الاثنين، 10 يونيو 2013

تقييم أميركي لـ «القصير»: دور «النصرة» مبالغ فيه ومشاركة «حزب الله» قلبت الموازين

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

في جلسة مغلقة عقدها عدد من المسؤولين والخبراء الاميركيين لتقييم نتائج معركة القصير في سورية، توصل المجتمعون الى استنتاجات مفادها ان «دور جبهة النصرة في القتال في البلدة كان مبالغا به الى حد كبير»، وانه «بعد ان رفض بشار الاسد التفاوض مع الثوار من اجل خروجهم من المدينة وموافقة حزب الله على ذلك والسماح لهم تاليا بمغادرتها، صار واضحا ان كلمة الحزب اللبناني اصبحت الكلمة العليا في علاقة الحليفين».
واورد احد الخبراء الذين شاركوا في الاجتماع ملخصا لمجريات المعركة جاء فيه ان 20 فصيلا من الثوار شاركت في القتال، منها كتائب «الفاروق»، و«الحق»، و«المغاوير»، و«الوادي»، و«قاسيون»، و«ايمن»، و«التوحيد». وقال ان «جبهة النصرة لعبت دورا كذلك، رغم ان وجودها في القصير كان مبالغا فيه جدا من قبل الاعلام»، وانه بعد مقتل احد قياديها، المدعو ابوعمر ومساعديه، منتصف الشهر الماضي، «بدا واضحا ان الثوار استفادوا من غيابه لتهميش دور الجبهة اكثر».
وقال المصدر نفسه ان «الثوار نجحوا في صد الموجة الاولى من الهجوم الذي قام به مقاتلو حزب الله، واوقع الثوار في صفوف الحزب خسائر بشرية كبيرة. ثم عمد النظام الى تعزيز القوات المهاجمة بارساله مقاتلين من الفرقتين الثالثة والرابعة من دمشق، وان تقارير من دمشق رصدت تناقصا كبيرا في اعداد قوات النظام في العاصمة اثناء الهجوم على القصير، ما يشير الى ان الاسد استخدم اقصى طاقاته اثناء الهجوم».
واضاف انه رغم «الانتصار البطيء للأسد وحزب الله، فانهما اظهرا مقدرة على تعديل التكتيكات العسكرية بحسب ما تقتضي الظروف، وبالتطور استراتيجيا». ثم ان تحقيق التنسيق بين ثلاث قيادات هي قيادة قوات الاسد، وقيادة حزب الله وقيادة الميليشيات الموالية للأسد مثل الجيش الشعبي، تمت بطريقة مبهرة، وهو امر يصعب تحقيقه في احسن الظروف».
ونقل الخبير عن احد الثوار قوله ان «مقاتلي حزب الله افضل تدريبا وتنظيما من قوات الاسد»، وهو ما دفع الخبير المذكور الى توصل الى استنتاج مفاده ان «مشاركة قوات حزب الله في الهجوم على القصير كانت بمثابة المفتاح الذي قلب الموازين».
ويتطابق ما قدمه الخبير مع تقرير صدر عن «مركز دراسة الحرب» جاء فيه ان «تحريك الميليشيات المؤلفة من العلويين والشيعة له مساوئ، منها ان الحفاظ على القيادة والسيطرة مع هؤلاء ستكون اصعب مع مرور الوقت». واضاف التقرير ان «واقع ان حزب الله شارك في التفاوض على انسحاب الثوار، رغم معارضة الاسد، تظهر امكانية الخلافات مستقبليا على الاستراتيجية والاهداف». 
وحسب تقرير المركز فانه «رغم ايجابيات التحريك الطائفي على المدى القصير، فان الانقسام الطائفي الحاصل من شأنه ان يضعضع اي دعم متبق لدى الاسد بين شرائح سنية، وهي استراتيجية تفاداها حافظ الاسد بوضوح اذ كان يدرك مخاطر الحكم بالاستناد الى الاقليات وحدها». 
ويجمع الخبراء ان الاسد افاد من «اعتماده على القوات غير النظامية والامكانيات والدعم الذي قدمه حلفاؤه روسيا وايران وحزب الله، وهو دعم تجاوز في حجمه الدعم المقدم الى المعارضة، واظهر ان لدى النظام امكانيات اكبر بكثير من معارضيه»، وانه «في الوقت الذي عدّل الاسد استراتيجيته لتتوافق والتغيرات على الارض، لم يقدر الثوار على التجاوب بسبب مشاكل قيادية وتنظيمية، كما بسبب نقص التموين وخصوصا الذخيرة، وعدم مقدرتهم على مجابهة التفوق الجوي لقوات الاسد».
وقال مسؤول من المشاركين ان الاستيلاء على القصير سيسمح لقوات الاسد بالاستعداد لشن هجمات شمالا وشرقا لاستعادة مساحات خسرها، الا انه توقع ان «تتراجع فاعلية حزب الله مع توغله اكثر في الاراضي السورية، بعيدا عن القرى الحدودية التي تقطنها اكثريات شيعية تسهل وصول الامدادات».
وتابع المسؤول ان التقارير تشير الى ان قوات الاسد تحاول اقامة طرق عبر المناطق الموالية لها من الجنوب الى الشمال ومن الشرق الى الغرب، ولكن «هناك واقعا مفاده ان العلويين اقلية، وكذلك مناطقهم، ومن غير الممكن ان تجد قوات الاسد ممرات ارضية آمنة وبعيدة عن كمائن الثوار، لذا سيستمر اعتماد الاسد على التموين الجوي، ولذا من المتوقع ان نرى هجومه على حلب يبدأ بمحاولة فك الحصار عن مطار منغ كمفتاح لعودته الى المنطقة ولتموين قواته».
المسؤولون والخبراء توافقوا كذلك على ان معضلة اخرى ستواجه قوات الاسد وحلفائه مستقبلا، غير خطوط الامداد، وهي الحفاظ على الاراضي التي يستعيدونها. حتى الجيش الاميركي في العراق وافغانستان، يعتقد المسؤولون، لم يكن بوسعه السيطرة على مناطق والانتقال منها من دون تسليمها الى قوات محلية حليفة، والاسد سيضطر الى تقليص عدد القوات التي يبقيها خلفه في المناطق التي يسترجعها من اجل شن هجمات لاستعادة اراض غيرها، مما يعرض الاراضي المستعادة لخطر عودة الثوار اليها بالطريقة نفسها التي انتزعوها منه في المرة الاولى».
وتابع المجتمعون ان الاسابيع المقبلة ستظهر مدى قدرات الاسد و«حزب الله» والقوى التي تدعمهم، وان التحالف الذي يدعم الاسد صار يستخدم حاليا اقصى طاقاته، «فاذا ما تعثر مجهود الاستعادة والاحتفاظ بالاراضي، فستظهر محدودية هذا التحالف، وحينذاك يمكن للثوار البدء بهجوم مضاد يضع قوات الاسد على مسار تراجعي لا يمكن عكسه». 
وختم احد المشاركين بالقول: «لنتذكر ان القصير لم تكن المدينة الاولى التي استعادتها قوات الاسد من الثوار».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق