| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
تتجه المؤسسة الحاكمة داخل الحزب الجمهوري الى تبني مات رومني مرشحا للرئاسة للعام المقبل ليواجه الرئيس باراك اوباما في معركة يعتقد كثيرون، وفي مقدمهم المستشار الرئاسي السابق و«عقل الحزب» كارل روف، انها خاسرة، خصوصا بعدما اظهرت احدث استطلاعات الرأي التي اجراها معهد «غالوب»، امس، ارتفاعا كبيرا في شعبية اوباما.
رومني، حاكم ولاية ماساشوستس سابقا، يستعد للمرحلة الاولى من الانتخابات الرئاسية التمهيدية في ولاية آيوا، والمقررة الثلاثاء المقبل، وقد انفقت حملته الانتخابية ما يقارب مليوني دولار ثمنا لاعلانات دعائية خصصتها لمهاجمة منافسه رئيس مجلس النواب الاسبق نيوت غينغرتش، الذي كانت استطلاعات الرأي تشير الى انفراده في الطليعة، لتتراجع شعبية غينغرتش لمصلحة منافس آخر لرومني هو عضو الكونغرس رون بول.
ويبدو ان السباق على الصدارة لانتزاع ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة صار ينحصر بين رومني وبول في ولايات اخرى غير آيوا، مثل نيوهامبشر، الولاية الثانية التي ستشهد انتخابات تمهيدية للحزب يوم الثلاثاء 10 يناير.
اركان الحزب الجمهوري من امثال روف، يعبرون عن انزعاجهم لخلو حزبهم من مرشحين جديين، مما حدا بروف الى القول ان على حزبه التركيز على انتزاع اكثرية مجلس الشيوخ من الحزب الديموقراطي في انتخابات 2012، فيسيطر بذلك الجمهوريون على الكونغرس بغرفتيه الشيوخ والنواب.
اما أسباب غياب المرشحين الرئاسيين الجديين فمتعددة، اولها محاولة هؤلاء تفادي خوض مواجهة مع رئيس يستعد لولاية ثانية، وهي المواجهات الرئاسية الاصعب اذ تشير الارقام الى نجاح سبعة من اصل آخر عشرة رؤساء اميركيين منذ هاري ترومان، في الاحتفاظ بمنصبهم لولاية ثانية.
صعوبة إلحاق الهزيمة برئيس يستعد لولاية ثانية دفعت بالأكثر شعبية من بين المرشحين الجمهوريين، من امثال حاكم ولاية نيوجيرزي كريس كريستي، الى اعلان عزوفه عن الترشح هذه الدورة وتبنيه رومني. اما ثاني اسباب عزوف آخرين عن خوض انتخابات 2012 للرئاسة هو صغر سنهم، خصوصا الواعدين من بينهم كعضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو، ابن الاربعين عاما.
كذلك تعمد المؤسسة الحاكمة في الحزب الجمهوري الى تشجيع جب بوش، حاكم ولاية فلوريدا سابقا والاخ الاصغر للرئيس السابق جورج بوش الابن، على الترشح لاستعادة البيت الابيض، لكن يبدو ان عائلة بوش تشعر انها اطالت في سيطرتها على البيت الابيض بعد اربعة اعوام ترأس فيها الاب جورج بوش (1988-1990)، ثم ثمانية اعوام لمصلحة ابنه البكر جورج (2000-2008).
رغم ذلك، لم يقفل جب بوش الباب امام احتمالات ترشحه في العام 2016 عندما يرجح ان تكون كل الاحتمالات مفتوحة، كما في العام 2008، اذ من غير المتوقع قيام نائب الرئيس جو بايدن بترشيح نفسه في وقت سيصبح عمره 74 عاما.
والحزب الجمهوري يدرك انه مازال باكرا الحديث عن انتخابات 2016، وتعرف المؤسسة الحاكمة في داخله ان عليها اختيار احد المرشحين للرئاسة للعام 2012، رغم ضعفهم جميعا، ويبدو ان رومني هو الاوفر حظا لانتزاع تأييد المؤسسة الحاكمة وتاليا فوزه بترشيح الحزب.
المشكلة في رومني انه لا يتمتع بأي كاريزما، وهو من مذهب المورمون، ما يجعل كسب تأييد اليمين المسيحي المحافظ صعبا بالنسبة اليه. كذلك، يأخذ الجمهوريون على رومني انه صاحب فكرة مشروع الضمان الصحي، الذي اقره الكونغرس بطلب من اوباما في العام 2009. وكان رومني اقر مشروعا مشابها عندما كان حاكما لولاية ماساشوستس، ذات الاغلبية الديموقراطية، بين العامين 2003 و2007.
