الخميس، 17 مايو 2012

«المال الانتخابي» يتحول لمصلحة الجمهوريين ويمثل مع الوظائف... أكبر تحد لأوباما

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في يوليو الماضي، وقفت وندي كير لتعانق رجلا من زبائنها المعتادين الذي حضر بعدما آلمه سماع خبر نيتها وزوجها بيرني فورين اغلاق مطعمهما في حي جورج تاون الراقي في العاصمة الاميركية، بعد 27 عاما غير منقطعة من العمل. في اليوم التالي، كتب الرجل نفسه في صحيفة «وول ستريت جورنال» مقالا جاء فيه انه «عندما يغلق مطعم فورين ابوابه، سيخسر 14 شخصا عملهم، وسيخسر الزبائن مكانهم المفضل، وسيخسر الحي مكانا للألفة بين سكانه». واضاف: «كل ذلك هو نتيجة الاقتصاد ومسؤولية السيد (باراك) اوباما».
في ذلك اليوم ايضا، جلس الرجل نفسه في زاويته المعتادة وقد تحلّق حوله عدد من العاملين في الشأن العام الاميركي، واستمعوا اليه وهو يقول: «في انتخابات العام المقبل، لا حظوظ كبيرة لحزبنا (الجمهوري) باستعادة البيت الابيض، لذلك سنركز طاقاتنا على الحفاظ على الغالبية في مجلس النواب واقتناص غالبية مشابهة في مجلس الشيوخ».
ذلك الرجل هو من اطلق عليه الرئيس السابق جورج بوش لقب «عقلي»، وهو كارل روف، المستشار الرئاسي السابق، واحد ابرز اركان الحزب الجمهوري، وهو اليوم، بالاضافة الى عمله معلقا سياسيا، يلعب دورا اساسيا في تأمين المال الانتخابي الذي يحتاجه حزبه لالحاق الهزيمة بالحزب الديموقراطي المنافس. 
اول من امس، اعلنت حملة الرئيس باراك اوباما نيتها انفاق 25 مليون دولار ثمن دعاية تلفزيونية في 11 ولاية يعتبرها مستشاروه «ولايات ساحات معركة»، اي ان الاستطلاعات فيها تظهر تقاربا بين اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني. لم يتأخر رد روف الذي اعلن، امس، رصد جمعيته «تقاطع طرق» مبلغا مشابها لانفاقه في الولايات نفسها لشن حملة دعائية مضادة لحملة الرئيس.
مشكلة الديموقراطيين انهم يجهدون لجمع مبلغ 25 مليونا لانفاقه انتخابيا، فيما يحصل الجمهوريون على اضعاف مضاعفة من التبرعات بمجهود اقل بكثير، والنتيجة ان معركة جمع المال الانتخابي الذي تحتاجه حملات الحزبين، الرئاسية والكونغرسية، هي لمصلحة الجمهوريين حاليا بعدما كانت في مصلحة اوباما وحزبه بما لا يقاس في العام 2008.
ورغم تجنيد الديموقراطيين لكل علاقاتهم لتحفيز مؤيديهم، وخصوصا اصحاب الاموال الوفيرة من بينهم، على التبرع، الا ان كمية اموالهم بقيت ضئيلة مقارنة بخصومهم في الحزب الآخر. هذه المشكلة دفعت كثيرين للانخراط لمساعدة اوباما، يتصدرهم الممثل المعروف جورج كلوني، الذي يجوب البلاد ويستخدم علاقاته في هوليود لحض ممثلين من زملائه على العطاء لاوباما. الاسبوع الماضي مثلا، اقام كلوني حفل عشاء حضره اوباما وجمع خلاله 15 مليون دولار لمصلحة الحملة.
في مقابل كلوني عند الديموقراطيين، يبرز الاخوان كوك عند الجمهوريين، وكوك يعملان في قطاع النفط، وهما من اثرى 20 مليارديرا اميركيا بثروة تقدر بـ 25 مليار دولار لكل منهما. دايفيد كوك يدير جمعية «اميركيون من اجل البحبوحة»، وهي على غرار روف وجمعيته، تلعب دورا اساسيا في تمويل الحملات الانتخابية الجمهورية للرئاسة والكونغرس. وكان كوك نفسه ترشح للانتخابات في العام 1980 لمنصب نائب رئيس على لائحة «التحرريين»، وصك نقودا ذهبية عليها اسمه ونقشا يمثل صورته وقام بتوزيعها على مناصريه، إلا ان حملته باءت بالفشل الذريع، مما دفعه واخيه الى الانضمام الى الحزب الجمهوري، وكذلك فعل «التحرري» الآخر رون بول المرشح الرئاسي الدائم.
