الأربعاء، 20 نوفمبر 2013

تركيا تسعى لحجز «مقعد» في «الشرق الأوسط الجديد»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

ليس كل حلفاء واشنطن واصدقائها منزعجين من امكان المصادقة على اتفاق جنيف النووي بين مجموعة دول «خمس زائد واحد» وايران. ففيما تسعى كل من اسرائيل واحدى الدول العربية، كل على طريقتها، الى نسف الاتفاق الذي لا تثقان بأن طهران ستلتزم بنوده، تحاول حليفة واشنطن الثالثة الكبرى، اي تركيا، الدخول كشريك في الاتفاقية الاميركية - الايرانية المزمع عقدها، في حال حصلت اختراقات ديبلوماسية بعد جنيف.
الوفد التركي نفسه لم يحاول اخفاء هدف زيارة وزير الخارجية داود اوغلو الى واشنطن ولقائه نظيره الاميركي جون كيري.
تقول مصادر رفيعة مواكبة للزيارة ان «انقرة هي احدى القنوات التي تسعى الى التوصل الى تسوية بين اميركا وايران»، وان السعي التركي ليس مستجدا، بل يعود الى اعوام خلت، من قبيل ذلك المبادرة التي اطلقتها تركيا - بالاشتراك مع البرازيل في مايو 2010 - من اجل نقل اليورانيوم الايراني المخصب بنسبة 20 في المئة الى خارج ايران.
منذ ذلك الوقت والعلاقة التركية - الايرانية «ما زالت ممتازة، بل تعززت، رغم التباين في بعض الشؤون الاقليمية»، حسب احد اعضاء الوفد التركي.
وكان التقارب التركي - الايراني بلغ ذروته العام الماضي، حتى في وسط الخلاف حول سورية، عندما سربت الاستخبارات التركية لطهران اسماء عشر ايرانيين كانوا يعملون لمصلحة الموساد الاسرائيلي في التجسس على ملف ايران النووي. وادت تلك الخطوة التركية الى غضب اسرائيلي واميركي عارم، وقام الكونغرس بوقف شحنة من 10 طائرات تجسس من دون طيار كانت في طريقها الى تركيا لاستخدامها في مراقبة الحدود التركية مع العراق ومع سورية.
اذا، يمكن لانقرة التي تتمتع بعلاقات ممتازة في الوقت نفسه مع طهران وواشنطن ان تلعب دور وساطة بينهما، وان «تحجز لنفسها مقعدا في الشرق الاوسط الجديد» الذي سينشأ اثر التقارب الاميركي - الايراني الذي قد ينتج عن اتفاقية جنيف، حسب المصادر.
ما هي المصالح التركية المطلوب مراعاتها في اي اتفاق اميركي - ايراني؟ تؤكد المصادر ان اوغلو قال لكيري ان «اي تسوية في المنطقة يجب ان تتضمن ترتيبات جديدة خصوصا في سورية والعراق». وتضيف المصادر ايضا ان اوغلو قال لكيري ان «الايرانيين ليسوا متمسكين بأحد، وانهم مستعدون للنظر في ترتيبات جديدة وحكام جدد في دمشق».
ربما تخلي ايران عن الاسد هو ما يريد ان يسمعه كيري، الذي كرر في مقابلة مع «بي بي سي» البريطانية»، انه «لا يعرف مدى انعكاس اتفاقية جنيف على الوضع في سورية». لكن ما لم يقله كيري سبق لمسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية ان رددوه على مسامع الصحافيين في الجلسات المغلقة التي سبقت جولة جنيف الاولى هذا الشهر.
ومع ان السفير الاميركي في سورية روبرت فورد استبعد في مقابلة، امكان مشاركة ايران في مؤتمر جنيف حول سورية، معتبرا انها طرف في الصراع، وان قواتها تقاتل في سورية وكذلك المجموعات التي تمولها مثل «حزب الله» اللبناني، الا ان ما يقوله مسؤولو الخارجية الاميركية في السر يختلف عن العلن، ومن ذلك ان واشنطن تتوقع، في حال التوصل الى اتفاق حول النووي الايراني، الى التوصل الى تسويات مع الايرانيين حول ملفات اخرى في المنطقة، تتصدرها سورية.
ولا شك ان الاميركيين يعتقدون انه بامكان طهران التخلي عن الاسد، وهو ما أكده اوغلو امام كيري، الا ان «العبرة تبقى في التنفيذ»، وهو ما سمعه اوغلو من كيري.
ويعتقد بعض معارضي الاتفاق الدولي مع ايران، ان الاخيرة تقدم وعودا كثيرة، وانها لا تنوي الوفاء بمعظمها، وان هذه الوعود تتضمن امكانية تخليها عن الاسد.
موضوع آخر، وان اقل تعقيدا، تقول المصادر ان اوغلو اثاره مع الايرانيين وحمل اجابتهم الى واشنطن هو ضرورة رحيل رئيس حكومة العراق نوري المالكي عن السلطة. في هذه الحالة، تبدو ايران اقل تمسكا بالمالكي منها بالاسد، وتبدو اكثر استعداد للتخلي عنه، كما الولايات المتحدة، في حال كان ذلك مطلبا يرضي تركيا، التي تعمل بدورها على رعاية تحالف كردي - شيعي بمشاركة السنة، يطيح بالمالكي.
وكانت الاسابيع الماضية شهدت زيارة أوغلو الى النجف، ولقائه كبار مراجعها مثل آية الله علي السيستاني، وزعيم التيار الصدري رجل الدين مقتدى الصدر المعارض الشرس للمالكي. ووعد اوغلو بافتتاح قنصلية تركيا في النجف الجنوبية، على غرار قنصليتها في اربيل في الشمال.
وفي الوقت نفسه، اطل رئيس الحكومة التركي رجب طيب اردوغان مع رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني والمغني الكردي المعروف شيفان، وهما بالزي الكردي التقليدي، لتأكيد متانة علاقة انقرة بالكرد العراقيين والاتراك.
على مدى الايام الماضية، كانت واشنطن مسرحا لترتيبات وتسويات لشرق اوسط جديد مبني على اتفاقيات عدة، يتصدرها اتفاق بين اميركا وايران تحاول بعض الدول الانضمام اليه حتى لا يفوتها قطار التسوية.
وحدها اسرائيل والدول العربية خارج الاتفاق، على الاقل حتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق