الثلاثاء، 23 يوليو 2013

مسؤول أميركي زار الخليج سراً قبيل الإعلان عن المساعدات المليارية لمصر

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |
جريدة الراي

الحركة السياسية في العاصمة الاميركية تشير هذه الايام الى تقدم كل من فلسطين ومصر في سلم اولويات ادارة الرئيس باراك اوباما، في مقابل تراجع سورية، رغم الزيارة المقررة لرئيس اركان «الجيش السوري الحر» سليم ادريس الى واشنطن، هذا الاسبوع.
في هذا السياق، قامت معظم مراكز الابحاث ومؤسسات المجتمع المدني الاميركية المعنية بالشرق الاوسط بتعديل مشاريعها في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، التي تمولها الحكومة الاميركية، وعكفت على اعداد مشاريع بديلة مخصصة لفلسطين اذ اظهرت ميزانية وزارة الخارجية انه تم تخصيص الكمية الاكبر من الاموال الاميركية المرصودة للمشاريع الخارجية للاراضي الفلسطينية.
وكان وزير الخارجية جون كيري، الذي يتفرغ حاليا لاعادة اطلاق المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين، قد اعلن انه ينوي تخصيص نحو اربعة مليارات دولار لانفاقها في تنمية الاراضي الفلسطينية في حال تم التوصل الى اتفاق سلام بين الطرفين.
في هذه الاثناء، ينصب اهتمام «مجلس الامن القومي» على الوضع في مصر، حيث قام عضو المجلس انطوني بلينكن بزيارة خاطفة وغير معلنة الى عواصم الخليج العربي، الاسبوع الماضي، عمل اثناءها على حث المسؤولين على التعجيل في توفير المساعدات التي اعلنتها للحكومة المصرية، والتي تعدت العشرة مليارات دولار، من اجل دعم الاقتصاد المصري، وتعزيز كمية النقد الاجنبي المتوفرة في المصرف المركزي من اجل الحفاظ على استقرار الجنيه.
كذلك، يتواصل فريق ادارة اوباما مع اعضاء الكونغرس من اجل اقناعهم «بعدم التعجل» في محاولتهم تعليق المساعدة الاميركية السنوية المخصصة لمصر والبالغة نحو مليار ونصف مليار دولار. ويدعو اعضاء في الكونغرس الى تعليق المساعدة الاميركية الى مصر لاسباب مختلفة تتراوح بين المطالبة بانتخاب حكومة ديموقراطية وحماية حقوق الاقليات.
وكما في مجلس الامن القومي، ينصب اهتمام القيادة العسكرية الاميركية ووزارة الدفاع على الوضع في مصر. ومن المقرر ان تسلم واشنطن القاهرة اربعة مقاتلات «اف -16» من الطراز الحديث وكميات اخرى من السلاح المتطور.
اذن، صعدت فلسطين ومصر الى الواجهة فيما شهدت سورية تراجعا في سلم الاولويات الاميركية.
وكانت آخر مقررات الادارة الاميركية حول سورية، في 13 يونيو، توصلت الى ضرورة ارسال اسلحة الى الثوار السوريين، والاستعداد لامكانية توجيه ضربة اميركية خاطفة لاهداف تعود لقوات الرئيس السوري بشار الاسد «لقلب الموازين على الارض» واجباره على التفاوض. الا ان عراقيل كثيرة مازالت تؤخر هذه القرارات.
في الموضوع السوري، لا تنقسم واشنطن الى ديموقراطيين وجمهوريين، بل تختلط الاصطفافات فينقسم السياسيون الاميركيون من الحزبين الى مؤيد للثوار في سورية، ومعارض للتدخل بشكل مطلق. وقد نجح المعارضون حتى الآن في تأخير اي خطوات ممكن ان تتخذها الادارة لتعزيز وضع المعارضة السورية عسكريا في وجه قوات الأسد.
المعارضون لتدخل اميركا مطلقا في الشأن السوري هم مزيج من اعضاء الكونغرس من الحزبين واعلاميون وصناع رأي وخبراء في مراكز الابحاث. اما الاسباب المعلنة وغيرالمعلنة لهؤلاء، فتتضمن تعبا اميركيا - خصوصا بين الديموقراطيين - من خوض حروب ما وراء البحار بسبب حربي العراق وافغانستان، وخوف البعض - خصوصا من اليمين المسيحي من المحسوبين على الحسب الجمهوري - من ان يؤدي انهيار الاسد الى وصول اسلاميين متطرفين الى السلطة يساهمون في اضطهاد او ترحيل المسيحيين وافراد الاقليات الاخرى من سورية.
كذلك، هناك من الحزبين من «لايرى» اهمية سورية الاستراتيجية للمصالح الاميركية، فيما تعارض القيادة العسكرية الاميركية في مجملها التورط في حرب «غير معروفة نهايتها وقد تؤدي الى التزام اميركي طويل الامد ومكلف ماليا».
هذا التحالف الموقت المعارض لتدخل اميركي في سورية اعلن نيته على لسان اعضاء في الكونغرس، يتصدرهم السناتور الجمهوري راند بول، تقديم مشروع قانون يحظر على الادارة تزويد المعارضين السوريين بالسلاح «لاننا لا نعرف من هم الجيدين من السيئين»، على حسب تعبيره.
ولأن اوباما لا يعتقد ان سورية تستأهل ان ينفق عليها من رصيده السياسي لاقناع معارضي التدخل بالتخلي عن معارضتهم، فهو اوكل المهمة الى نائبه جو بيدن، الذي زار الكونغرس مرارا في الاسبوع الاخير وعقد لقاءات خصصها للموضوع السوري.
وبيدن، الذي عمل سناتورا لاكثر من ثلاثة عقود، مازال يتمتع بعلاقات ممتازة مع اعضاء الحزبين، وهو استعان كذلك بمؤيدي التدخل الاميركي في سورية من الحزبين من امثال السناتور الجمهوري جون ماكين والديموقراطيين كارل ليفين، رئيس لجنة الشؤون المسلحة، وبوب مينينديز، رئيس لجنة الشؤون الخارجية.
ولئن استعصى على بيدن اقناع الكونغرس بالسماح بتزويد المعارضين السوريين المعتدلين بالسلاح، ارتأت الادارة ان تستضيف هؤلاء المعارضين، وان ترعى لقاءات بينهم وبين اعضاء الكونغرس من المتخوفين.
في هذا السياق، تأتي زيارة رئيس اركان الجيش الحر سليم ادريس الى العاصمة الاميركية. ومن المتوقع ان يصل ادريس الى الولايات المتحدة اليوم، وان تستمر زيارته بضعة ايام، يلتقي فيها اعضاء في الكونغرس لاقناعهم بضرورة تزويد قواته بالسلاح، كما يلتقي قيادات عسكرية، وعدد من السوريين والعرب الاميركيين، وخصوصا ممن يعملون منذ اشهر عديدة على جمع الاموال وارسالها للثوار.
لكن رغم زيارة ادريس المقررة، مازالت سورية تحل في المرتبة الثالثة عربيا بعد فلسطين، التي يتبناها حاليا كيري، ومصر، التي تستأثر بجل اهتمام صانعي السياسة الخارجية الاميركيين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق