الخميس، 6 يونيو 2013

هل تنجح رايس وباورز في إقناع أوباما بالتدخل في سورية؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

لم يكن مفاجئاً أن يعمد الرئيس باراك اوباما الى رد اعتبار موفدته الدائمة الى الامم المتحدة سوزان رايس بتعيينها في أرفع منصب في ادارته، اي مستشارة للأمن القومي. والتعيين لا يحتاج الى مصادقة مجلس الشيوخ، وبالتالي هو ناجز منذ إعلانه. 
في الوقت نفسه، أعلن البيت الابيض نيته ترشيح سامنتا باورز، وهو ترشيح كانت «الراي» توقعته مطلع هذا العام، لخلافة رايس في الامم المتحدة. وبخلاف تعيين رايس، يحتاج تعيين باورز الى مصادقة مجلس الشيوخ، ما يعني أن الجلسة المخصصة له من المتوقع ان تشهد مواجهة سياسية يشنها الجمهوريون الذين يرجح ان يعيدوا فتح ملفات هجوم بنغازي، والتقاعس عن التدخل في سورية، والملف النووي الايراني.
وباورز كانت، الى جانب رايس ومستشار الامن القومي المتقاعد توم دونيلون ومسؤول الملف الايراني سابقا دينيس روس والسفير الاميركي في اسرائيل دان شابيرو، من اوائل الوجوه المعنية بالسياسة الخارجية التي دعمت المرشح باراك اوباما المغمور وساهمت في صناعة مواقفه في هذا المضمار والتسويق لها بين مراكز الابحاث والاعلام.
وكانت باورز متقدمة على رايس تراتبيا في حملة اوباما، حتى أدلت باورز بتصريح في مقابلة، اثناء الحملة، اجبر اوباما على الابتعاد عنها علنا. ومما قالته باورز في حينه ان اوباما، في حال انتخابه رئيسا، لن يسحب القوات الاميركية من العراق بعد ستة اشهر تماما كما كان وعد، بل سيستمع الى نصيحة كبار الضباط ويعمل معهم على تاريخ الانسحاب.
ذلك التصريح اثار زوبعة بين مؤيدي اوباما المتمسكين يومها بانسحاب فوري من العراق، ما اجبره على اقصائها. وكانت باورز هي المرشحة اساسا الى منصب سفيرة في الامم المتحدة، لكن خروجها بهذه الطريقة، أعطى منصبها الموعود الى رايس. وكجائزة ترضية، عين اوباما باورز بمرتبة عضو في مجلس الامن القومي.
والاثنتان، رايس وباورز، صديقتان. الاولى كانت تعمل في مجلس الامن القومي في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون في العام 1994 عندما وقعت مجزرة رواندا، والثانية كانت تعمل صحافية في يوغوسلافيا السابقة في منتصف التسعينات اثناء اندلاع حملات التطهير العرقي. ويعتقد المراقبون ان الحدثين اثرا كثيرا في آراء المسؤولتين، فأقسمت رايس انها ان واجهت مجزرة مرة اخرى، ستساند بشراسة التدخل بشكل دراماتيكي لوقفها. اما باورز، فشاركت في تأليف كتب عديدة وانتاج افلام وثائقية عن المجازر المختلفة، وهي كانت من ابرز الداعمين لحملة وقف مجازر دارفور، في السودان، في العام 2006.
وبسبب معارضتهما للمجازر وتأييدهما تدخلا اميركيا عسكريا حول العالم لمنعها، كانتا من اوائل المؤيدين لتدخل عسكري في ليبيا لمنع قوات العقيد معمر القذافي من ارتكاب مجزرة بحق سكان مدينة بنغازي.
ولكن رغم تأييد المسؤولتين التدخل في ليبيا، تأخر التحرك الاميركي بسبب المعارضة الشديدة ضده من مستشار الامن القومي توم دونيلون، الذي كان ولا يزال يحبذ بقاء الولايات المتحدة خارج الصراعات العسكرية حول العالم.
لكن معارضة دونيلون لم تصمد حينما عادت هيلاري كلينتون من لقاء حول ليبيا جمع حلفاء الولايات المتحدة، وكانت اصبحت مقتنعة تماما بضرورة التدخل، فتدخلت لدى اوباما، وبمساندة من رايس وباورز، تراجع دونيلون ودخلت اميركا حرب ليبيا.
دونيلون، وهو اساسا محسوب على نائب الرئيس جو بيدن، آثر اليوم الخروج من الادارة بعد تعيين أوباما نائب مستشار الامن القومي دينيس ماكدنو رئيسا لموظفي البيت الابيض، ما يعني ان مرؤوس دونيلون صار رئيسه، فساءت العلاقة بين الرجلين منذ تعيين الاخير، وخرج الاول لتحل رايس محله.
وكان دونيلون مهندس ما سمي بسياسة «الانعطاف نحو آسيا»، اي التركيز على بناء تحالف تحسبا لصعود محتمل للقوة الصينية. كذلك، تعزى اليه مساهمته في انسحاب الولايات المتحدة سياسيا من المشهد العراقي، بالتنسيق مع الرجل الذي كان مولجا معالجة هذا الملف انتوني بلينكن عندما كان الاخير مستشارا للامن القومي لدى بيدن. 
وبعد اتمام الخروج العسكري والسياسي من العراق، استقطب دونيلون بيلنكن، ومنحه كرسيا في مجلس الامن القومي الرئاسي، وهو منصب يشغله الاخير منذ بداية ولاية اوباما الثانية.
ومع خروج دونيلون من الفريق الرئاسي، يصبح السؤال: هل تنجح الاصوات المتعالية باقناع اوباما بتدخل عسكري في سورية؟ 
الاجابة معقدة ولكن اغلب الظن ان واشنطن ستبقى مترددة لناحية التدخل، حتى لو توغلت اكثر في دعم الثوار ضد بشار الاسد عسكريا وماليا ولوجستيا، والسبب ان اوباما نفسه متردد، وهو رغم انه يستمع الى نصائح مستشاريه يبقى صاحب القرار الفصل. 
اما اعضاء الادارة الآخرون من امثال وزيري الدفاع والخارجية تشاك هيغل وجون كيري، فهذان يعارضان التدخل في سورية من حيث المبدأ، ولكنهما عموما يدينان بالولاء لأوباما الى حد ان بعض المراقبين يصنفونهما في خانة «رجال النعم»، اي الذين يوافقون على آراء الرئيس وقراراته من دون نقاش. ولكن، بالطريقة نفسها لرفضهما اي تدخل عسكري في سورية، الارجح ان كلا من هيغل وكيري سينقلبان في موقفيهما فورا ويصبحان من اوائل المؤيدين للتدخل في حال نجح الثنائي رايس - باورز في اقناع اوباما بجدوى وضرورة التدخل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق