الخميس، 10 أكتوبر 2013

هل سيفضّل خامنئي «تجرّع كأس السم» الأميركي لإخراج بلاده من عزلتها الدولية؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قد يكون من حسن حظ العاملين في وزارة الخارجية ومجلس الامن القومي الأميركيين انه تم تصنفيهم على انهم جزء من الكادر الاساسي للادارة الاميركية، والذي لم يتأثر باغلاق الحكومة المستمر منذ الاسبوع الماضي. وفيما علق الرئيس باراك أوباما رحلاته الخارجية حتى التوصل الى تسوية داخلية مع الجمهوريين، عكف العاملون على ملفات السياسة الشرق أوسطية على رصد النقاش الايراني المندلع منذ المكالمة الهاتفية بين أوباما ونظيره حسن روحاني، الشهر الماضي.
يقول المعنيون بالملف الايراني ان ابرز التصريحات جاءت على لسان مرشد الثورة علي خامنئي، الذي وصف «بعض ما جرى» في نيويورك بأنه غير مقبول. واوضح بعض المسؤولين الأميركيين ان خامنئي «ربما ترك تصريحه مبهما حتى لا يكشف موقفه الفعلي حتى جلاء الامور اكثر».
التصريح الايراني الثاني في اهميته، الذي التقطه الاميركيون، جاء على لسان قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري الذي اجرى مقارنة بين خامنئي وسلفه روح الله الخميني، الذي قال جعفري انه وافق على قبول القرار 598 القاضي بوقف اطلاق النار مع العراق في العام 1988 على عكس رأيه، وبتوصية من مجموعة من المحيطين به الذين كانوا يخالفونه الرأي في ذلك.
ويقول الاميركيون ان اللافت ان عددا كبيرا من الخبراء الاميركيين سبق ان استخدم المقارنة نفسها بين الخميني، الذي قال انه كان يفضل ان يتجرع «كأسا من السم» بدلا من ان يوقف الحرب، وخامنئي الذي قد يعمد الى الاسلوب نفسه لاخراج ايران من عزلتها الدولية ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، والتي ارهقت كاهل معظم الايرانيين.
وفي هذا السياق، رصد الاميركيون البيانات الصادرة عن بنك ايران المركزي، والتي اظهرت ان نسبة التضخم في البلاد تجاوزت 40 في المئة في الفترة الممتدة بين 22 اغسطس و22 سبتمبر، مقارنة بالفترة نفسها قبل عام. 
وقال مصدر اميركي انه «فيما كان الشيخ روحاني يهم بركوب الطائرة في طريقه الى نيويورك للمشاركة في اعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ربما قرأ بيانات المصرف المركزي التي تظهر ان اسعار الطعام والشراب في ايران ارتفعت بنسبة 51 في المئة، وان اسعار الطاقة ازدادت بنسبة 20 في المئة، فيما وصلت الزيادة في اسعار الملابس والاحذية الى اكثر من 60 في المئة».
يقول المصدر انه في اغسطس 2013، صار راتب المواطن الايراني العادي يساوي نصف راتبه قبل عام. وتوقع المصدر ان «يستمر التضخم، وربما يحصل بوتيرة اسرع في المستقبل القريب»، وان «يعاني الايرانيون متاعب اقتصادية اكبر في حال استمرار العقوبات الدولية التي يفرضها مجلس الامن».
وكان الاميركيون رصدوا، الاسبوع الماضي، تصريحات روحاني على اثر اجتماع عقدته حكومته، وصفوها بالايجابية، وقال فيها انه يعتقد ان الادارة الاميركية هي ضد العقوبات على ايران، وانه يأمل ألا يلعب الكونغرس دور المعرقل في هذا المجال.
ويبدو ان روحاني لا يعرف ان لدى الرئيس الاميركي سلطة بتجاوز العقوبات التي يفرضها الكونغرس، وانه في حالة ايران، يحتاج الامر الى قرارات في مجلس الامن، وان أوباما وعد - حلفاء اميركا خصوصا - ان واشنطن لن توافق على رفع اي عقوبات قبل اتمام اتفاق مع ايران يقضي بوضعها لبرنامجها النووي السلمي تحت مراقبة دولية شاملة.
على ان المسؤولين الاميركيين قالوا انه بعد تصريح خامنئي «لا نعرف ان كان روحاني سيستمر في ايجابيته تجاهنا». وتوقع المسؤولون ان «تبادل واشنطن طهران الايجابية بايجابية»، ولكنهم قالوا انه يصعب عليهم «التنبؤ الى اي حد ستصل ايران في ايجابيتها».
وتعول غالبية المسؤولين الاميركيين على «الخطة» التي يتوقعون ان ايران ستقدمها في الاجتماع المقرر بينها وبين مجموعة دول خمس زائد واحد في جنيف يومي الثلاثاء والاربعاء المقبلين. ويقول الاميركيون انهم يريدون خطة فيها خطوات محددة وجدول زمني، «على غرار تلك التي توصلنا اليها مع الروس لنزع ترسانة نظام (الرئيس السوري بشار) الاسد الكيماوية».
ومن النقاط التي يأمل الاميركيون في ان يقدمها الايرانيون اغلاق مفاعل فردو قرب مدينة قم بالكامل، ووضع سقف لتخصيب اليورانيوم لايتعدى الخمسة في المئة، والتخلص من كميات اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة التي تختزنها ايران، وتوقيع البروتوكول الاضافي الذي يسمح لخبراء وكالة الطاقة الذرية باجراء عمليات تفتيش متواصلة ومفاجئة لاي مواقع تعتقد الوكالة انها مرتبطة بالبرنامج النووي.
في اللحظة التي تفيد فيها وكالة الطاقة الذرية بتجاوب ايران، تعمد الدول الكبرى الى رفع العقوبات في مجلس الامن، و«تبدأ عملية تأهيل العلاقة بين اميركا وايران»، حسب المسؤولين الاميركيين. عملية التأهيل، هذه، تتضمن شؤونا من قبيل العلاقة الثنائية بين البلدين واعادة «فتح خط طيران مباشر بين البلدين، وكذلك امور اقليمية يمكن ان تساهم ايران في التوصل الى حلول لها، مثل سورية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق