الخميس، 9 مايو 2013

كيري يرغب في لقاء الأسد... لإقناعه بالتنحي

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

علمت «الراي» من مصادر في الكونغرس ان وزير الخارجية جون كيري قال في دردشة غير رسمية مع احد الاعضاء انه يعتقد انه لو قيض له لقاء الرئيس السوري بشار الاسد، لتمكن من اقناعه بالتخلي عن السلطة، والسماح تاليا ببدء عملية انتقال سياسية سلمية من دونه. 
تصريحات كيري تتناسب وسياق مواقفه، ومواقف الرئيس باراك اوباما والحزب الديموقراطي عموما، التي انقلبت في الايام الاخيرة من مشككة في جدوى اي تدخل عسكري اميركي في سورية الى معارضة لاي احتمال تدخل، في وقت يزور وزير الخارجية موسكو في محاولة متكررة لاقناع الروس بالتخلي عن الحماية الديبلوماسية التي يقدمونها للأسد دوليا منذ اندلاع الثورة المطالبة بانهاء حكمه في منصف مارس 2011.
وكانت صداقة تجمع الاسد بكيري حتى بعد اشهر قليلة من اندلاع الثورة السورية، وكان كيري حتى ذلك الوقت، مع وزير الدفاع تشاك هيغل، من اكثر المطالبين بما عرف بسياسة الانخراط مع دمشق، والانفتاح على الاسد، وتجنيده للمساعدة في الاستقرار في العراق ولبنان، وفي وساطة مع طهران حول برنامجها النووي.
ويقول العارفون بحركة كيري ان المسؤول الاميركي يعتقد ان مفتاح الحل يبقى في اقناع الاسد ان لا افاق مستقبلية له غير الخروج من الحكم، وهو ما سعى كيري الى اقناع الروس به. 
لكن الوزير الاميركي قال لنظرائه في موسكو، هذه المرة، انهم امام الفرصة الاخيرة، وانهم ان لم يقنعوا حليفهم في دمشق بتغيير موقفه، فان واشنطن لن تمانع من الآن وصاعدا، بل ستشارك في، عملية تسليح وتدريب الثوار سعيا الى قلب موازين القوى على الارض بشكل يفرض على الاسد تغيير رأيه.
وفي هذا السياق، جاء تقديم رئيس لجنة الشيوخ السناتور الديموقراطي بوب مينينديز لمشروع قانون يدعو اوباما الى «تقديم المساعدة الفتاكة»، اي عموم انواع الاسلحة ماعدا صواريخ ارض-جو المضادة للطائرات، «للعناصر المعتدلة في المعارضة السورية بعد عملية تمحيص دقيقة».
اما لائحة الاسلحة الاميركية المقترحة، والتي صار الحديث عنها في مناسبات متعددة مع قائد اركان «الجيش السوري الحر» اللواء سليم ادريس، فتتضمن مدافع ثقيلة وصواريخ غراد و«كل ما من شأنه دك تحصينات قوات الاسد في جبل قاسيون والمناطق الغربية والشمالية الغربية للعاصمة (دمشق)».
ويقول العاملون في اللجنة ان مشروع مينينديز جاء بايعاز من سلفه في رئاسة اللجنة وزميله السابق كيري نفسه. وأمل كيري ان يرسل القانون اشارات جدية الى الروس ان واشنطن عازمة على تسليح المعارضة حتى تتراجع موسكو عن حمايتها للأسد.
في هذه الاثناء، ومع ان الازمة السورية صارت تتصدر معظم البرامج الاخبارية والسياسية في الولايات المتحدة، الا ان الحماسة الاميركية لأي تدخل في سورية مازالت غائبة، حسب آخر استطلاعات الرأي. 
اوباما والديموقراطيون يدركون البرودة الشعبية، ما يجعلهم يحذرون من عواقب التدخل، وهم يفعلون ذلك غالبا باستحضار المأزق العراقي الذي تورطت به الولايات المتحدة العقد الماضي. ولهذه الغاية، ابتكر الديموقراطيون عبارة يرددها معظم سياسييهم والمحللين المؤيدين لهم، وهي تقول ان «كل خيارات اميركا في سورية سيئة»، لذا الافضل البقاء خارج هذه الازمة.
وعلى برنامج «رايتشل مادو» الاكثر شعبية بين الديموقراطيين، اطل عضو الكونغرس السابق باتريك مورفي، وهو سبق ان خدم في فرقة المارينز 82 المحمولة جوا برتبة نقيب وشارك في حرب العراق، ليشكك
في دعوات اعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، من امثال جون ماكين وليندسي غراهام، بجدوى التدخل في سورية. 
وكرر مورفي مقولة ان دفاعات الاسد الجوية اقوى بخمس مرات من الدفاعات الليبية، وقال ان على الولايات المتحدة ان تستمع الى قائد اركان الجيش الجنرال مارتن ديمبسي، الذي ابدى ترددا، في الاطلالات الاخيرة له، حيال اي تدخل عسكري اميركي في سورية.
وفي اليوم التالي، كتب المعلق في صحيفة «واشنطن بوست» يوجين روبنسون، وهو من الحزب الديموقراطي، مقالة حملت عنوان «اسئلة حول التدخل في سورية»، قال فيها انه على الرغم من مقتل اكثر من 70 الف سوري، لا يجب على واشنطن التدخل لان هناك مجازر كثيرة اخرى حصلت وتحصل حول العالم مثل في راوندا والكونغو، معتبرا ان على الولايات المتحدة تحديد معايير واضحة للتدخل او عدم التدخل في الحالات الانسانية، كما في سورية.
وربط روبنسون امكانية استخدام الاسد للاسلحة الكيماوية بالحديث عن برنامج مشابه كانت اميركا تعتقد انه بحوزة صدام حسين في العراق، وقال ان العاملين في اجهزة الاستخبارات الاميركية مازالوا هم انفسهم، وان من اخطأ في العراق، ممكن ايضا ان يخطئ في سورية.
الا ان زميل روبنسون الكاتب الجمهوري ريتشارد كوهين اعتبر ان المشكلة في ادارة اوباما ليست سورية فحسب، بل غياب اي سياسة خارجية متماسكة بشكل عام. وكتب كوهين ان «جل ما تريده الادارة هو تفادي المشاكل في الخارج من اجل خلق هدوء في الداخل، وهذا طموح ولكنه ليس سياسة».
لكن مواقف عضوي مجلس الشيوخ ماكين وغراهام والكاتب كوهين لا تعني بالضرورة ان غالبية الحزب الجمهوري متحمسة لتدخل عسكري اميركي في سورية. اما ابرز دليل على غياب الحماسة الجمهورية فكانت واضحة قبل اسابيع عندما قدم عضو الكونغرس الديموقراطي اليوت انغل مشروع قانون من اجل حض ادارة اوباما على تقديم المزيد من المساعدة للثوار السوريين ضد الاسد.
وقالت مصادر الكونغرس انه «بعد اكثر من اسبوع، لم يتقدم اي من الاعضاء الجمهوريين لوضع اسمه على مسودة القانون حسب العادة، ما دفع برئيس لجنة الاستخبارات الجمهوري مايك روجرز الى وضع اسمه الى جانب اسم انغل تفاديا للاحراج الذي عاشه الاخير عندما لم يتبن اي عضو غيره، لا ديموقراطي ولا جمهوري، مشروع القانون». 
وفي ظل معارضة الديموقراطيين الكاملة لاي تدخل عسكري في سورية، وفي ظل برودة الجمهوريين وغياب حماستهم، ماعدا بعض الاستثناءات من بينهم، وفي ظل استفتاءات الرأي
التي تشير صراحة الى ان غالبية الاميركيين تعتبر نفسها غير معنية بالمأساة السورية رغم تعاطفها مع الضحايا السوريين، لا يبدو تردد اوباما خارج السياق الاميركي، ولا يبدو تراجعه عن «الخطوط الحمر» التي وضعها في حال استخدم الاسد اسلحة كيماوية غريبا، فموقف اوباما من سورية لا يتناقض وموقف غالبية الاميركيين، بل يتماهى معه بشكل كامل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق