الأربعاء، 20 يونيو 2012

منجّمون استراتيجيون: كتاب "المائة سنة المقبلة"


حسين عبد الحسين

أعاد المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري ميت رومني الى الواجهة كتاب “المائة سنة المقبلة” بقلم عميل “وكالة الاستخبارات المركزية” (سي آي ايه) السابق جورج فريدمان، بعدما كشفت حملة رومني، هذا الاسبوع، عن “لائحة قراءات” الاخير، والتي تضمنت الكتاب.

فريدمان، والذي يدير مركز ابحاث خاص اسمه “ستراتفور” ومعروف بقربه من دوائر الاستخبارات الاميركية، يتنبأ في كتابه بعودة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا في العقد الحالي. ويتابع ان روسيا ستعقد تحالفا مع ألمانيا، وستستمر موسكو بتسليح جيوشها حتى تشكل تحديا في وجه القوة العسكرية الاميركية. اما واشنطن، فستدخل بدورها في تحالفات مع ثلاث دول في اوروبا الشرقية هي الجمهورية التشيكية، والمجر، وبولندا، او ما سيعرف بالكتلة البولندية.

في العام 2020، يتوقع فريدمان ان تنهار روسيا وتتفتت تحت الضغط الاقتصادي لهذه الحرب الباردة في وجه اميركا. وفي نفس الوقت تقريبا، يتوقف الصعود الاقتصادي الصيني المستمر منذ ثمانينات القرن الماضي، وتنهار الوحدة الصينية تحت وطأة انعدام المساواة في توزيع الثروة داخليا بين الصينيين.

انهيار روسيا والصين سيفسح المجال، حسب الكاتب الاميركي، لبروز ثلاث قوى هي تركيا واليابان وبولندا. تركيا توسع نفوذها عبر سيطرتها على العالم العربي، واليابان تستولي على الجزر الصينية، وبولندا تهيمن على حلفائها في الكتلة البولندية. في العشرينات والثلاثينات من القرن الحالي، تكون الولايات المتحدة في تحالف مع هذه القوى بادئ ذي بدء، ثم ما تلبث ان تبتعد عنها عندما تدرك واشنطن ان هذه القوى تهدد المصالح الاميركية، فتشكل تركيا واليابان تحالفا يدخل في مواجهة مع كتلة بزعامة اميركية وتحت لوائها “الكتلة البولندية” المزعومة، وربما “الصين والهند وكوريا موحدة وبريطانيا”، والاخيرة تدخل في الحلف الاميركي تحسبا لدخول ألمانيا وفرنسا في تحالف مع الاتراك.

تنشب حرب عالمية ثالثة في حوالي العام 2050، يقول فريدمان، بعد هجوم مفاجئ ضد الولايات المتحدة، وتستمر الحرب سنتين او ثلاثة، ويروح ضحيتها عشرات الآلاف. بعد الحرب، اي مع حلول الستينات من القرن الحالي، تعيش اميركا عقدا من البحبوحة بسبب انفرادها وقوتها حول العالم من دون منازع.

في السبعينات، يعتقد فريدمان ان الاميركيين من اصل مكسيكي سوف يسيطرون على الجنوب الغربي من البلاد، وقد يطالبون بالانضمام الى المكسيك، التي ستصبح والحالة هذه، اكبر خطر على الزعامة الاميركية، وهو صراع يستمر الى القرن الثاني والعشرين، ويشي بأن ثقل القوة العالمية سيبقى متمركزا في اميركا الشمالية، حتى بعد قرن من اليوم.

هل تصدق نبوءات فريدمان؟ المعطيات السياسية حاليا تشير الى توتر، وما يشبه المواجهة بين واشنطن وموسكو حول ملفات عديدة حول العالم، يتصدرها الملف السوري حيث تسعى روسيا الى حماية بشار الاسد من ثورة شعبه المندلعة ضد حكمه منذ آذار (مارس) من العام الماضي، يلي سوريا التوتر بين الدولتين حول ملف ايران النووي، وموضوع الدرع الصاروخية التي تنوي اميركا اقامتها في عدد من دول اوروبا الشرقية.

لكن على الرغم من هذا التوتر، يبقى الصراع بعيدا جدا عن حرب باردة ثالثة، فموسكو تستجدي المجتمع الدولي للدخول في “منظمة التجارة العالمية”، وحاكمها فلاديمير بوتين يواجه معارضة متنامية في الشارع الروسي قد تؤدي الى الاطاحة بحكمه في المستقبل المنظور، وهذه دلالات لا تشي بأنه يمكن لروسيا العودة الى جبروتها السوفياتي الماضي. كذلك في تركيا ذات النفوذ المتنامي، لا يبدو ان انقرة في طور فرض اي سيطرة تذكر على العالم العربي، وهي بالكاد تقوى على مواجهة جارتها ايران وطموحاتها النووية.

مع ذلك، قد تصدق توقعات فريدمان التي اصدرها في كتاب في العام 2009، والتي اعادها رومني الى الواجهة اليوم، ولكن، على حسب القول المأثور، “كذب المنجّمون ولو صدقوا”.

هناك تعليقان (2):