السبت، 1 ديسمبر 2012

عون يسعى إلى إقناع واشنطن بالتحالف مع تياره

| واشنطن - من حسين عبد الحسين |

للمرة الثانية في اقل من شهرين، يزور الولايات المتحدة جبران باسيل، وزير الموارد المائية والكهربائية اللبناني وصهر النائب ميشال عون، حليف «حزب الله»، في جولة تشمل مدن الجنوب والغرب، بعد جولة سابقة له في سبتمبر شملت مدنا في الشمال الشرقي للبلاد.
وتشمل جولة باسيل هذه المرة لقاءات مع الجالية اللبنانية في مدن ميامي وتامبا، في ولاية فلوريدا، وفي مدينة هيوستن في تكساس، وفي سان دييغو في كاليفورنيا، حيث يعمد خلال هذه اللقاءات الى حشد تأييد المغتربين اللبنانيين للانتخابات البرلمانية المقررة الصيف المقبل. كما يحاول باسيل جمع التبرعات لحملة حزبه «التيار الوطني الحر» الانتخابية.
وكان باسيل قد قال في مناسبات جمعته مع بعض افراد الجالية ان حزبه يحاول ان يضم باقي الاحزاب اللبنانية الى تحالفه مع «حزب الله». كما حذر المسؤول اللبناني من حتمية صعود التيارات الاسلامية المتشددة، خصوصا في سورية، وتأثير ذلك السلبي، على حد تعبيره، على مسيحيي سورية ولبنان.
زيارات باسيل ومواقفه اثارت اعتراضات لبنانيين اميركيين، تصدرهم «تحالف الاميركيين اللبنانيين» القريب من «حزب القوات اللبنانية»، الذي اعرب في بيان عن «قلقه العميق» تجاه الزيارة، معتبرا ان باسيل هو قيادي بارز في «الحركة العونية، ابرز حليف لحزب الله في لبنان». 
وقال البيان ان «باسيل يعتبر من مهندسي تحالف حركته مع حزب الله، وايران ونظام (الرئيس السوري بشار) الاسد، وهو لا شك احد ابرز المدافعين عنهم في لبنان». وحذر البيان من «عواقب» الزيارة، وحض المسؤولين الاميركيين على مقاطعة باسيل وعدم عقد اي لقاءات رسمية معه.
على انه يبدو ان للمسؤولين الاميركيين رأيا آخر يقضي باستضافة الوزير اللبناني، كما يبدو ان لباسيل وحزبه وجهات نظر مختلفة امام الاميركيين خلف الابواب الموصدة وبعيدا عن انظار الجالية اللبنانية والاعلام.
«الراي» علمت من مسؤولين اميركيين ان باسيل، وقياديين آخرين من حزبه زاروا واشنطن اخيرا. وقال هؤلاء المسؤولون ان «العونيين يعملون على اقناع الولايات المتحدة ان مصالحها تكمن في التحالف مع عون وتياره»، وان الاسباب الموجبة لهذا التحالف تتضمن: 
- اولا: امكانية حصول شركات الغاز الاميركية على حقوق تنقيب واستخراج كميات من الغاز التي يتوقع اكتشافها في المياه الاقليمية اللبنانية وقريبا من الساحل اللبناني.
ويقول المسؤولون الاميركيون ان باسيل لوح لهم بأن موسكو والشركات الروسية كما طهران وشركات ايرانية مهتمة بالاستثمار في قطاع الغاز اللبناني، ولكنه «يفضل التعامل مع الاميركيين».
- ثانيا: يقدم باسيل نفسه وتياره على انه يمثل مسيحيي المشرق في المساحة الممتدة من العراق الى الساحل اللبناني، مرورا بشمال سورية. ويقول باسيل ان الدور المسيحي سيكون مفصليا في المرحلة الحالية والمرحلة المقبلة، وان «المسيحيين سيلعبون دور الحكم للفصل والمواءمة بين المجموعتين الكبريين المتصارعتين في المنطقة، اي السنة والشيعة».
ثالثا، يعتبر باسيل نفسه انه يمثل تيار الاعتدال في المنطقة عموما، وانه تجمعه بالولايات المتحدة مصلحة مشتركة تكمن في «محاربة الاصولية السنية المتطرفة التي تنتشر من العراق الى سورية ولبنان». 
ويقول المسؤولون الاميركيون انه في لقاءاته معهم، غالبا ما يكيل باسيل كل انواع الاتهامات لرئيس حكومة لبنان السابق سعد الحريري وللمملكة العربية السعودية وقطر. ويقول باسيل ان «الحريري والرياض والدوحة يسعون الى دعم المجموعات السنية المتطرفة، خصوصا في سورية، وتسليحها». 
وفي هذا السياق، اقترح باسيل تقديم «دلائل»، على شكل تسجيلات صوتية تثبت ان الحريري يسعى مع مستشاريه الى تسليح «جبهة النصرة»، وهي فصيل من «الجيش السوري الحر» يعتقد البعض ان لديه ارتباطات مع تنظيم «القاعدة».
زيارتا باسيل وغيره من مستشاري عون الى الولايات المتحدة تتسارع وتيرتها، ويمكن اضافتها الى مجهود مماثل تقوم به شخصيات لبنانية اخرى، على غرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، في استمالة واشنطن لناحيتها وبعيدا عن الحريري وتحالف 14 اذار. 
وكان ميقاتي نجح، قبل نحو عام، في تجنيد ابرز اميركية تعمل في مجال اللوبي وكانت عملت في الماضي لمصلحة رئيس الحكومة المغدور رفيق الحريري، وثم لمصلحة نجله سعد، لتنتقل فيما بعد لجهة ميقاتي.
كذلك يحاول سياسيون لبنانيون آخرون مقربون من «حزب الله» مضاعفة نشاطهم السياسي في العاصمة الاميركية، وفي اقامة جمعيات وبرامج بحثية سياسية مع جامعات لاستمالة اكاديميين وباحثين اميركيين ولبنانيين لجهتهم. 
لكن واشنطن تبدو، حتى الآن على الاقل، اقرب الى الحريري و«14 اذار»، وهو ما بدا جليا في الزيارة الاخيرة التي قام بها رئيس الحكومة السابق ورئيس كتلة الحريري البرلمانية فؤاد السنيورة، منتصف الشهر الماضي، حيث شملت لقاءاته كبار المسؤولين في البيت الابيض و«مجلس الامن القومي» ووزارة الخارجية.
على ان تفوق «14 اذار» الطفيف داخل واشنطن قد لا يدوم، خصوصا في ظل النشاط المضاعف الذي يقوم به التحالف المناوئ لقلب الصورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق