الخميس، 31 يناير 2013

كيري: «أناس في الخليج» يسلّحون «النصرة» وإذا انهارت سورية فسيكون لدينا خطر أكبر من «الكيماوي»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

حسم المرشح الى منصب وزير الخارجية الأميركي السناتور جون كيري الجدل الدائر حول موقفه تجاه إيران بالقول انه سيتبنى سياسة الرئيس باراك اوباما التي تقول بضرورة منع إيران من حيازة السلاح النووي، ومعارضة مبدأ «الاحتواء» او «التعايش مع» إيران نووية. لكن كيري لم يغلق الباب امام التوصل الى حل ديبلوماسي مع الإيرانيين، حتى لو تطلب ذلك حوارا ثنائيا بين واشنطن وطهران، شريطة ألا «يخطئ احد الفارق بين الديبلوماسية وبين تصميم أميركا على تقليص الخطر النووي».
وكان لافتا ان كيري لم يتطرق في شهادته الى الوضع في سورية، ولكنه اضطر الى تقديم اجابات حول اسئلة اعضاء اللجنة في هذا السياق، وبدا مرتبكا، وكرر العموميات التي يطلقها المسؤولون الأميركيون حول سورية. وما قاله كيري ان الرئيس السوري «بشار الأسد فوت فرصة تاريخية، وان عليه ان يتنحى اليوم، وان ذلك يتم من خلال اقناعه ان لا مفر من رحيله، وعبر التنسيق مع الروس والاطراف الدولية من اجل تأمين انتقال منظم للسلطة».
ووجه كيري اصابع الاتهام الى من اسماهم «اناس في الخليج» بتزويد «جبهة النصرة»، الذي وضعته وزارة الخارجية على لائحة التنظيمات الارهابية أخيرا، بالاسلحة. وقال كيري ان الروس يؤيدون رحيل الأسد، لكنهم يختلفون مع الأميركيين في شأن التوقيت وطريقة الرحيل، وهو ما دفع السناتور الجمهوري جون ماكين الى التهكم حول هذه النقطة، والقول انه لو كان الروس يريدون رحيل الأسد، لما استمروا بدعمه في السلاح وفي مجلس الأمن.
وفي شهادته امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، اثناء جلسة الاستماع من اجل المصادقة على تعيينه اول من امس، قال كيري: «علينا ان نتوصل الى حلول للاسئلة التي تحيط برنامج إيران النووي». واضاف: «الرئيس اكد اننا سنفعل ما علينا فعله من اجل منع إيران من حيازة سلاحا نوويا».
وتابع كيري: «أكرر هنا اليوم، سياستنا ليست الاحتواء، بل المنع، وعقارب الساعة تدق في مساعينا لتأمين تجاوب (إيراني) مسؤول». وقال كيري: «هذه الادارة، بالعمل مع الكونغرس وبتحالف دولي غير مسبوق، وضعت عقوبات ادت الى شلل في إيران، والرئيس اوباما قال مجددا ومجددا انه يفضل حلا ديبلوماسيا لهذا التحدي، وانا سأعمل لاعطاء الديبلوماسية كل فرصة كي تنجح، ولكن يجب ألا يخطئ أحد الفارق بين الديبلوماسية وبين تصميم أميركا على تقليص الخطر النووي».
كيري أشار الى حادثة احراق الشاب التونسي محمد بوعزيزي لنفسه من دون ان يسميه، واشاد بالشباب المصري الذي قاد الثورة في ساحة التحرير، وقال ان هؤلاء أرادوا التغيير، ولم يكونوا «حركة اسلامية».
رئيس اللجنة السناتور الديموقراطي روبرت مينندز كان افتتح جولة الاسئلة بسؤال حول إيران، وقال ان «إيران تزعم انها تريد يورانيوم مخصباً بدرجات عالية من اجل برنامج سلمي، لكن دولة تريد برنامجا كهذا لا تتصرف كإيران»، وتابع «تحت قيادتكم، هل ستتابعون برنامج العقوبات بالتعاون مع الكونغرس»، فاجاب كيري: «نعم». وأضاف: «سيكون اساسيا ان يتجاوب الإيرانيون تجاوبا كاملا، والرئيس قال انه مستعد للحوار، حتى لو كان ثنائيا، والجميع يأمل انه يمكن تحقيق تقدم على الصعيد الديبلوماسي».
ثم توجه كيري الى النظام الإيراني بالقول: «انا اقول هذا للإيرانيين، لقد اعترفوا بسلمية برنامجهم النووي، ولا صعوبة في اثبات ذلك، دول اخرى فعلت ذلك (قبلهم)، وهو يتطلب تفتيشا دقيقا من قبل وكالة الطاقة الذرية». وتابع: «حتى الدول التي تدعم إيران كالصين وروسيا، تؤيد موقفنا هذا، واقول للإيرانيين ان لا أجندة لدينا، واذا كان برنامجهم سلميا، فيمكنهم ان يثبتوا ذلك».
كبير شيوخ الحزب الجمهوري في اللجنة السناتور عن ولاية تينيسي بوب كوركر تطرق الى الموضوع السوري بالسؤال: «لقد أمضيت وقتا كثيرا مع (بشار) الأسد في سورية في محاولة لتقريبه الى التحالف الغربي، واعلم انه كان يعتقد نفسه جسرا مع إيران، هل كان هناك اي شيء من تلك الحوارات معه يمكنك الافادة منها اليوم؟».
وأجاب كيري: «نعم، في بعض الاوقات هناك ما يمكن فعله في السياسة الدولية، لكن ان مرت اللحظة، تضيع الفرصة». واضاف: «كانت هناك لحظة لسورية، الرئيس الأسد قال لي لدي 500 الف شاب يوميا لا عمل لديهم وعلي ان اغير. كان يحاول ايجاد طريقة مع الغرب. التاريخ تغير، وهو قام بقرارات خاطئة ومدانة، ولا اعتقد انه يمكن له البقاء رئيس دولة في سورية، حتى الروس قالوا انهم يعتقدون ان المعارضة تفوز، وقاموا باخراج مواطنيهم».
وسألت السناتور جين شاهين (زوجها من اصول لبنانية): «ما المرحلة النهائية لسورية، ماذا يحصل للاسلحة الكيماوية في حال سقوط الأسد؟ في ليبيا هناك حديث عن اسلحة القذافي وقعت في ايدي ارهابيين، وهناك مجهود دولي لتأمين هذه الاسلحة بعد سقوط الأسد. كيف ترى شكل التحالف الذي سيقوم بذلك؟».
ورد كيري بالقول: «سياسة الرئيس واضحة، لدينا دلائل انهم يستخدمون، او سيستخدمون (الاسلحة الكيماوية)، والادارة تعد خطط طوارئ مع الحلفاء في المنطقة ومع تحالف الاطلسي». واضاف: «لا استطيع الحديث عن ذلك لان لا معلومات لدي بعد ولكني اعلم انهم يضعون الخطط. مرة اخرى، لا اعرف التفاصيل، واعرف انه كان هناك حديث مع الروس عندما كان هناك تحريك للاسلحة واعتقد ان هناك قلقاً في كل مكان من ذلك».
وقدم كيري قراءته للوضع السوري فقال: «نحن نحتاج الى تغيير حسابات بشار الأسد. الآن الأسد لا يعتقد انه يخسر، والمعارضة تعتقد انها تربح، وهذه ليست معادلة تسمح بالتوصل الى تسوية لانتقال (السلطة).» واضاف: «هدف ادارة اوباما والمجتمع الدولي هو نوع من الانتقال المنظم، والمبعوث الثاني الاخضر الابراهيمي منخرط، بعد كوفي انان، والاثنان وجدا ان لا نية للحوار». 
ومما قاله كيري ايضا ان «الروس لديهم نية في رحيل الأسد، ولكن لديهم رأياً مختلفاً حول التوقيت والطريقة»، وانه عندما يصبح وزيرا للخارجية، سيعمل على «جس النبض، ونرى اين نحن؟... وعلينا ان نفهم ما تأتي عليه الخطة الاولى والثانية والثالثة خصوصا عند الحديث عن النصرة والقاعدة (التي تأتي) من العراق».
إلا ان ماكين الذي يؤيد تدخلاً أميركياً في سورية الى جانب الثوار، خالف كيري، وقال: «في سورية نزرع الريح، وسنحصد العاصفة، والعاصفة ستكون عندما ينتشر تنظيم القاعدة». وأضاف ماكين متوجها الى كيري: «اقدر تفاؤلك بخصوص الروس، لكنهم يزودون (الأسد) بالاسلحة ويحمونه في الامم المتحدة، وسياسة بوتين نفسها في روسيا مشكلة، لا اعتقد ان المطلوب في سورية هو المزيد من الحوار، بل علينا ان نقول لهم اذا كان هناك حظر جوي ام لا حتى يعرفوا كيف يدافعون عن انفسهم؟». 
وتابع ماكين: «لقد عقدنا الكثير من الحوارات وجلسات الاستماع، ولم نفعل شيئا، 60 الفا في عداد الاموات، و22 شهرا، وكل ما يأتيني من الادارة هو ان سقوط الأسد محتم. انا أوافق على ذلك، ولكن ماذا سيحصل في هذه الاثناء؟ يمكننا فعل المزيد من دون ارسال جنود على الارض لإيقاف هذه المجزرة، والا يحكم علينا التاريخ، واحثك على البحث عن سياسة مختلفة».
بدوره أجاب كيري: «جون، انا وانت تحدثنا عن هذا بالتفصيل. اريد ان اقول لك ان لا تفاؤل لدي من الروس، الطريقة الاسهل للحل هو ان يحضّوا الأسد على تغيير حساباته. ما يقلقني هو انه اذا انهارت الدولة، لا احد يعرف كيف يعيدها وسيكون لدينا خطر اكبر مع الاسلحة الكيماوية».
ووجه كيري اصابع الاتهام الى من اسماهم «اناس في الخليج» لدعمهم «تنظيم النصرة» في سورية بالسلاح، وقال ان هؤلاء «لا يترددون في ارسال الاسلحة، والنصرة دخلت المعادلة والحركة على الارض اسرع من حركة السياسة، وهو ما يعقد الامور اكثر، وما يقلقني ايضا هو عمق الانقسام الطائفي، السنة، الشيعة، وآخرون، 74 في المئة من سورية مسلمون، يعني 16 في المئة علويين وبعض الشيعة، العلويون 13 في المئة، المسيحيون 10 في المئة، الدروز 3 في المئة. هذه هي المخاطر، ولا يمكن لأحد القول كيف ستتجه الامور؟، ولكن بغض النظر عن توجهاتنا الحزبية، علينا التفكير بمصلحة الولايات المتحدة وبمصلحة أصدقائنا كإسرائيل، وان نتوصل الى معادلة يمكن تطبيقها». 
هنا ختم ماكين: «كل يوم في سورية هو الى الاسوأ، لذا يبدو لي ان السياسة الحالية لا تعمل وعلينا ان نفكر في احتمالات اخرى، وسأقدر كثيرا لو قمت انت بانتهاج سياسة جديدة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق