الخميس، 15 أغسطس 2013

ارتياح أميركي لتقدم ثوار سورية وقلق من تنامي نفوذ المجموعات المتطرفة

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ابدت دوائر القرار في العاصمة الاميركية ارتياحا «للتقدم الذي يحققه ثوار سورية على خمس جبهات في مواجهة قوات بشار الاسد»، لكنها عبرت عن قلقها في الوقت نفسه من انتشار «العناصر الاسلامية المتطرفة» بين صفوف الثوار.
وأكدت مصادر اميركية انه «منذ 24 يوليو الماضي، شن ثوار سورية هجوما واسعا ضد الاحياء التي تسيطر عليها قوات الاسد في العاصمة دمشق، واحتلوا مناطقا حاولت قوات الاسد استعادتها عبر هجمات مضادة، ولكن من دون جدوى». 
كذلك، اعتبرت المصادر ان «الثوار حققوا نجاحات في مدينة دير الزور باستيلائهم على قرابة 80 في المئة منها، واجتاحوا 11 قرية في ريف اللاذقية، كذلك اعادوا تحريك جبهة ريف حماة بطردهم لقوات الاسد من بعض القرى هناك، مع استمرار تقدمهم شمالا في حلب وادلب». وحدها محافظة حمص «مازالت تشهد تفوقا للنظام، مع ان هذا التفوق بدأ يتراجع مع اضطرار الأسد الى ارسال تعزيزات من حمص الى جبهات اخرى تشهد تقهقرا، وخصوصا جبهة الساحل».
على ان الارتياح الاميركي لتقدم الثوار يشوبه الحذر لناحية نمو نفوذ المجموعات المتطرفة. وفي هذا السياق، جاءت تصريحات رئيس اركان الجيش الاميركي الجنرال مارتن ديمبسي، اثناء زيارته اسرائيل، والتي قال فيها: «انا قلق من احتمال قيام عقائد متطرفة باختطاف ما بدأ كحركة شعبية للاطاحة بالنظام». 
لكن حذر اميركا اليوم لا يمنعها من الاشراف على تسليح حلفائها الاقليميين للثوار، وهو ما اشار اليه ديمبسي بالقول: «اعتقد اننا في موقع افضل مما كنا عليه قبل ستة اشهر في فهمنا للاعبين المختلفين وخلفياتهم واهدافهم».
ويعزو الخبراء الاميركيون «انقلاب الموازين» لمصلحة الثوار الى امرين: الاول وصول اسلحة نوعية الى الثوار واستيلائهم على كميات من الاسلحة من مخازن النظام، والثاني نجاح قيادات المجموعات المقاتلة المختلفة في زيادة التنسيق فيما بينها وانشاء قيادة مشتركة تحت اشراف «المجلس العسكري السوري» الذي يرأسه الجنرال سليم ادريس.
وقدمت الخبيرة في مركز ابحاث «معهد دراسة الحرب» اليزابيث اوباغي بحثا جاء فيه انه «على الرغم من قصف النظام المتواصل بجوبر والبرزة والقابون، نجح الثوار في التقدم داخل حي جوبر، ومن تلك النقطة بدأوا تقدما منسقا نحو المناطق التي تسيطر عليها لقوات الحكومية». واضافت انه «بعد اشتباكات عنيفة، استولت المعارضة على مواقف العباسيين، وهي مرفق حكومي، واستمر االثوار في ضغطهم فسيطروا على مرفق كهربائي جنوب ركن الدين، وهم يحاصرون الآن مرآب دبابات تابع للفرع 211 في القابون».
في برزة، قالت اوباغي ان المعارضة تقدمت للسيطرة على مواقع تابعة لقوات الاسد قرب «المدرسة العسكرية»، وان هذا «اختراق لمساحات كانت تسيطر عليها القوات الحكومية ويعتقد انها عصية على الثوار». 
يوم 26 يوليو، شنت قوات الاسد هجوما جويا ومدفعيا في جوبر والقابون وبرزة، وفي اليوم التالي تقدمت قوات الاسد لاستعادة المناطق التي خسرتها، «الا ان الثوار نجحوا في صد الهجوم والحفاظ على مواقعهم»، حسب الخبيرة الاميركية، «ومنذ ذلك الوقت، تعطل زحف القوات الحكومية وزادت حدة المواجهات مع ارتفاع كبير في عدد القتلى من الجانبين». 
وعزت اوباغي نجاح الثوار عسكريا الى توحدهم في ما اسموه «جبهة فتح العاصمة»، التي تتألف من 23 فصيل، اهمها «فاروق الشام» و»الحبيب المصطفى»، وان هذه «الجبهة» تتعاون مع «لواء الاسلام»، احد اكبر واقوى تشكيلات الثوار العسكرية، و»احرار الشام».
واعتبرت اوباغي ان فشل قوات الاسد في استعادة المناطق التي خسرتها، بعد قرابة ثلاثة اسابيع من القتال، يظهر القدرة المحدودة لقوات الاسد، وهو رأي وافقه الخبير بيتر كليفورد، الذي قال انه «على الرغم من التقدم في محافظة حمص، صار واضحا ان الجيش السوري تم استنزافه بعدما فتحت المعارضة جبهات في امكان متعددة في البلاد، في وقت وجد الاسد نفسه مجبرا على حفظ ماء وجهه بالدفاع عن معاقل العلويين في قبل (محافظة) اللاذقية، حيث استولى الجيش السوري الحر على 11 قرية، ما أجبر الجيش السوري على ارسال تعزيزات، ما اثر سلبا على ادائه في حمص وادلب وحماة ودمشق».
وتقول مصادر اميركية ان فكرة استنزاف قوات الاسد على جبهات متعددة في الوقت نفسه جاءت بعدما لاحظ الثوار، وحلفائهم الدوليين، ان هذه القوات، عمدت منذ اليوم لانطلاق الثورة، الى التفرغ لجبهة واحدة، قبل الانتقال الى اخرى. 
حتى ان انتصار قوات «حزب الله» اللبناني والأسد في القصير شهد ارسال الاسد لمجموعة من قوات النخبة من دمشق، ما يعني -- حسب المصادر الاميركية -- ان «حجم القوة المقاتلة المتوفرة للأسد صغير»، وان هذه «لا يمكنها مواجهة جبهات متعددة في الوقت نفسه، على الرغم من ادائها الجيد في الانتقال بين الجبهات بسرعة نسبيا».
ومع قيام الثوار في استغلال نقطة الضعف هذه، عمدوا في الوقت نفسه الى تنظيم دفاعات جوية ساعدت في اسقاط مقاتلتين على الاقل مؤخرا فوق دمشق، وهو ما سيجعل من مهمة الاسد اصعب في القتال على جبهات متعددة. وفي هذا السياق، لفت خبراء عسكريون الى وجود انظمة «اس اي 8» المضادة للطائرات لدى الثوار. ويعتقد الخبراء ان هذه الانظمة لم تكن متاحة للثوار من دون اشراف ومشاركة خبرات من خارج سورية في اعدادها وتدريب الثوار على استخدامه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق