الجمعة، 22 فبراير 2013

السلطة الرابعة تقع في حفر أوباما

حسين عبدالحسين

فيما كانت مجموعة مراسلي البيت الأبيض، التي تلازم الرئيس الأميركي باراك أوباما أينما ذهب، في الفندق المخصص لها في ولاية فلوريدا حيث كان الرئيس يقضي عطلته، وفيما كان المراسلون يصارعون الضجر بتمضية الوقت يتحادثون في شؤونهم العائلية وشجونهم بعدما أعلمهم المكتب الإعلامي الرئاسي أن لا مناسبات مقررة لباقي اليوم، إذ بمجموعة منهم تجلس في بهو الفندق، تتفاجأ بمحطة رياضية تبث صورا بدا فيها أوباما يلعب الغولف صحبة بطل هذه الرياضة الأميركي المعروف تايغر وودز.

هنا ثارت حفيظة معظمهم، فهؤلاء الصحافيون يندرون وقتهم للرئيس، ويتوقعون أن يكونوا أول من يعرف أخباره ويكتب عنها ويصورها. كذلك الوسائل الاعلامية التي يعملون لديها، تنفق اموالا طائلة ثمنا للطائرة الصحافية، التي تتبع الرئاسية، كما تتكبد تكاليف الفندق والاقامة ووسائل الاتصال.
هذا الغضب الصحافي أشعل ما يشبه ثورة ضد اوباما، وتناقلت وسائل الاعلام إحصاءات تظهر أن اوباما عقد 107 مؤتمرات صحافية في ولايته الأولى، مقارنة بـ355 عقدها سلفه جورج بوش.

ثم أطل اد هنري، رئيس جمعية مراسلي البيت الأبيض والعامل في “شبكة فوكس”، ليبدي اعتراضه، وقال في مقابلة على أخبار “ان بي سي” إن الموضوع “لا يتعلق بقصة سخيفة كمباراة الغولف، ونحن لا يهمنا ما عدد النقاط التي أحرزها الرئيس أو عدد الحفر التي أصابها”. وأضاف: “ما يعنينا هو الوصول الى رئيس الولايات المتحدة الاميركية، ديمقراطيا كان أم جمهوريا”.
وأطل أبرز وجهين إعلاميين في المشهد السياسي الداخلي في واشنطن، جيم فانديهي ومايك الان، ليكتبا في صحيفة “بوليتيكو” ان الحادثة تظهر أن “أوباما هو سيد تحديد وتحجيم والتلاعب بالتغطية الإعلامية له وللبيت الابيض”.

وأضاف الكاتبان أن تلاعب اوباما بالإعلام لا يتعلق بالحزبية، ولا بتهاون الاعلام الموالي للديمقراطيين معه، بل هو تلاعب بالشكل التقليدي، اي أن البيت الأبيض “يستخدم خدعا قديمة لتحديد التغطية من قبيل التسريبات المدروسة والمقابلات التي تعطى للإعلاميين الموالين دون غيرهم”.
ويضيف فانديهي والان أن اوباما أضاف الى الأساليب القديمة، اتقانه استخدام الوسائل الجديدة مثل مواقع التواصل الاجتماعي والتغطية الاخبارية المخصصة لفئات معينة، واثارة موضوعات في أوقات محددة للسيطرة على نوعية النقاش السياسي في البلاد.

كل هذه الألاعيب التي يستخدمها اوباما وادارته، مترافقة مع ضعف الاعلام التقليدي امام تقدم مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الاعلامية الحديثة، قلبت ميزان القوى بين السلطة الاولى والرابعة لمصلحة الأولى، وهو ما يشكل خطرا على حيوية الديمقراطية الاميركية برمتها، يقول الكاتبان، اللذان يختمان أن “البيت الأبيض في عهد أوباما ـ وهو يتمتع بمهارة بالاعلام الرقمي ولا يهوى الاعلام التقليدي ـ استغل نقطة الضعف لدى الاعلام التقليدي هذه بذكاء واستغلها بلا رحمة”.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق