الخميس، 20 ديسمبر 2012

وزيرا المفاوضات الأميركية – الإيرانية

حسين عبد الحسين

“عليك بالتخلي عن قهوتك وعصيرك في الصباح، كانت نصيحة عملية جدا قدمها لي وزير الخارجية السابق جيمس بيكر”. هكذا يصف السيناتور الجمهوري السابق وأبرز المرشحين حاليا لتولي وزارة الدفاع تشاك هيغل جانبا من لقائه في دمشق مع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في كتابه الصادر صيف العام 2008، والذي حمل عنوان “اميركا: الفصل القادم” ودعا فيه الى انفتاح اميركي فوري على كل من سوريا وايران.

في ذلك الصيف، كان السيناتور الديمقراطي باراك اوباما مرشحا للرئاسة، وكانت ابرز وعوده انه فور انتخابه، سيعمل على ايفاد وزيري خارجيته ودفاعه الى طهران لمباشرة الحوار مع النظام الايراني، من دون شروط، لانهاء حال العداء بين الدولتين.

لكن واقع الرئاسة جاء مختلفا عن وعود الترشيح، فاضطر اوباما الرئيس الى الابقاء على وزير الدفاع روبرت غيتس ليشرف الاخير على الانسحاب من العراق، واجبر على عقد صفقة مع آل كلينتون لانسحاب هيلاري من الترشيح الى الرئاسة لمصلحته في مقابل تعيينه لها وزيرة للخارجية.

وفي صيف 2009، انفجرت “الثورة الخضراء” في ايران، التي لم تكبح جماح اوباما نحو حوار غير مشروط مع النظام الايراني اذ وجد فيها فرصة لارسال رسائل بعيدة عن الانظار حول نيته عدم التدخل في الشؤون الداخلية الايرانية في مقابل موافقة الايرانيين على الحوار وتخليهم عن صناعة السلاح النووي. لكن حتى تلك المبادرة الاميركية لم تثمر مع النظام الايراني.

مع انتخابه لولاية رئاسية ثانية، قد يجد اوباما حواره غير المشروط مع الايرانيين صار ملائما اكثر، فكلينتون في طريقها الى التقاعد، وكذلك وزير الدفاع ليون بانيتا، فيما صار من شبه المؤكد ترشيح البيت الابيض للسيناتور الديمقراطي جون كيري وزيرا للخارجية، بطل “سياسة الانخراط” مع بشار الاسد حتى بعد اشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، في وقت يكثر الحديث عن نية اوباما تعيين هايغل، حامل لواء الانفتاح على ايران وسوريا، وزيرا للدفاع.

يقول هايغل في كتابه ان على واشنطن التعالي عن الصغائر والمبادرة الى حوار يهدف “الى تبريد الخواطر بدلا من اشعالها،” ويتابع ان “اميركا هي القوة العظمى، لا ايران. ولان مسؤولية كبيرة تقع على عاتق اميركا بسبب قوتها، علينا تقديم اقتراحات تنهي حالة اللاثقة المتبادلة، والاشتباه بالنيات، والعدوانية المستمرة منذ عقود”.

وعلى عكس الشعوب العربية، يقول هايغل – حتى من دون الاستناد الى ارقام استطلاعات في ايران لعدم توفرها – ان اكثرية الشعب الايراني تؤيد الصداقة مع الولايات المتحدة على عكس النظام الايراني الحاكم. ويكيل هايغل المدائح لما يسميها الديمقراطية في ايران، التي يقول ان علّتها فقط انها تشوبها “بعض المشاكل”.

اما الشرط الوحيد الذي يتوقعه هايغل من الايرانيين، للفوز بصداقة اميركا، فيحدده على الشكل التالي: “على ايران تغيير تصرفاتها، لا نظامها، كشرط لتحسين علاقتها مع الولايات المتحدة… ان تغيير النظام الايراني مستحب، ولكن هذا لا يجب ان يكون هدفنا… لا يجب ان نضع شروطا على المحادثات الثنائية”.

و”تغيير التصرفات” هي العبارة التي كررتها واشنطن في خضم حوارها مع بشار الاسد بين مطلع العام 2009 وربيع العام 2011، حتى ان كل من كيري وكلينتون التزما بهذا الموقف لاشهر قليلة بعد اندلاع الثورة وقبل ان يطل اوباما في شهر آب (اغسطس) من العام الماضي لينسف موضوع الحوار ويطلب من الاسد “افساح الطريق” امام التغيير في سوريا.

هكذا، في حال وصول هايغل الى وزارة الدفاع، من المتوقع ان يلعب دورا اساسيا في ارسال الضمانات الى النظام الايراني بأن واشنطن لا تسعى الى تغييره، فيبدأ الحوار بين البلدين، فيما تلتزم اميركا بتكرار عبارة “تغيير التصرفات”عند كل اشارة الى ايران.

“اياكم الوقوع في الخطأ”، يكتب هايغل وكيري في مقالة مشتركة لهما نشرتها صحيفة وال “ستريت جورنال” في حزيران (يونيو) 2008. “ان التعاون مع سوريا لا يستند الى قيم مشتركة، بل الى مصالح مشتركة”، يضيف السياسيان المرشحان الى وزارتي الدفاع والخارجية في مقالة دعيا فيها الى مراعاة مصلحة الاسد في العراق ولبنان، بل الافادة من تعاونه في هذين البلدين.

اليوم، انتهى الحوار الاميركي مع الاسد بسبب الثورة السورية، لكن يمكن استخدام الشعارات نفسها التي استخدمت لبدء حوار اميركي غير مشروط مع ايران، وربما التوصل معها الى اتفاق يراعي مصالح النظام الايراني في سوريا ولبنان وغيرهما، ودول عربية اخرى، خصوصا ان الحوار المطلوب للتوصل الى اتفاق، قد يشهد ارسالا فوريا لكيري وهايغل الى طهران، والرجلان يبدوان مستعدان تماما ولا ينقصهما الا اقرار تعيينهما ليباشرا ذلك.

هناك تعليق واحد:

  1. الاستاذ حسين عبد الحسين
    السلام علیکم
    انا رضا غبیشاوی صحفی بطهران
    ونشرنا ترجمه من تقریرکم فی جریده الرای الکویتیة بعنوان
    " أوباما قال لمقربين إنه لا يخشى الهبوط في طهران ولقاء خامنئي "
    http://www.alraimedia.com/Article.aspx?id=401773&date=22122012

    فی جریده عصر ایران
    http://www.asriran.com/fa/news/247354

    ولکن سؤوال: من هو المصدر لهذه المعلومة " أوباما قال لمقربين إنه لا يخشى الهبوط في طهران ولقاء خامنئي "

    وشکرا
    رضا غبیشاوی
    صحفی بطهران

    ردحذف