الخميس، 7 نوفمبر 2013

مسؤول أميركي: سنرى إن كانت تسوية نووية مع إيران ستؤثر على الوضع في سورية

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

قد تحاول الولايات المتحدة ارضاء السعودية بارسال وزير خارجيتها جون كيري، على وجه السرعة، الى الرياض، ليكرر المقولات المعروفة حول العلاقة المتينة بين البلدين. وقد يحاول كيري الايحاء ان موقف بلاده حول سورية قريب من، وان لم يكن متطابقا مع، الموقف السعودي. لكن الواقع يشير الى عكس ذلك تماما، بل يشي بوجود هوة عميقة بين واشنطن والرياض، يبدو ان سببها الاول عملية التقارب الاميركية - الايرانية، وما قد ينتج عنها من اعادة توزيع لخريطة القوى والنفوذ في المنطقة.
في الرياض، حاول كيري الايحاء بأن السعودية هي شريك بلاده في الامور الشرق اوسطية، وهو وصفها بـ «الاخ الاكبر» اقليميا، واطلق اثناء وجوده فيها تصريحات حول شؤون سورية والبحرين ومصر واليمن، للدلالة على موافقة واشنطن على دور سعودي في كل هذه الدول. بدوره، اطلق وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل تصريحات، اثناء مؤتمره الصحافي المشترك مع كيري، قال فيها ان قوات ايرانية متمركزة في سورية هي بمثابة احتلال ايراني لاراض عربية. 
لكن يبدو ان ما تراه السعودية احتلالا، تعتقده طهران «تفويضا دوليا» سيمنحه العالم لايران مكافأة على امكانية التوصل الى حل حول ملفها النووي، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية الايراني جواد ظريف، اثناء اطلالة له في مؤتمر منظمة الاونيسكو، قال فيها ان بلاده مستعدة «لأداء دور جديد في الساحات الدولية المختلفة».
التباين السعودي - الايراني يطرح اسئلة عديدة، من قبيل اين تقف اميركا منه، وهل تعتقد ان ايران قوة احتلال في سورية يجب طردها؟ ام ان لايران دورا في تثبيت الوضع السوري مستقبلا؟
في وارسو هذا الاسبوع، عقد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الاميركية لقاءات مع نظرائهم الروس، بعضها بحضور مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية الى سورية الاخضر الابراهيمي. في تلك اللقاءات، حاول الروس الاصرار على حضور ايران مؤتمر «جنيف - 2» الذي من المقرر ان يجمع بين ممثلي النظام السوري ومعارضيه للتوصل الى حل سلمي للحرب الدموية الدائرة منذ عامين.
الا ان الاميركيين كرروا موقفهم القائل ان على جميع الحاضرين الالتزام مسبقا بوثيقة «جنيف - 1»، والتي وافقت عليها واشنطن وموسكو، والتي تحدد هدف «جنيف - 2» بالبحث بكيفية نقل السلطات التنفيذية كافة من نظام الرئيس بشار الأسد الى حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، ويتم تأليفها بالتوافق بين الطرفين. 
بعد وارسو، افترق الديبلوماسيون الاميركيون. بعضهم طار الى اسطنبول للمشاركة في الجمعية العمومية للمعارضة السورية، والتي سيتم التصويت خلالها على موقف المعارضة من المشاركة في مؤتمر «جنيف - 2» وعلى شكل الوفد في حال جاء التصويت لمصلحة المشاركة. 
ديبلوماسيون اميركيون آخرون انتقلوا من وارسو الى جنيف للمشاركة في جولة مفاوضات جديدة بين مجموعة دول خمس زائد واحد وايران حول برنامجها النووي.
قبل الرحيل عن وارسو، تحدث مسؤولون اميركيون الى عدد من الصحافيين حول مؤتمر جنيف المقرر حول سورية، والدور الايراني هناك، وقال احدهم: «نحن نعرف ان روسيا تريدهم (الايرانيين) على الطاولة... هناك كثيرون ممن يريدونهم على الطاولة». 
واضاف المسؤول انه «من الواضح ان ايران تلعب دورا اقليميا، ايجابيا ام سلبيا بحسب من ينظر الى هذا الدور»، ومن الواضح ايضا، حسب المسؤول نفسه، «ان لدينا مخاوف كبيرة من مشاركة ايران (في الصراع السوري) ومن تمويل ايران لحزب الله اللبناني». 
لكن في نفس الوقت، يعتقد المسؤول الاميركي ان لايران دورا في مستقبل سورية، مع او بدون الاسد. في هذا السياق، يقول المسؤول: «ايران ستستمر في لعب دور ما (في سورية)، ونحن نريد ان نتأكد انهم لن يلعبوا دورا سلبيا في المستقبل».
اما شرط المباركة الاميركية لدور ايران المستقبلي في سورية، فهو التخلي عن الاسد. يقول المسؤول الاميركي: «اريد ان اكرر ما قلته، وهو ان الولايات المتحدة تعتقد ان كل من يأتي الى مؤتمر جنيف عليه ان يوافق على بيان جنيف - 1 قبل الحضور، وايران لم تختر ان تقوم بذلك».
هنا، سأل احد الصحافيين المسؤول المذكور حول امكانية القيام بصفقة اميركية - ايرانية تمزج بين التسوية النووية والتسوية السورية. واستخدم الصحافي عبارة «تجارة الاحصنة» في معرض سؤاله عن صفقة مقبلة، فقال المسؤول: «بالاجابة عن السؤال حول تجارة الاحصنة، نحن امام موضوعين منفصلين تماما». واضاف: «المفاوضات (التي جرت امس في جنيف) هي حول البرنامج النووي الايراني، والمواضيع الاخرى (مثل سورية)، ليست جزءا من هذا النقاش... إذاً هو نقاش يتمحور حول الموضوع النووي الايراني». 
على ان المسؤول الاميركي لم يستبعد القيام بصفقة مع الايرانيين حول سورية، حتى لو ان الحوار بين واشنطن وطهران لم يصل الى هذه المرحلة بعد، مضيفا: «اذا حصل تقدم في الموضوع النووي، هل يكون له تأثير على المواضيع الاكبر؟ سنرى... لا اعرف».
المسؤول الاميركي لا يعرف الى اين سيؤدي اي انفراج نووي مع ايران في علاقة واشنطن بطهران والتغيير الذي سيطرأ على دور الاخيرة في منطقة الشرق الاوسط، والذي سيكون من دون شك بمباركة اميركية، بما في ذلك في سورية. 
ولكن ان كانت واشنطن تعتقد فعلا انه يمكن لانفراج نووي ايراني ان يؤثر في الموضوع السوري، يصبح الطلب من ايران الالتزام بـ «جنيف - 1» او الذهاب الى «جنيف - 2» من دون معنى، ويمكن ساعتذاك انجاز تسوية حول سورية في جنيف، في الجلسة نفسها التي تجمع دول خمس زائد واحد وايران، ومن دون الحاجة الى مشاركة النظام السوري او المعارضة.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق