الأربعاء، 9 مايو 2012

عجمي عن سوريا: لا جنود على الأرض بل رأس في الرمال

حسين عبد الحسين
المجلة

في حرب كوسوفو في العام 1998، شن “تحالف الأطلسي” 30 ألف طلعة جوية على مدى 11 أسبوعا من القصف، ولم يخسر أي جندي. وماذا فعلت روسيا؟ أرسلت 200 جندي لتحتل مطار بريستينا. عندما سأل قائد التحالف ان كان المطلوب أن يقضي على الجنود الروس المتمركزين في المطار، أوعزت له القيادة السياسية بأن يجعلهم جزءا من قوة حفظ السلام الدولية، التي انتشرت في البلاد على اثر نهاية المواجهات.

على الرغم من الصداقة التي كانت تربط الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون بنظيره الروسي الراحل بوريس يلتسين، تجاهلت الولايات المتحدة روسيا. “لم ننسب إليهم (الروس) قوة ليست بحوزتهم”، حسب البروفسور اللبناني الاميركي فؤاد عجمي، الذي شن هجوما لاذعا على ادارة الرئيس باراك اوباما، لما وصفه بالتراخي حيال الوضع في سوريا. واعتبر عجمي، في محاضرة أدلى بها في واحد من أبرز المؤتمرات السنوية التي تعقدها مراكز الأبحاث الأميركية، ان أحد أنشط أعضاء فريق وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون هو نظيرها الروسي سيرغي لافروف. واضاف: “نحن نستخدم الروس كي نماطل.. أكثر من 14 شهرا مرت، وفي كل مرة نقول ان الخلاص صار قاب قوسين أو أدنى”.

ومما قاله عجمي في مؤتمر “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، الذي انعقد في عطلة نهاية الاسبوع في ضاحية لانسداون، ان كلينتون ادهشته في مقابلتين ادلت بهما اثناء وجودها في الرباط، وقامت خلالهما بـ “توبيخ الثورة السورية، وتوبيخ المعارضة السورية”، بدلا من توجيه انتقاداتها لبشار الأسد الذي تسفك قواته دماء السوريين الأبرياء.

وبعد هجومه الحاد على هيلاري كلينتون والروس، وجه عجمي انتقاداته الى الرئيس الاميركي، وقال: “اوباما ليس لديه اهتمام بإنقاذ الشعب السوري من المتاعب”. هذا التراخي الاميركي، حسب الاكاديمي المعروف، ادى الى مراوحة اميركية و”انتظار الروس لإعطائنا الإذن”.

واعتبر عجمي ان واشنطن تتخذ من “سياسة حدود سوريا” ذريعة أخرى لعدم القيام بأي تحرك لوقف عنف الأسد، مضيفا ان “حساسية هذه الحدود” واحتمال تمدد العنف الى الدول المجاورة، هما بالضبط السبب الذي يجب ان يدفع ادارة اوباما للتدخل. ونقل عجمي عن أصدقاء يعملون على السياسة الاستراتيجية الاميركية اعتقادهم ان “ايران تشن حربا بالوكالة” ضد الولايات المتحدة داخل سوريا، وأن سوريا هي المكان الأنسب لمواجهة الايرانيين.

عجمي، الذي زار مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا مؤخرا، قال ان الشعور لدى كثيرين انه “ربما ادارة اوباما لا تمانع من ان ترى نظام الأسد ينجو ويستمر”. ثم قدم نصيحة الى كلينتون بأن تتحدث الى زوجها الرئيس السابق، “ان كانت تتحدث اليه.. ربما يطلعها كيف تعاطى مع موضوع كوسوفو”. وتابع بالقول: “نحن بحاجة الى حظر جوي، يحظر كذلك تحرك الآليات العسكرية برا، ويؤدي الى انشاء حزام آمن على الحدود مع تركيا، ثم ندع السوريين يقاتلون من اجل حريتهم، وهو ما يفعلونه حاليا على كل حال”.

من دون قيادة الولايات المتحدة الأميركية، يقول عجمي، “لن يقوم أحد بفعل اي شيء في سوريا، لأن سياسة اوباما هي اما جنود على الارض، او الرأس في الرمال”، على غرار النعامة التي تدفن رأسها في الارض، في محاولة للهروب من أي خطر يواجهها. ولأن الأميركيين لا يريدون ارسال جنود الى سوريا، “نعطي النظام السوري الضوء الأخضر كي يفعل ما يشاء”، وهو ما يغضب هذا الأكاديمي الذي لمع نجمه في مؤتمر شارك فيه حشد من الخبراء والمسؤولين الحاليين والسابقين. “لطالما دعمت الحرية، وسأستمر في دعمها”، يختم عجمي مطالعته.

هناك تعليق واحد: