الاثنين، 11 نوفمبر 2013

المرحلة التجريبية من الاتفاق النووي لتخفيف الضغط داخل واشنطن وطهران

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

المرحلة الاولى من الاتفاق بين مجموعة دول خمس زائد واحد وايران، والتي كان يجري انهاء تفاصيلها في جنيف امس، هي بمثابة اتفاقية تجريبية تهدف الى بناء الثقة، لا بين واشنطن وطهران فحسب، بل بين الافرقاء المختلفين داخل كل واحدة من هاتين العاصمتين، ما من شأنه ان يعطي الطرفين المزيد من الوقت لابرام تسوية دائمة حول ملف ايران النووي، ومن دون ضغوط سياسية داخلية. 
في الولايات المتحدة، سيسعى الرئيس باراك أوباما الى استخدام الاتفاقية بمرحلتها الاولى لاسكات اسرائيل والصقور في الكونغرس. وكما في اميركا كذلك في ايران، سيستخدم الرئيس حسن روحاني الاتفاقية نفسها لتعويم رصيده السياسي في مواجهة الصقور في «الحرس الثوري» وفي بعض الحوزات الدينية.
هكذا، توافق دول خمس زائد واحد، اي اميركا وفرنسا وبريطانيا والمانيا والصين وروسيا، على السماح لطهران بتحريك جزء من احتياطها من النقد بالعملات الاجنبية المودع خارج ايران. ومن شأن استخدام هذه الاموال واعادتها الى المصرف المركزي ان يعزز الاحتياطي الايراني، ما يؤدي الى لجم التضخم، واستعادة البعض من قيمة العملة الايرانية، وخفض اسعار بعض السلع الاساسية التي تستوردها طهران.
كذلك، تنص المرحلة الاولى من الاتفاق على السماح لايران ببيع مشتقات بتروكيماوية وبعض المعادن، منها الذهب، فيما تبقى العقوبات المفروضة على قطاع النفط وعلى المصرف المركزي الايراني من دون اي تغيير.
في المقابل، «سترفع ايران من قدمها التي تضغط بها على دواسة البنزين» في برنامجها النووي، على حد تعبير مسؤول اميركي كبير في واحدة من الجلسات المغلقة والمتكررة التي تعقدها وزارة الخارجية الاميركية للصحافيين المعتمدين لديها. 
ويقول المسؤول الاميركي ان الاتفاق في مرحلته الاولى «يسمح لنا بوضع البرنامج الايراني على الساعة»، اي انه يصبح بامكان المجتمع الدولي تحديد سرعة هذا البرنامج زمنيا، من دون الخوف من مفاجآت ايرانية على شكل «هروب سري» نحو انتاج القنبلة في غفلة من العالم.
اما الخطوات الايرانية فتتضمن امتناعها عن تركيب طرود مركزية جديدة، ووقف العمل ببعض الطرود الحديثة التي وضعتها في الخدمة اخيرا، ومن شأن ذلك ان يبطئ السرعة الايرانية في تخصيب اليورانيوم. ويعتقد الخبراء الاميركيون ان في منشأة «نطنز» الايرانية 15000 طرد من الجيل الاول، منها 9000 تعمل بشكل متواصل.
كذلك، ستعمل ايران على تخفيض كمية مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة من نحو 150 كيلوغراما الى اقل من 100. ويذكر ان ايران تحتاج الى 225 كيلو تخصبها الى درجة 90 في المئة، وهو امر يحتاج الى بضعة اشهر، حتى تصنع قنبلة نووية واحدة.
المسؤول الاميركي يعتقد ان «ابطاء ايران لبرنامجها النووي من شأنه ان يشتري لنا المزيد من الوقت، ويؤخر امكانية انتاج قنبلة اكثر مما هو متوقع حاليا».
وكانت وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية ويندي شيرمان، وهي رئيسة الوفد الاميركي المفاوض مع ايران، سبق ان قالت في جلسة استماع امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، الشهر الماضي، ان الادارة تعتقد ان ايران تحتاج الى عام على الاقل لانتاج قنبلة، منذ اللحظة التي تتخذ فيها القرار بذلك. ولطالما ردد مسؤولو الادارة الاميركية ان مهلة السنة كافية لواشنطن لرصد اي قرار ايراني من هذا النوع وايقافه عن طريق العمل العسكري.
اليوم، وبموجب الاتفاق الاولي في جنيف، من المرجح ان تبتعد ايران عن صناعة القنبلة النووية اكثر من عام، وهو انجاز يمكن للرئيس الاميركي ان يقدمه لصقور الكونغرس ولاسرائيل للدلالة على ان جهوده الديبلوماسية اثمرت، من دون الحاجة الى المزيد من العقوبات الاقتصادية او الى ضربة عسكرية.
وكان المسؤول الاميركي قال، في معرض حديثه الى الصحافيين، ان الادارة طلبت من الكونغرس، الذي كان في طريقه لاقرار حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على ايران قبل اسابيع، ان يؤجل القيام بذلك لاعطاء الديبلوماسية المزيد من الوقت.
في ايران، سيتمكن روحاني كذلك من التلويح بانجاز حصوله على كميات من العملات الاجنبية التي ستساهم في تخفيف اعباء الحصار الاقتصادي الخانق الذي يفرضه المجتمع الدولي.
هكذا، بعد ان يذوق الاسرائيليون طعم الابطاء النووي الايراني، وبعد ان يذوق الايرانيون طعم الحياة مع عقوبات اقتصادية اقل، قد «يصبح التوصل الى تسوية نهائية اسهل واكثر قبولا لدى معظم الفرقاء»، يقول المسؤول الاميركي، الذي يتابع ان المفاوضين في جنيف قرروا امهال انفسهم مهلة ستة اشهر لابرام المرحلة الثانية والنهائية من الاتفاق، اي التوصل الى اتفاق شامل ونهائي يضع البرنامج النووي الايراني تحت مراقبة دولية تضمن صعوبة صناعة قنبلة، ويسمح لايران الاستمرار بالتخصيب، ويرفع العقوبات الاقتصادية الدولية.
بعد ذلك، قد تؤدي التسوية النووية الى بناء جسور ثقة بين الطرفين الاميركي والايراني، ديبلوماسيا كما شعبيا. عندذاك، يمكن البناء على الثقة المستجدة من اجل حوار مباشر واعادة العلاقات الثنائية المقطوعة منذ 34 عاما، وهو ما لم يقله المسؤول الاميركي علانية، ولكن كان ممكنا استخلاصه من روحية الحديث والايجابية التي ولدتها جلستا المفاوضات النووية اللتان انعقدتا في جنيف حتى الآن منذ انتخاب روحاني رئيسا لايران الصيف الماضي.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق