الأربعاء، 11 أبريل 2012

ماذا تعرف أميركا عن برنامج إيران النووي؟

واشنطن - من حسين عبد الحسين
المجلة

تقول إحدى الروايات الاميركية المتناقلة منذ حين ان الرئيس السابق جورج بوش طلب من مدير “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) السابق مايكل هايدن اعداد جلسة تقييم حول الملف النووي الايراني. أثناء الجلسة، اتضح ان واشنطن تعاني نقصا فادحا في المعلومات حول النشاط الايراني، مما دفع بوش، على غير عادته، بالتوجه غاضبا الى هايدن بالقول: “لا اريد ان يجد اي رئيس اميركي نفسه في وضع مجبر فيه على الاختيار بين توجيه ضربة عسكرية الى المنشآت النووية الايرانية، او تبني سياسة احتواء للتعايش مع ايران نووية”.

منذ ذلك الوقت، تبنت واشنطن خطة تقضي بتخصيص امكانات هائلة لجمع المعلومات الاستخباراتية الخاصة بإيران. وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تحقيقا اشارت فيه الى انه تم انشاء مكتب مكلف جمع المعلومات حول ايران، بعدما كان الامر في يد “مكتب الشرق الادنى”. وتقول الصحيفة ان عدد العاملين في ما صار يعرف بـ “بيت بلاد فارس” ارتفع من عشرات الى مئات، وهو يتضمن محللي صور الاقمار الاصطناعية، وصور طائرات شبح التجسسية من دون طيار، التي تحطمت احداها في ديسمبر الماضي.

كما يتضمن العمل الاستخباراتي المخصص لنظام طهران عمليات تنصت على جميع الهواتف الايرانية، وعمليات اختراق لشبكة الانترنت، وحواسيب مؤسسات الدولة و”الحرس الثوري الايراني”، وعمليات تنسيق مع اجهزة استخبارات دول حليفة في المنطقة. كل هذه العمليات الاميركية، بحسب الصحيفة، ادت الى ازدياد هائل فيما تعرفه الولايات المتحدة حول تطور الملف النووي الايراني.

تحقيق الـ “واشنطن بوست”، المنسوب الى مسؤولين كبار في الادارة الاميركية، يعتبر ان القيادة في ايران لم تتخذ حتى الآن قرار صنع سلاح نووي، حسب المعلومات الاستخبارية الاميركية، وانه في حال قرر الايرانيون ذلك، فسيحتاجون الى سنة على الاقل، وهو ما يعطي الرئيس باراك اوباما متسعا من الوقت لتنفيذ ضربة عسكرية تعيق القرار وتؤخر صناعة السلاح النووي الايراني سنوات عديدة.



وجاء التحقيق بعد يومين فقط من مقالة للكاتب في الصحيفة نفسها، المعروف بقربه من ادارة اوباما، دايفيد اغناتيوس، اشار فيه الى ان اوباما حمّل رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان رسالة الى مرشد الثورة الايراني علي خامنئي، عرض عليه فيها موافقة المجتمع الدولي على استمرار عملية تخصيب ايران لليورانيوم من العيار الخفيف، حفظا لماء وجه النظام، وتخلي طهران عن التخصيب الى الدرجات العليا القابلة للتصنيع العسكري. في مقابل التعاون الايراني، يرفع المجتمع الدولي العقوبات ويبدأ انفتاحه على طهران.

لم تعجب “تسريبات” فريق اوباما الى صحيفة “واشنطن بوست” اليمين الاميركي المطالب بتوجيه ضربة على وجه السرعة الى ايران لمنعها من حيازة السلاح النووي، فوصفت نائبة رئيس مركز ابحاث “اميريكان انتربرايو انستيتيوت” اليمينية المحافظة دانيال بليتكا مقال الصحيفة بانه جزء “من حرب معلومات يشنها اوباما ضد.. اسرائيل”.

وقدمت بليتكا، في ايميل ارسلته الى عدد من المعنيين بالموضوع، عددا من النقاط هدفت من خلالها الى تفنيد وجهة نظر اوباما، واعتبرت ان ما تعرفه واشنطن عن منشآت ايران النووية يفيد بأنها تحت طبقات من الاسمنت المقوى، وانه ليس بوسع طائرات التجسس من دون طيار ومناظيرها العاملة بأشعة ما تحت الحمراء اختراق هذه الطبقات.

واضافت بليتكا ان التجسس على التيليفونات والفاكسات الاميركية لا يشي بالكثير، وانها على دراية بعمل شبكات العملاء المزدوجين، وان طهران بارعة في تضليل اميركا في هذا المضمار. ومما قالته بليتكا ان تاريخ “وكالة الاستخبارات المركزية” الاميركية مليء بالاخطاء، من ضمنها فشل الوكالة في التنبؤ بقيام الهند بتجارب نووية، وفشلها في كشف شبكة خان الباكستانية للمبيعات النووية الدولية، وفي كشف البرنامج النووي السوري، والعراقي، والكوري الشمالي، وفي فشلها في تنبؤ وقوع هجمات 11 سبتمبر، والثورة الايرانية، والربيع العربي.

واتهمت بليتكا ادارة اوباما باستخدام المعلومات الاستخباراتية لاهداف سياسية. بيد ان بليتكا اغفلت ذكر فشل الاستخبارات الاميركية في تقدير وجود اسلحة دمار شامل عراقية، ربما لان بليتكا وفريق من اليمين الاميركي استند الى المعلومات الاستخباراتية نفسها لشن الحرب في العراق، وهو ما يثبت نظرية بليتكا ان الاستناد الى تقارير الاستخبارات الاميركية علنا غالبا ما يكون ضمن حملة سياسية اكثر منها تشخيصا دقيقا للواقع على الارض.

هناك تعليقان (2):