| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
في غضون 24 ساعة، انقلبت واشنطن من وضعية مراقب للوضع السوري الى خلية ازمة تحاول الاستعداد على وجه السرعة لسيناريو تدخل عسكري في سورية يهدف الى «تأمين الترسانة الكيماوية بعيدا عن ايدي قوات الرئيس بشار الاسد»، وذلك بعدما توالت تقارير من داخل اروقة القرار الاميركي تفيد بأن «الاسد اعطى الامر لقواته فعلا بمزج نوعين من الغاز، ايزوبروبانول وميتيفوسفونيل دايفلورايد، بهدف انتاج غاز السارين».
وانعكس الانقلاب في المزاج الاميركي في تصريحات كبار المسؤولين، اذ بعد ساعات على قول وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون ان استخدام الاسد للاسلحة الكيماوية هو بمثابة «خط احمر» سيقتضي تدخلا عسكريا دوليا، وجه الرئيس باراك اوباما رسالة حازمة الى الاسد واعوانه اثناء خطاب ادلى به في «كلية الدفاع الوطني» في واشنطن، اول من امس، وقال فيه ان «استخدام الاسلحة الكيماوية لم ولن يكون مقبولا».
وقال اوباما: «حول سورية، دعوني اقول التالي... سنستمر في دعمنا للطموحات المشروعة للشعب السوري، وفي انخراطنا مع المعارضة، وفي العمل على سورية انتقالية خالية من نظام الاسد».
وتابع الرئيس الاميركي: «اليوم اريد ان اقول بكل وضوح للاسد ولمن هم تحت امرته، العالم يشاهد، واستخدام الاسلحة الكيماوية لم ولن يكون مقبولا، واذا ما ارتكبتم الخطأ الفادح باستخدامكم هذه الاسلحة، فستكون هناك عواقب وسوف يتم تحميلكم المسؤولية».
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» اولى الوسائل الاعلامية التي اشارت الاحد الى قيام الاسد بتحريك قطع من ترسانته الكيماوية في وسط البلاد. بعد ذلك، نقلت شبكة «سي ان ان» التلفزيونية عن مصادر في وزارة الدفاع قلقها من نشاط قوات الاسد على هذا الصعيد، ثم اوردت مجلة «وايرد» ان قوات الاسد قامت بمزج مكونات السارين الاسبوع الماضي، ونقلت عن مسؤولين عسكريين قولهم ان هذه القوات «لم تفعل ذلك على نطاق واسع، وانما بكميات متواضعة». واضاف المسؤولون: « لا نعلم ما هي النية خلف هذه الخطوة».
«الراي» سألت خبراء عسكريين حول سبب التأهب الاميركي المفاجئ، فكانت الاجابة ان «مدة حياة غاز السارين قصيرة نسبيا، وتقاس بالاسابيع». ما يعني، حسب الخبراء، ان «قوات الاسد لم تكن لتنتج غاز السارين لو لم تكن تنوي استخدامه لانه، بعد مزجه، لا يعمر طويلا، ويتلف بسرعة اذ ينتهي مفعوله».
وتقول المصادر الاميركية ان «كمية من غاز السارين صارت متاحة لقوات الاسد لاستخدامه اما عن طريق المقاتلات، او المروحيات، او حتى المدافع البعيدة المدى».
وتأثير غاز السارين على البشر هو كتأثير مبيدات الحشرات، اذ يعطل الاشارات الدماغية التي تأمر العضلات بالتوقف، فتتحرك العضلات بسرعة من دون توقف، ويسقط الشخص بعد مدة قصيرة جدا بسبب الارهاق وفشل الرئتين في تأمين الاوكسجين المطلوب لحركة الجسم.
ورغم المحاولات المتكررة للاتصال بالمسؤولين الاميركيين لمحاولة الوقوف على رأيهم حول توقيت «الخط الاحمر» الاميركي، ومتى تعطي واشنطن الضوء الاخضر للتدخل وفي اي ظروف، لم تتمكن «الراي» ولا وسائل الاعلام الاخرى من الحصول على اجابة حاسمة.
على ان الانطباع السائد هو ان العاصمة الاميركية بدأت فعلا الاتصال بالحلفاء، خصوصا في «حلف شمال الاطلسي»، لتدارس شكل التدخل العسكري في سورية وتوقيته اذا ما استمرت التقارير الاستخباراتية حول استمرار نشاط قوات الاسد الكيماوي.
وبالفعل اصدر الحلف تحذيرا الى دمشق من ان استخدام الاسلحة الكيماوية من جانب النظام السوري سيدفع المجتمع الدولي الى القيام برد فوري.
وكانت مصادر اميركية اشارت قبل فترة الى ان اي تدخل يهدف الى تأمين الترسانة الكيماوية السورية، بعيدا عن ايدي مقاتلي الاسد، سيحتاج الى 75 الف مقاتل، وهي عملية كبيرة وتحتاج الى حشد وتخطيط مسبق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق