الأحد، 6 مايو 2012

واشنطن قلقة من «مغامرة» إسرائيلية في إيران

| واشنطن من حسين عبدالحسين |

أبدى مسؤولون اميركيون قلقهم من الاسباب التي تكمن خلف اعلان رئيس حكومة اسرائيل بنيامين نتنياهو اجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 4 سبتمبر، قبل نحو عام على انتهاء مهلة الكنيست الحالي، وقالوا ان هناك اعتقاد يسود بعض اوساط العاصمة مفاده ان اسرائيل قد «تخوض مغامرة بتوجيهها ضربة عسكرية خاطفة للمنشآت النووية الايرانية» قبل 6 نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية.
«ستون يوما ستجبرنا على حبس انفاسنا والرجاء ان لا تقوم اسرائيل بأي عمل عسكري ضد ايران»، حسب احد المسؤولين الذي تحدث في جلسة مغلقة انعقدت يوم الجمعة.
وكانت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي عززت شكوك بعض المسؤولين الاميركيين عندما بثت تقريرا جاء فيه ان موعد اجراء الانتخابات الاسرائيلية يصادف في وقت يكون فيه الرئيس باراك اوباما شبه مشلول، ولا يمكنه ممارسة ضغط على اسرائيل او توبيخها قبل اسابيع قليلة من الانتخابات في حال قامت بشن ضربة ضد ايران.
ويقول المسؤول الاميركي انه «في العام 1981، اجرى (رئيس حكومة اسرائيل الراحل مناحيم) بيغين الانتخابات، وبعدها فورا وجه ضربة عسكرية الى المفاعل النووي العراقي اوزيراك» او تموز، حسب التسمية العراقية. واجرى المسؤول مقارنة بين العام 1981 واليوم، ولفت الى ان اسرائيل في ذلك الوقت، كما اليوم، اعلنت انها تعطي الديبلوماسية الدولية مداها، وانها قامت بالضربة على اثر فشل محاولات اقناع صدام حسين بالتخلي عن قنبلته النووية. واشار الى ان جولة المفاوضات المقبلة بين مجموعة خمس زائد واحد وايران، والمقررة في بغداد في 23 الشهر الجاري، «من غير المتوقع ان تفضي الى نتائج حاسمة، مما سيعزز خوف الاسرائيليين ويدفعهم اكثر الى التفكير بالخيار العسكري».
القلق الاميركي يأتي كذلك على خلفية التصريحات التي ادلى بها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الى صحيفة اسرائيلية، واعتبر فيها انه بامكان ايران تصنيع قنبلة نووية في غضون 60 يوما منذ اليوم الذي تنجح فيه بتخصيب كمية كافية من مادة اليورانيوم. واعتبر باراك ان ايران تصل مرحلة «المناعة» عند وصول برنامجها الى هذه النقطة، وانه في حال حصل ذلك، يصبح وجود اسرائيل في خطر لانها تصبح غير قادرة على انهاء البرنامج الايراني. وذكّر المسؤول الاسرائيلي بتصريح للرئيس الايراني السابق هاشمي اكبر رفسنجاني قال فيه ان اسرائيل دولة تفنى بقنبلة واحدة.
الا ان مسؤولين اميركيين آخرين يعتقدون ان سبب الانتخابات الاسرائيلية المبكرة يرتبط بحسابات نتنياهو الداخلية، وان رئيس الحكومة الاسرائيلي يرى نفسه في موقع يمكن له توسيع نفوذه السياسي، وازاحة بعض المنافسين مثل حزب كاديما، الذي يترأسه وزير الدفاع السابق شاوول موفاز، وحزب «اسرائيل بيتنا» بزعامة اليميني المتطرف ووزير الخارجية الحالي افيغدور ليبرمان. وتظهر استطلاعات الرأي الاسرائيلية ان نتنياهو سيفوز بعدد كبير من المقاعد في الكنيست قد يصل الى 48 من اصل 120، وان حزب «العمل» بزعامة شيلي ياشيموفيتش سيحل في المرتبة الثانية بقرابة 15 مقعدا، مما يسمح لنتنياهو بتشكيل حكومة جديدة يكون نفوذه داخلها اقوى ومتحررا من حلفائه الحاليين الذي يملون عليه خطوات في السياسة الداخلية تحت طائلة فرط التحالف القائم والاطاحة بالحكومة.
واشنطن تبقي عيونها مفتوحة على السياسات الاسرائيلية الداخلية والحسابات الانتخابية، وتأمل في ان يكون سبب الانتخابات المبكرة داخليا لا خارجيا، وان يرتبط بالتحالفات الاسرائيلية لا بالاستعداد لتوجيه ضربة لايران في الوقت القاتل الذي يجبر اوباما على الدخول في مواجهة مع الايرانيين في حال ابدوا ردة فعل ضد الضربة الاسرائيلية الخاطفة. على ان المسؤولين الاميركيين قالو انهم لاحظوا ان «اي خطة لضرب ايران عسكريا لا تحظى بتأييد اسرائيلي تام، فهي تلقى معارضة خصوصا داخل المؤسستين العسكرية والامنية، وكذلك من عدد من السياسيين الذي ابدوا معارضتهم لها».
على صعيد متصل اظهر استطلاع للرأي اجرته «وكالة اليهود التلغرافية» الاميركية تراجع التأييد الذي يحظى به اوباما بين اليهود الاميركيين 17 نقطة، من 78 في المئة في العام 2008 الى 61 في المئة اليوم. كذلك اظهر الاستطلاع تقدم المرشح الجمهوري ميت رومني بين اليهود من 22 في المئة حصدها المرشح جون ماكين في العام 2008، الى 28 لمصلحة رومني اليوم.
وعلق رئيس «لجنة اليهود الاميركيين» دايفيد هاريس على هذه النتائج بالقول ان اليهود الاميركيين غيرا راضين عن اداء اوباما في مسائل الامن القومي والسياسة الخارجية ودعم اسرائيل، فيما اعتبر ام جاي روزنبرغ، وهو يهودي سبق ان عمل مدة 20 عاما في اللوبي المؤيد لاسرائيل «ايباك» ثم انقلب الى عدوهم اللدود، ان الرأي اليهودي الاميركي، على غرار الرأي الاميركي عموما، يلحظ تراجعا في زخم اوباما. وقال روزنبرغ ان الدليل الاول على كلامه هو اظهار الاستطلاع نفسه ان المسألة الابرز التي تشغل بال اليهود الاميركيين هي الاقتصاد الاميركي، «لا مدى دعم اوباما لاسرائيل حسب زعم هاريس». ويستنتج روزنبرغ ان اليهود الاميركيين، كغيرهم من الاميركيين الآخرين، يهتمون بمصالحهم في الولايات المتحدة اكثر من اكتراثهم للموضوع الاسرائيلي.

هناك تعليق واحد: