|واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جاء في تقرير «خدمة ابحاث الكونغرس» حول الكويت، المحدث على غير عادة في فترة قصيرة لم تتجاوز الشهرين، ان «مجلس الامة برهن انه حازم كالمجالس السابقة»، متحدثا عن «نجاح» استحقاق استجواب النائب صالح عاشور لرئيس الوزراء، اواخر الشهر الماضي، اذ ان «المعارضين لم يتقدموا بتصويت طرح ثقة، ما ساهم بنزع فتيل الازمة جزئيا... على الاقل موقتا».
وكان آخر تقرير صدر في 8 فبراير الماضي، واستبعدت فيه الخدمة «نشوب ما اسمته (انتفاضة شعبية) في الكويت على غرار ما تشهده بعض الدول العربية، معتبرة ان في البلاد تقليدا من حرية الرأي، خصوصا من خلال الافتتاحيات والمقالات التحليلية» الواردة في الصحف المختلفة.
وورد في تقرير فبراير، كما في التقرير الحالي، ان «البحبوحة النسبية» التي يعيشها الكويتيون تساهم كذلك في تثبيت الاستقرار، وان «الكويت مجتمع ثري حيث يبدو ان اكثرية المواطنين لا ترغب بالمخاطرة برفاهيتها الاقتصادية».
ويرى التقرير ان الاضطرابات التي حصلت في الكويت لم تتعد كونها احداثا ثانوية، «لذلك لم تدل ادارة (الرئيس باراك) اوباما بأي تصريحات، على مستوى رفيع، حول هذه الاحداث او حول ردة فعل الحكومة الكويتية تجاهها»، وانه «لا توجد اي دلائل تشير الى ان الاضطرابات اثرت في علاقة الولايات المتحدة والكويت».
ولفت التقرير المحدّث الى حكم قضائي بايقاف صدور جريدة «الدار»، والى الحكم على محمد المليفي بالسجن سبع سنوات «لكتابته تغريدة فيها اهانة لمعتقدات الشيعة».
وكرر التقرير ما ورد في سابقه حول موقف الكويت اقليميا، بالقول انه «جزئيا بسبب التخبط، تميل الكويت الى تبني المواقف الاجماعية داخل مجلس التعاون الخليجي»، مضيفا ان «التوكيل الكويتي يبدو ظاهرا في موقف البلاد من الصراع العربي - الاسرائيلي، كذلك في موقفها من الانتفاضات في اليمن وسورية والبحرين».
ولكن التقرير الاخير اضاف انه تم «حل الشؤون الثنائية الكويتية - العراقية اثناء زيارة رئيس حكومة العراق نوري المالكي الى الكويت، منتصف مارس، ما مهد الطريق لحضور سمو الامير صباح الاحمد الجابر الصباح لمؤتمر قمة جامعة الدول العربية الذي انعقد في بغداد بين 27 و29 مارس».
وذكر التقرير ان زيارة المالكي ساهمت كذلك في التوصل الى حل للقضية المرفوعة من قبل «الخطوط الجوية الكويتية» والمطالبة بمبلغ مليار و200 مليون دولار كعطل وضرر عن طائرات كويتية تمت سرقتها اثناء الغزو العراقي في العام 1990. وبموجب الحل الذي تم التوصل اليه، ستسدد بغداد تعويضات للكويت بقيمة 300 مليون دولار، وستساهم بـ200 مليون دولار في الاستثمار في شركة خطوط جوية كويتية - عراقية مشتركة. وختم التقرير انه على اثر زيارة المالكي، تم استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين عاصمة البلدين.
وأعاد التقرير التذكير بالسياسة الاقتصادية الكويتية مشيراً إلى ان الأزمة المالية العالمية خلال العامين 2008 و2009 تسببت في إحداث اضطراب اقتصادي، وذلك على خلفية تراجع أسعار الأسهم (في البورصة الكويتية) وتأثيرات انخفاض أسعار النفط. وكما أشرنا آنفاً، فإن التنازعات بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية تسببت في تأجيل تمرير إجراءات (اقتصادية) تحفيزية تهدف إلى معالجة تلك الأزمة. لكن مع انحسار الأزمة، اتخذ البرلمان الكويتي (مجلس الأمة) خطوات في سبيل محاولة ضمان العافية الاقتصادية الكويتية على المدى الطويل. فلقد مرر المجلس تشريعا بدأ سريانه في سبتمبر من العام 2010، وهو التشريع الذي يهدف إلى خصخصة قطاعات كبرى في الاقتصاد الكويتي، وحسب تقارير، فإن خطة الخصخصة، التي تستهدف مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية، تمضي قدما بشكل جيد، لكن هناك بعض الكويتيين - خصوصا أولئك المجنسين حديثا والأقل رخاء من مواطنيهم الأقدم عهدا بالجنسية - يخشون أن الخصخصة ستجلب معها معدلات بطالة أعلى، والواقع أن الميزانية الكويتية الضخمة التي تم اعتمادها في أواخر يونيو 2011 ربما كان الهدف من ورائها هو التخفيف من حدة تلك المخاوف. ومع ذلك، فإن المأزق السياسي في الكويت إلى جانب توقعات حدوث ركود اقتصادي سياسي واقتصادي هما أمران تسببا في تراجع حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في الكويت بشكل ملموس بالمقارنة مع جاراتها. فخلال السنوات العشر الفائتة، لم يُستثمر في الكويت سوى 800 مليون دولار أميركي، وفي المقابل، وخلال تلك الفترة الزمنية ذاتها، تم استثمار 10 مليارات في البحرين و73 مليارا في الإمارات العربية المتحدة و130 مليارا في السعودية.
والواقع ان ذلك المأزق السياسي بين الحكومة والمجلس تسبب ايضا في عرقلة التحرك في مبادرات كبرى عدة، وكان أبرز تلك المبادرات مشروع التنمية. فهذا المشروع، الذي حظي بدعم من جانب الحكومة، كان من شأنه أن يفتح أبواب حقول النفط الشمالية في الكويت أمام الاستثمارات الأجنبية لانتاج نحو 500 ألف برميل نفط يوميا لتضاف إلى الانتاج الكويتي الحالي. وقد دأب مجلس الأمة على عرقلة ذلك المشروع الذي تبلغ قيمته 8.5 مليار دولار أميركي طوال أكثر من 10 سنوات، وذلك بسبب مخاوف على سيادة الكويت، كما ان مراقبين يقولون انه لا يوجد أي حل وسط في الأفق. وفي ما يخص مشروع لإنشاء مصفاة نفطية رابعة تقدر تكلفتها بنحو 8 مليارات دولار أميركي، فإن مجلس الأمة عرقل ذلك المشروع أيضاً في العام 2008 تحت زعم ان العقود التي تمت ترسيتها من جانب شركة النفط المملوكة للدولة لم تتقيد بالاجراءات المحددة من جانب اللجنة المركزية للمناقصات، وهي الجهة التي تتولى التعامل مع جميع عقود القطاع العام، وهكذا فإن ذلك المشروع ايضا لم يتقدم الى الامام حتى الآن.
كما ان الازمة المالية التي ضربت في العام 2008، مضافا اليها التناحر السياسي الداخلي، تسببا ايضا في جعل الكويت تلغي مشروع شراكة مع مؤسسة داو كيميكال، وهي الشراكة التي كانت تستهدف انشاء اضخم منتج للبوليثيلين على مستوى العالم، فبتاريخ 29 ديسمبر 2008، قررت الحكومة الكويتية إلغاء ذلك المشروع الذي كان من شأنه ان تستثمر الكويت من خلاله 7.5 مليار دولار اميركي من جانب شركة الصناعات البتروكيماوية المملوكة للدولة، كما ان شركة داو كيميكال قد ابرمت اتفاقا حول تلك الشراكة في نوفمبر من العام 2008، لذا فإن داو كيميكال عبرت عن اندهاشها ازاء إقدام الكويت على إلغاء الاتفاق بعد مرور 4 اشهر فقط على ابرامه، وكانت داو كيميكال قد خططت فعليا لاستخدام عوائد ذلك الاستثمار من اجل تمويل شرائها لاسهم شركة «روم آند هاس» وهي الصفقة التي تمت في نهاية المطاف على الرغم من اقرار الإلغاء الكويتي.
ومازال القطاع النفطي الكويتي المملوك للدولة يسهم بما نسبته 75 في المئة من الدخل الحكومي كما انه يشكل ما نسبته 90 في المئة من ايرادات الصادرات الكويتية وتستورد الولايات المتحدة نحو 260 الف برميل يوميا من النفط الخام الكويتي (اي ما يعادل 3 في المئة تقريبا من اجمالي الوارادات النفطية الاميركية)، وكانت قيمة الصادرات الاميركية الى الكويت قد بلغت 2.7 مليار دولار خلال العام 2011، وهو الرقم القريب جدا من السنوات القليلة السابقة على ذلك العام.
وتتمثل معظم تلك الصادرات الاميركية الى الكويت في الاغذية والمعدات الصناعية والسيارات اما بالنسبة الى اجمالي الواردات الاميركية من الكويت خلال العام 2011 فإنه بلغ نحو 7.8 مليار دولار اميركي.
ومثلما هو حال دول خليجية اخرى، فإن الكويت تنظر الى الاستخدام السلمي للطاقة النووية باعتبارها مساويا في اهميته لاهمية اقتصادها، وذلك على الرغم من ان ذلك يتسبب دائما في اثارة مخاوف بين البعض في الولايات المتحدة واسرائيل وفي دول اخرى ازاء النوايا النهائية من وراء السعي الى تطوير برنامج نووي.
ويشار الى ان الكويت تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في سبيل ضمان المراقبة الدولية على اي نشاط نووي في الكويت.
وهنالك مناقشات حاليا حول اعادة احياء المشروع، وفي العام 1994، اصبحت الكويت عضوا مؤسسا في منظمة التجارة العالمية، وفي فبراير من العام 2004 وقعت الولايات المتحدة والكويت اتفاقية اطارية للتجارة والاستثمار (TIFA)، وهي الاتفاقية التي يُنظر اليها غالبا باعتبارها تمهيدا لابرام اتفاقية تجارة حرة (FTA) بين البلدين، وهو الامر الذي اعلنت الكويت انها تسعى اليه، وكانت الكويت قد منحت نفطا بقيمة 500 مليون دولار اميركي الى الولايات المتحدة التي تضررت باعصار كاترينا.
تسلم ياغالى على الموضوع والمدونة الرائعة
ردحذفادسنس-اشهار المواقع-التسويق الالكتروني