الديموقراطيون لم يستسلموا في المعركة من اجل جمع المبلغ الاكبر من المال الانتخابي، فعقدوا لقاء في ميامي في ولاية فلوريدا، وطلبوا من أبرز 3 اعضاء لديهم في مجلس الشيوخ، وهم زعيم الغالبية هاري ريد من ولاية نيفادا، وسناتور ولاية نيويورك تشاك شومر، وزميله من ولاية ايلينوي ديك ديربان البدء بجولات مكوكية تشمل اكبر المدن الاميركية مثل نيويورك وشيكاغو ولوس انجليس، وكلها ذات اكثرية ديموقراطية ثابتة.
لكن حتى لو نجح الديموقراطيون في تحقيق تكافؤ في المال الانتخابي، سيستمر الهم الاقتصادي لدى الاميركيين، وخصوصا لناحية بطء عودة سوق الوظائف الى طبيعتها، في تهديد فوز اوباما بولاية ثانية. ورغم تراجع نسبة العاطلين عن العمل بين الاميركيين الى ثمانية في المئة، وهي النسبة الادنى منذ بدء الركود الكبير في 15 سبتمبر 2008، الا ان نسبة «المشاركين» في سوق العمل بين الاميركيين لا تتعدى 67 في المئة، وهي الادنى منذ العام 1980. اما السبب في هبوط نسبة البطالة واستمرار تدني المشاركة فتعود، حسب الخبراء، الى تخلي الكثير من الاميركيين عن بحثهم عن وظائف، وخروج عدد لا بأس به منهم الى التقاعد المبكر احيانا.
وظائف الاميركيين تقلق اوباما ومستشاريه القيمين على الحملة الانتخابية، فاستطلاعات الرأي في الايام الاخيرة اظهرت تقدم منافسه رومني عليه شعبيا. هذا لا يعني حتمية فوز رومني، اذ ان مستشاري اوباما يراقبون «ولايات ساحات المعارك» الاحدى عشر، وهذه في معظمها، يحافظ اوباما فيها على تقدم ملحوظ.
بيد ان التراجع الشعبي للرئيس الاميركي، في وجه مرشح لا يعتبر من بين الاقوى لدى الجمهوريين، سببه تعثر عودة سوق الوظائف الى عافيتها، بحسب الاستطلاعات الاخيرة التي اظهرت ان تصريح اوباما المؤيد لزواج المثليين، الاسبوع الماضي، لم يؤثر سلبا في شعبيته، كما كان يعتقد البعض قبل ايام، بل موضوع الوظائف والنمو الاقتصادي البطيء هما اللذان يشكلان العائق الابرز في وجه اعادة انتخابه لولاية ثانية.
«مازلت اعتقد ان معركتنا لاقصاء اوباما خاسرة، لرغم اننا سنخوضها بشراسة»، ينقل احد المعنيين عن روف في جلسة خاصة قبل ايام. اما لماذا يعتقد روف ان اوباما سيفوز بولاية ثانية رغم تقدم رومني عليه شعبيا حسب الاستطلاع، فالاسباب كثيرة، يتصدرها صعوبة الحاق هزيمة برئيس حالي، ما لم يرتكب اخطاء فادحة في ولايته الاولى وهو مالم يفعله اوباما حسب روف. ثم ان اوباما شخصية محبوبة عموما، خصوصا بالمقارنة برومني الذي ينظر اليه الاميركيون على انه ثري ولا يتفهم مشاكلهم. وختاما، يقول روف ان الحزب الجمهوري يواجه ازمة بسبب بعض المتطرفين ومن يسمون انفسهم بـ «حفلة الشاي» اذ ان تعنت هؤلاء يؤدي الى انفراط عقد الاجماع، ويزيد من الانقسامات داخل الحزب، ما يضعف مرشحيه عموما، وخصوصا الرئاسي من بينهم.

هناك 4 تعليقات:

  1. اتمنى تحديث الموضوعاااااااااات

    ردحذف
  2. فين الموضوعات الجديدة .. ؟؟

    ردحذف
  3. الجديد .. الجديد .. الموضوعات الجديد فين ؟؟

    ردحذف
  4. الله يعينكم على المجهوووووووووووووود :)

    ردحذف