الأربعاء، 28 أغسطس 2013

تنصت أميركي يدين النظام!

حسين عبدالحسين

قدمت ادارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، اولى القرائن التي تعتقد انها تثبت تورط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الهجوم بالاسلحة الكيماوية على غوطة دمشق الاسبوع الماضي، وهي عبارة عن مكالمات هاتفية بين مسؤول في وزارة الدفاع السورية، وضابط في احدى الوحدات العسكرية المسؤولة عن الترسانة الكيماوية، ويتمحور الحديث بينهما حول هجوم كيماوي اوقع اكثر من الف قتيل.

الخبر حول تنصت اجهزة الاستخبارات الاميركية على هذه المكالمات، انفردت بنشره مجلة "فورين بوليسي"، التي قالت إن "هذه المكالمات هي السبب الرئيسي الذي دفع المسؤولين الاميركيين الى التعبير عن ثقتهم ان هجوم (غوطة دمشق) كان من فعل نظام بشار الاسد".

إلا أن المجلة نقلت عن مصادر الاستخبارات الاميركية قولها، إن اعتراض المكالمات يطرح، بدوره، اسئلة تتعلق بمسؤولية اركان النظام: هل كان الهجوم من فعل ضابط تخطى صلاحياته؟ او انه جاء بأمر مباشر من اعضاء كبار في نظام الأسد؟

وتنقل المجلة عن مصدر استخباراتي قوله: "لا نعرف بالضبط لما حدث الهجوم، لكننا نعرف انه كان عملاً لعيناً مغفلًا".

ووفقاً لـ "فورين بوليسي"، فإن "المكالمات، مقرونة بافادات الاطباء المحليين السوريين، وتوثيقات الفيديو للفاجعة، تعتبر كلها براهين ايجابية، وهو ما دفع الحكومة الاميركية، من الرئيس باراك أوباما ونزولاً في سلم المسؤولية، الى التأكيد علانية أن الجيش السوري ضرب بالغاز الاف المدنيين في منطقة الغوطة الشرقية".

وتختم المجلة بالقول إن "الادارة الاميركية لا تزال تنتظر تحليلات التراب والدم وعينات اخرى، على غرار ما فعلت اميركا والدول الغربية في الهجمات الكيماوية السابقة، ولكن التحليلات هذه المرة هي بمثابة تحصيل حاصل، ولا شك ان نتائجها ستثبت القرائن الاخرى".

وتحدثت مصادر اميركية اخرى عن وجود صور التقطتها الاقمار الاصطناعية، تظهر ان حمولة خرجت من احد مخازن الاسد الكيماوية، وتوجهت الى المكان الذي يعتقد ان الصواريخ اطلقت منه قبل نصف ساعة من هجوم الغوطة. وقالت هذه المصادر، إن الاقمار الاصطناعية الاميركية تراقب مخازن الاسد على مدار الساعة، وإن رصدها للحركة الاخيرة فيه المزيد من الاثبات حول مسؤولية نظام الاسد خلف الهجوم.

كذلك، قالت مصادر اميركية إن اجهزة الاستخبارات الاميركية نجحت -- عن طريق صحافيين سوريين حضروا الى موقع الهجوم -- في الحصول على صور لمكان وقوع الصواريخ، وان اجزاء كبيرة منها لم تنفجر، ما يساعد على تحديد ملكيتها حسب ارقامها التسلسلية. ويعتقد بعض الخبراء ان عدم انفجار اجزاء من رؤوس هذه الصواريخ يشي بأن الحمولة لم تكن تقليدية فحسب، بل تضمنت موادا كيماوية.

امام كل هذه الادلة، تعتقد ادارة الرئيس أوباما أن بين ايديها ملفاً فيه اثباتات دامغة على تورط نظام الاسد في هجوم الغوطة الكيماوي.

لكن حسم القرار بتنفيذ الضربة وموعدها، التي رجحت بعض التسريبات ان يكون غداً، لا يزال غير مؤكد وخاضع للمناورات الدبلوماسية المتواصلة فضلاً عن عدم تحديد اركان الادارة الأميركية إن كان الافضل لهم انتظار فريق الامم المتحدة، الذي قام بتحقيقات في الغوطة، حتى يقدم تقريره، او الذهاب الى الحرب حتى قبل صدور التقرير الاممي.

لكن عدداً من المسؤولين الاميركيين سبق ان اعتبر ان مهمة الفريق المذكور لم تتضمن تحديد هوية مطلق الصواريخ الكيماوية، بل فقط تثبيت ان كانت اسلحة كيماوية قد تم استخدامها ام لا، وهذا موضوع صار مفروغا منه، حسب هؤلاء المسؤولين.

في هذه الاثناء، اصدر "معهد دراسة الحرب"، بحثاً اعده الضابط السابق في البحرية الأميركية، كريستوفر هارمر، رأى فيه أن الضربة الاميركية المتوقعة "يمكنها ان تحدث ضرراً محدوداً بدرجات مختلفة لمقدرة نظام الأسد على استخدام الاسلحة الكيماوية او استمراره في العمليات بفاعلية ضد المعارضة". واضاف انه "لا يمكن للضربة استئصال مقدرات النظام العسكرية او اسلحته الكيماوية، او التسبب بضعف دائم للنظام".

لذا، يعتقد هارمر ان "الضربة ستكون غير فعالة، الا اذا كانت جزءاً من استراتيجية اميركية متكاملة، وذات موارد كافية، تجاه سوريا". وهذه الاستراتيجية، من وجهة نظره، يجب أن تتضمن"مساعدة العناصر المعتدلة والعلمانية في المعارضة لالحاق الهزيمة بنظام الاسد الذي تدعمه ايران وبالمتطرفين المرتبطين بالقاعدة ممن يهددون باختطاف الثورة".

ونبه هارمر إلى ان صواريخ الكروز وحدها لا يمكنها تحقيق هذه الاهداف، معتبراً أنه بالنظر الى القطع الاربع من الاسطول السادس المتواجدة في البحر الابيض المتوسط، ونظراً الى ان حاملة الطائرات "هاري ترومان" لم تنضم الى هذه المجموعة، وإلى أن البحرية غالباً ما تستخدم غواصاتها التي لا تعلن عن مواقعها كذلك في الهجوم، فمن المتوقع ان تتكون القوة النارية للضربة الاولى من 204 صورايخ كروز توماهوك الموجهة عن بعد، "وهذا العدد كاف لضربة متوسطة الكثافة تشنها القوة البحرية ضد اهداف مختلفة للأسد".

واعتبر أن صواريخ توماهوك فعالة جداً وتحقق ضربات قاتلة ضد اهداف "ناعمة" مثل الرادارات والابنية وانظمة الاتصالات والمقاتلات الجاثمة على الارض والآليات العسكرية. ويمكن لهذه الصواريخ، ان تحدث ضرراً كبيراً في اهداف مثل مدارج الطائرات ويمكنها تعطيلها الى حين، لكن لا يمكنها تدميرها. اما الاهداف المحصنة باسمنت مسلح وموجودة عميقاً تحت الأرض، فلا تأثير لهذه الصواريخ ضدها.

ودعا الخبير الاميركي الادارة الأميركية الى التحديد بدقة هدف ضربتها، واختيار نوع الضربة بناء عليه، وحث على استخدام سلاح الجو، مشيراً إلى أنه بامكان المقاتلات الاميركية القضاء الى حد بعيد على مخازن الأسد الكيماوية وتدمير قطعه العسكرية ومطاراته، ما يضعف من مقدرته العسكرية بشكل دائم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق