الاثنين، 17 ديسمبر 2012

رايس تخلّت عن «الخارجية» وكيري المرشح الأبرز

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في مفاجأة للأوساط الأميركية المتابعة، أعلنت المندوبة الدائمة لدى الأمم المتحدة سوزان رايس انها طلبت من الرئيس باراك أوباما سحب ترشيحها إلى منصب وزيرة خارجية، وردّ أوباما، في بيان صادر عن البيت الابيض، قبوله عزوف رايس. في نفس الاثناء، برز اسم السناتور الديموقراطي جون كيري مرشحا إلى هذا المنصب، فيما تم تداول اسم السناتور الجمهوري السابق تشاك هايغل لمنصب وزير دفاع خلفا لليون بانيتا. والمعروف عن كيري وهايغل انهما من اكثر المؤيدين للحوار مع النظام في ايران.
وقالت رايس في بيان وجهته إلى أوباما ووزعته شبكة «ان بي سي» انه «في حال ترشيحي، صرت مقتنعة ان عملية المصادقة ستكون طويلة، ومشتتة للانتباه، ومكلفة لكم وللقضايا الوطنية والدولية الاكثر الحاحا». هذه العملية، حسب الديبلوماسية الأميركية، «لا تستأهل كل هذه التكلفة، لذلك اطلب باحترام ألا تعتبرون اني مرشحة في هذا الوقت».
بدوره، قال أوباما في بيانه: «اليوم تكلمت مع السفيرة سوزان رايس، وقبلت قرارها سحب اسمها من التداول لمنصب وزيرة خارجية». وفي لهجة اكدت على بقاء رايس في منصبها الحالي، اثنى الرئيس الأميركي على دور سفيرته عموما، وخصوصا على ما اعتبره نجاحها في التوصل إلى اقرار عقوبات دولية على ايران وكوريا الشمالية، وفي «عملها لحماية الشعب الليبي، وفي مساعدتها في تحقيق استقلال جنوب السودان».
واضاف أوباما: «فيما اشجب بشدة الهجمات غير العادلة والمضللة ضد سوزان رايس في الاسابيع الماضية، يظهر قرارها (العزوف) قوة شخصيتها، والتزامها التعالي عن اللحظة السياسية الراهنة ووضع مصلحتنا الوطنية اولا».
وفور انتشار الخبر، سلطت وسائل الاعلام الاضواء على رئيس «لجنة الشؤون الخارجية» في مجلس الشيوخ السناتور جون كيري مرشحا بديلا.
وسارع نائب رئيس تحرير صحيفة «واشنطن بوست» والمعلق المعروف بقربه من الادارة دايفيد اغناتيوس إلى تدبيج مقالة حملت عنوان «في وجوب تعيين كيري وزيرا للخارجية».
وكتب اغناتيوس ان كيري يؤيد «الديبلوماسية الصامتة، خصوصا الآن، من اجل احراز تقدم في رعاية عملية انتقالية في سورية، والبحث عن خيارات الحوار مع ايران، وتقييم احتمالات استئناف محادثات السلام الاسرائيلية - الفلسطينية».
وتابع المعلق الأميركي ان «أوباما سيحتاج إلى مبعوث سري»، وانه من الصعب على أي وزير خارجية العمل «بطريقة صامتة»، لكن «كيري يعرف اهمية الصمت في هذا الوقت»، وهو بسبب سفراته الكثيرة في الماضي بسبب موقعه رئيسا للجنة الشؤون الخارجية، «يمكنه تخطي جولات التعارف».
واضاف ان كيري مستعد دائما «لتحدي التفكير السائد، خصوصا في ما يتعلق بالانخراط مع اعداء اميركا».
يذكر ان كيري زار دمشق والتقى بشار الاسد في صيف 2007، وتحول منذ ذلك الحين إلى ابرز دعاة فك العزلة الدولية عن النظام السوري التي كانت مفروضة على اثر اغتيال رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري في فبراير 2005. ومع وصول أوباما إلى البيت الابيض مطلع العام 2009، قاد كيري حملة لدفع واشنطن إلى «الانخراط مع الاسد»، ولم تتوقف حملة كيري الا بعد اشهر على اندلاع الثورة السورية المطالبة بانهاء حكم الاسد في مارس 2011.
اغناتيوس ختم بالقول ان اميركا اكثر ما تكون بحاجة إلى امثال كيري، «فالعالم غير مستقر، واصدقاء واعداء اميركا بحاجة إلى التذكير بقوتها ومثابرتها، اذ
(نحن) امام ديبلوماسية شرسة مع ايران وسورية ومصر وروسيا واسرائيل والفلسطينيين».
من جهتهم، تلقى المحللون المحسوبون على الديموقراطيين خبر عزوف رايس بتوجيه اصابع اللوم إلى الجمهوريين، خصوصا إلى السناتور المخضرم جون ماكين. واعتبر بعضهم ان أوباما مقبل على مجموعة من المواجهات الشرسة مع الجمهوريين في الكونغرس بسبب المفاوضات الجارية حول مواضيع الموازنة، وامور الرعاية الصحية والهجرة والضرائب، وان الرئيس الأميركي شعر انه لا يحتاج إلى معركة «كسر عظم سياسية» اضافية، فتخلى عن رايس، ويبدو انه يتجه إلى ترشيح كيري، الذي تبدو فرص المصادقة على تعيينه بين زملائه في لجنة الشؤون الخارجية شبه مضمونة.
من ناحية اخرى، اعتبر المحللون ان الجمهوريين حققوا نصرا بهزيمتهم رايس، المقربة من أوباما، وانهم باخراجهم كيري من الشيوخ، ستتم اقامة انتخابات فرعية في ولاية ماساشوستس لاختيار من يكمل السنتين المتبقيتين في ولاية كيري، ويبدو السناتور الجمهوري السابق سكوت براون الاوفر حظا للفوز بها. ومن شأن عودة براون ان تساهم في تقليص الاكثرية الديموقراطية في مجلس الشيوخ إلى 54 مقعدا من اصل 100، من دون ان تلغيها.
على صعيد متصل، اشعل الحديث عن ترشيح كيري للخارجية النقاش حول من سيخلف بانيتا في الدفاع. وتم تداول اسم السناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل، الذي تقاعد في العام 2008.
وهيغل من المقربين من أوباما، وجمع ثروة طائلة من استثماراته في قطاع الاتصالات في الصين في الثمانينات، ويعتقد ان تجربة الانفتاح الاقتصادي على الصين، من دون اي تغيير يذكر في المواقف السياسية في واشنطن او بكين، يمكن تكرارها مع ايران، وانه يمكن للأميركيين الانفتاح الاقتصادي الفوري على طهران من دون اي تغيير في مواقف اميركا او ايران.
على ان تعيين هيغل يواجه معارضة شديدة من اللوبي الموالي لاسرائيل، خصوصا من «لجنة العلاقات العامة الأميركية الاسرائيلية» المعروفة بـ «ايباك»، وهو ما من شأنه ان يثني أوباما عن السير في تعيين من شأنه ان يدخله في مواجهة سياسية هو في غنى عنها، تماما كما حدث مع رايس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق