل على الاميركيين عبر شبكة «سي ان ان»، اول من امس، ونفى حصول تظاهرات سلمية او وقوع قتلى في سورية، وأكد ان كل القتلى هم من رجال الامن وعائلاتهم ممن تقتلهم عصابات اسلامية متشددة، مشيرا الى ان القيادي في تنظيم «القاعدة» ايمن الظواهري اطل كي «يتبجح» بأعمال تنظيمه التخريبية داخل سورية.
على انه رغم محاولاته المستميتة في الدفاع عن نظامه، ظهر مصطفي مرتبكا. وعندما قدمت له الاعلامية هالة غوراني تصريحات قادة الدول الغربية والعربية في ادانة نظامه، اشار مصطفى الى ان الصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا والهند مازالت تؤيد نظام الاسد، وهي خطة «التطلع شرقا» نفسها التي كشفها السفير السوري امام زواره الاميركيين، وهي الخطة نفسها التي تعتمدها طهران، ولكن يبدو انها، على الاقل حسب الباحثين الاميركيين الايرانيين، لم تنجح كما يجب.
فهل يصمد الاسد ويتبع حليفته ايران في ضعضعتها المحلية والدولية؟ ام ينهار حسب الاعتقاد السائد في واشنطن ويساهم تاليا في انهيار حليفته ايران؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق