السبت، 17 مارس 2012

دراسة أميركية: التسوية في سورية لم تعد ممكنة ولا علاقة للمتمردين بتنظيم «القاعدة»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

اعتبرت دراسة اميركية صادرة عن مركز ابحاث «فهم الحرب»، امس، انه مع التصعيد الكبير في العنف الذي مارسه نظام الرئيس السوري بشار الاسد في الاسابيع القليلة الماضية، لم يعد ممكنا «العودة عن التصعيد او التوصل الى تسوية عبر المفاوضات».
وجاء في الدراسة ان المعارضة السورية المسلحة في الداخل لا ترتبط بالمعارضة السياسية في الخارج، وان لا مركزية حركة التمرد السورية المسلحة ضرورية اذ من غير الممكن ان يقوم الثوار، في اي ثورة، بانشاء مركز قيادة عسكري مركزي، مع العلم ان الفصائل السورية المختلفة تنضوي تحت لواء «الجيش السوري الحر» وقيادته الشكلية في تركيا بزعامة العقيد المنشق رياض الاسعد.
كما ابدى التقرير اعجابا بالكفاءة العالية التي اظهرها المتمردون المسلحون السوريون، وهم مزيج من العسكريين المنشقين عن الجيش النظامي ومن المتطوعين المدنيين، ومعظمهم ممن خدموا في الجيش الزاميا في الماضي.
وقال التقرير ان الثوار انسحبوا بشكل منظم من المناطق التي سيطروا عليها بعد مواجهاتهم مع القوات النظامية، مثل حي بابا عمرو في حمص. واضاف ان الانسحابات جاءت لتفادي استنزافهم، وللحفاظ على قدراتهم القتالية للمستقبل، وللسماح للباقين من سكان الحي، والبالغ عددهم 4000، بالخروج من تحت الحصار الذي فرضته قوات الاسد.
التقرير اعده جوزف هوليداي، وهو ضابط خرج قبل اشهر قليلة من «وكالة استخبارات الجيش» الاميركي بعد ان خدم في مناطق ساخنة مثل العراق. ويعتقد هوليداي ان للولايات المتحدة مصلحة في «التسريع من سقوط نظام الاسد»، واحتواء اي تمدد محتمل للصراع السوري الى دول مجاورة، وتحقيق نفوذ لدى الدولة والقوات السورية المسلحة التي ستحكم البلاد بعد الاسد. لذا، يدعو هوليداي حكومة بلاده الى «تطوير علاقاتها مع العناصر الاساسية للحركة السورية المعارضة المسلحة للوصول الى تعريف الاهداف المشتركة معها ولادارة نتائج السقوط المحتمل لنظام الأسد».
واعتبر ضابط الاستخبارات السابق ان فرص بقاء الاسد مرتبطة بالمساعدات العسكرية والتقنية الايرانية، واحتمالا الروسية. من دون هذه المساعدة، تبدو فرص نجاة الاسد قليلة اذ ان قواته اظهرت، على مدى تسعة اشهر من القتال ضد المتمردين، انه لا يمكنها شن اكثر من حملة عسكرية مركزة في وقت واحد، وهو ما سمح للمتمردين بتحقيق نجاحات عبر قيامهم بتنفيذ هجمات ضد الجيش النظامي في نقاط متعددة ومتباعدة جغرافيا، وهو ما شتت قوات الاسد وبعثر امكاناتها.
وضرب هوليداي مثالا على محدودية امكانات قوات الاسد بترتيبها هدنة مع المتمردين الذين سيطروا على مدينة الزبداني القريبة من دمشق ومن الحدود السورية مع لبنان. وقال انه في الاثناء نفسها التي سيطر فيها المتمردون على الزبداني، نجح متمردون آخرون من دون تنسيق فعلي بالسيطرة على بعض ضواحي دمشق، مما اجبر النظام على تأجيل الحسم في الزبداني حتى تنتهي عملياته لاستعادة الضواحي.
ويعتقد هوليداي انه ما لم تطور قوات الاسد قدرات على شن اكثر من حلة عسكرية في وقت واحد، وهذا لن يحصل من دون مساعدة عسكرية روسية وايرانية، فلن يكون لديها اي فرصة للقضاء على التمرد المسلح ضد حكم الاسد.
ويتابع التقرير ان محدودية امكانات قوات الاسد تجبره على استخدام القوة المفرطة للتخلص من بؤرة توتر في اسرع وقت ممكن للانتقال الى منطقة اخرى في سعي دائم لمنع الثوار من تثبيت سيطرتهم على منطقة معينة لزمن طويل نسبيا.
ويعتبر هوليداي انه في بداية المواجهات العسكرية للثورة، والتي جاءت بعد ثلاثة اشهر على اندلاع الانتفاضة الشعبية في شهر مارس 2011، حاولت قوات الاسد استخدام العنف بطريقة انتقائية ومركزة، الا ان ازدياد عدد المتمردين ومساحة انتشارهم، بالاضافة الى تطور الاوضاع السياسية العالمية بطريقة اعطت الاسد الضوء الاخضر، سمحت لقوات النظام بتغيير اسلوبها واستخدام القوة المفرطة العشوائية للتخلص من المتمردين ومعاقبة المدنيين الذي يؤونهم.
على ان قوة الاسد المفرطة لم تنجح في القضاء على المتمردين، بل شتتهم الى مدن اخرى، مثل انتقالهم من حمص الى ادلب، او الى مناطق خارج المدن، مثل انتقالهم من بانياس وضواحي دمشق الى رنكوس والحولة، وغالبا ما يحدث الانتقال مع الابقاء على قدرات المتمردين القتالية، وهذه تعود بدورها لترهق القوات النظامية اكثر فأكثر عبر كمائن تستهدف خصوصا طرق الامداد والتنقل للنظاميين. ثم ان الازدياد في استخدام القوة المفرطة، من قبل الاسد، يساهم في تسريع وتوسيع دائرة الانشقاقات في الجيش.
هوليداي قال ايضا ان لا عمليات تزويد المعارضة المسلحة بالعتاد تجري حاليا، وذلك بالنظر الى ارتفاع اسعار السلاح في سورية وفي المناطق العراقية واللبنانية التي يتم من خلالها تهريب السلاح. واوضح هوليداي ان سعر الكلاشينكوف ارتفع من الف الى الفي دولار، وكذلك قاذفة آر بي جي، في كل من الموصل العراقية والقاع اللبنانية والمدن السورية، وهو ما يظهر ان السوق مشتركة، وان لا سلاح غير سلاح السوق السوداء متوافر حاليا، والا لكان انخفض سعر هذه الاسلحة.
وشدد هوليداي على ان استعادة الاسد بانياس جاءت بطلب ايراني خاص، على اثر زيارة قاسم سليماني الى دمشق، لان بانياس نقطة حيوية فيها مقرات للحرس الثوري الايراني وهي نقطة تزويد اسلحة لحزب الله اللبناني لقربها من مناطق جديدة يابوس ودير العشائر.
ومما ورد في تقرير هوليداي المفصل ان الضباط برتب رائد ونقيب وملازم اول هم عصب التمرد المسلح، وخص بالذكر الملازم الاول عبد الرزاق طلاس، وهو من الرستن وابن شقيق وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس. وقال هوليداي ان نجم طلاس لمع في معارك الرستن وبابا عمرو الى حد دفع بوسائل اعلام الاسد وايران الى بث تقارير عن مقتله، علما ان طلاس اطل يوم السبت الماضي في فيديو ليكذب هذه التقارير.
كذلك رسم هوليداي تصورا لاهم قطاعات الجيش السوري الحر، فقال ان ابرزها هي كتائب «خالد بن الوليد» في حمص، و«العمري» في درعا، و«هرموش» في جبل الزاوية، و«عبيدة بن الجراح» في دمشق، و«قاشوش» في حماة، و«حمزة» في مدينة ادلب، و«ابابيل» في حلب، و«سامر نونو» في بانياس وطرطوس، و«صلاح الدين الايوبي» في جسر الشغور.
وختم بتأكيد ان لا علاقة للمتمردين السوريين بتنظيم «القاعدة»، رغم محاولة الاخير تنفيذ اطلالات اعلامية توحي وكأنه يشارك في مواجهة الاسد عسكريا. كما رجح ان يكون نظام الاسد متورطا في التفجيرات الانتحارية المزعومة في دمشق ومناطق سورية اخرى.

هناك تعليقان (2):