الا ان مشكلات رومني تتلاشى مقارنة بمشكلات منافسه الرئيسي حاليا رون بول، الذي يأخذ عليه الجمهوريون عداءه المطلق لدولة اسرائيل، طفلة الحزب الجمهوري المدللة. ويكرر بول ان اسرائيل «ثقل» وليست «ذخرا» لبلاده في السياسة الخارجية. والمعروف ان بول دعا مرارا وعلنا الى ايقاف كل المساعدات الاميركية الى اسرائيل، وينقل عنه انه قال يوما انه لم يكن في مصلحة الولايات المتحدة الدخول في الحرب العالمية الثانية ابدا.
بول هو من مجموعة تطلق على نفسها اسم «التحررية» داخل الحزب الجمهوري، وهي تدعو الى الحرية الفردية والى الغاء الحكومة كليا، والغاء مفهوم الضرائب والجيش، الى حد ان قام بول يوما بالدعوة الى ايقاف استخدام العملة الورقية، الدولار، واستبدالها بالمبادلة التجارية او باستخدام الذهب والفضة.
عداء بول لاسرائيل، وافكاره المتطرفة حول الحرب الكونية ومفهوم الدولة والمال والضرائب، يجبر كبار الحزب الجمهوري الابتعاد عنه وتبني مرشح اكثر اعتدالا.
مرشحون آخرون حاولوا تقديم انفسهم على انهم الافضل، من امثال غينغرتش، الذي كان رئيسا لمجلس النواب في منتصف التسعينات وساهم في اقفال الحكومة الفيدرالية في وجه الرئيس الاسبق بيل كلينتون، اضافة الى مغامراته الجنسية وخياناته الزوجية واقترانه للمرة الثالثة بعد طلاقه من زوجتيه الاولى والثانية.
هذا التاريخ العام والشخصي قدم مادة دسمة لمنافسيه استخدموها لشن هجمات ضده اثناء المناظرات الرئاسية كما في اعلاناتهم الدعائية، رغم ان غينغرتش نجح باستقطاب كثيرين لأدائه المتيز في المناظرات، وهو يسوق نفسه على انه احد من المشاركين في ايصال الرئيس الاكثر شعبية لدى الجمهوريين رونالد ريغان الى الحكم في العام 1980.
في قعر اللائحة بحسب شعبيتهم، وفق استطلاعات الرأي، عدد من المرشحين من امثال حاكم ولاية تكساس ريك بيري، وعضو الكونغرس المرشحة ميشيل باكمان، والسناتور السابق ريك سانتوروم، وسفير الولايات المتحدة السابق الى الصين جون هنتسمان.
وكان بيري دخل السباق متصدرا، ثم ما لبثت ان انهارت شعبيته بعد ادائه الكارثي في المناظرات الرئاسية المتعددة. اما باكمان، فهي تصدرت في الماضي، الا ان تطرفها في اتجاه اليمين يكسبها ثقة «مناصري حفلة الشاي»، ولكن هؤلاء لا يكفون لايصال مرشح رئاسي بمفردهم.
بدورهما، مازال سانتوروم وهنتسمان من دون شعبية تذكر، لكن المفاجآت واردة، في انتخابات آيوا - كما في نيوهامبشير والولايات الثماني والاربعين الاخرى ومقاطعة واشنطن العاصمة - التي ستليها.
بغياب المرشحين الجديين، يجد اركان الحزب الجمهوري انفسهم مضطرين للسير في خيار رومني. وكانت اولى بوادر هذا التأييد ما تسرب من مكتب المرشح الرئاسي السابق وعضو الكونغرس الجمهوري عن ولاية آريزونا جون ماكين، عن نيته تأييد رومني.
ولتأييد ماكين، الذي يتمتع بشعبية في ولاية نيوهامبشير التي فاز في انتخاباتها التمهيدية في العام 2008، اثر كبير على بقية أركان الجمهوريين، الذين من المتوقع ان يتبنوا ترشيح رومني واحدا بعد الآخر في معركة لا يعلق عليها معظمهم اي آمل في اخراج اوباما من البيت الابيض واستبداله بواحد من حزبهم.
مدونه رائعه شكرال لمجهوداتكم
ردحذف