الأربعاء، 15 يناير 2014

واشنطن تتعامل مع «إيرانين»... أولى يديرها روحاني وثانية تتألف من متشددين وقيادة «الحرس»

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

«ايرانان تتعامل معهما الولايات المتحدة اليوم» هي خلاصة لقاء مغلق جمع مشرعين في الكونغرس ومستشاريهم، مع مسؤولين في ادارة الرئيس باراك أوباما، وفي حضور خبراء ومعنيين.
وقدم عاملون في الادارة مطالعة حول ايران الاولى التي يديرها الرئيس «البراغماتي» حسن روحاني ويعاونه وزير خارجيته جواد ظريف.
هذه الايران، يقول المسؤولون الاميركيون، تعمل بتفويض ودعم من مرشد الثورة علي خامنئي يشمل مواضيع محددة، ابرزها العمل على الخروج من المأزق الاقتصادي الذي وجدت الجمهورية الاسلامية نفسها فيه على اثر سلسلة من القرارات الصادرة عن مجلس الامن، والتي فرضت عقوبات اقتصادية حادة على طهران بسبب «عدم شفافيتها» في برنامجها النووي، الذي تكرر القيادة الايرانية ان اهدافه سلمية.
هذه الايران هي التي نجحت الديبلوماسية، اي العقوبات حسب الاميركيين، في جعل وفدها المشارك في جولات المفاوضات مع مجموعة «دول خمس زائد واحد» اكثر جدية. «العقوبات هي التي اثرت في قرار الحكومة الايرانية التي تم انتخابها الصيف الماضي»، يقول احد المسؤولين الاميركيين المشاركين في الجلسة. 
هذه الايران هي التي نجحت الادارة الاميركية في اقامة قنوات اتصال معها، سرية في بادئ الامر، وعلنية في وقت لاحق. 
«الاتصال بين واشنطن وطهران مستمر، ودوري، ويجري على مستوى وزيري الخارجية»، يضيف المسؤول. هذه القناة هي التي ساهمت في دفع المفاوضات للوصول الى اتفاقية موقتة في جنيف في 24 نوفمبر الماضي، وهي نفسها التي «ساهمت في تحويل اتفاق نوفمبر من نظري الى فعلي ابتداء من العشرين من الشهر الحالي».
هذه الايران ايضا هي التي تعول عليها واشنطن للتوصل الى اتفاقية شاملة حول الملف النووي، تساهم في رفع كلي للعقوبات الدولية عن الجمهورية الاسلامية، وربما تؤدي لاعادة العلاقات الديبلوماسية كاملة بين واشنطن وطهران للمرة الاولى منذ العام 1980.
«لدى الولايات المتحدة امل بهذه الايران»، يتابع المسؤول الاميركي، مضيفا ان بلاده تحاول «تعزيز مكانة هذه الايران، والتوصل معها الى اتفاقات تلي الاتفاق النووي الشامل، في حال التوصل اليه». اما الاتفاقات الاميركية - الايرانية التي تأمل واشنطن في التوصل اليها فتغطي شؤونا متعددة، تشمل الحرب على الارهاب، وافغانستان، والعراق، وسورية، ولبنان، وتراعي «مصالح اميركا وحلفائها من جهة، ومصالح ايران من جهة اخرى».
وفي وسط تشكيك بعض المشاركين، وخصوصا من اعضاء الكونغرس والخبراء، يضيف المسؤولون الاميركيون انهم يدركون صعوبة التوصل الى اتفاقات لا يمكن لايران التي تتعامل معها واشنطن ان تفي بها.
«هناك ايران اخرى لا تعبأ بالصعوبات الاقتصادية للايرانيين، وينصب اهتمامها على المحافظة على مصالحها الداخلية الضيقة، وان تستولي لا على موارد ايران فحسب، بل كذلك على بعض مقدرات الدول المجاورة»، حسب مسؤول اميركي آخر.
هذه الايران تتألف من المتشددين وقيادة الحرس الثوري. وهذه الايران، يضيف المسؤول، هي التي «شحنت 330 شاحنة محملة بالذخائر والاسلحة عبر العراق الى (الرئيس السوري بشار) الاسد والميليشيات المتحالفة معه منذ توقيع الاتفاقية النووية في 24 نوفمبر الماضي». 
هذه الايران، يضيف المسؤول، هي التي «دربت وسلحت وتشرف على عمليات حزب الله في لبنان، وكتائب حزب الله وعصائب اهل الحق في العراق، وميليشيات من الحوثيين في شمال اليمن». ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان ايران ترسل الاسلحة في قوارب صغيرة يصعب تحديدها الى اليمن، وانه من اصل كل عشرة قوارب اسلحة ترسلها طهران الى اليمنيين، توقف السلطات اليمنية وتصادر قاربا واحدا.
وينقل المسؤولون الاميركيون عن السلطات البحرينية انها اوقفت بحرينيين بحوزتهم 50 قنبلة ايرانية الصنع و300 صاعق كتب عليها صنع في سورية، وان الموقوفين قالوا انهم حاولوا تهريب الاسلحة الى داخل البحرين بالتنسيق مع معارضين بحرينيين مقيمين في ايران.
«المتشددون الايرانيون يحاولون عرقلة الاتفاق النووي، وهم حاولوا عبر البرلمان ان يجبروا الحكومة على المضي بالتخصيب حتى درجة 60 في المئة، وطالبوا بتغيير تشكيلة المفاوضين النوويين والعودة الى زمن كانت فيه المفاوضات عبارة عن محاضرات مملة وطويلة في التاريخ والسياسة العالمية والاقليمية»، يقول المسؤول.
ويتابع ان «السؤال اليوم هو اين يقف المرشد، والاجابة معقدة... يمكن انه يرغب في ان يلعب دور المرجح بين الاثنين، ما يقوي من موقفه في مواجهة اي منهما».
هنا سأل احد الحاضرين، اذا كان نفوذ روحاني لا يتعدى الاقتصاد والمفاوضات النووية، لماذا يفاتحه وزير الخارجية جون كيري بمواضيع مثل سورية؟ يجيب المسؤول: «علينا ان نعلم فريق روحاني ان اتفاقنا النووي لا يشمل امورا اخرى، واننا قد نتفق نوويا ونجد انفسنا في مواجهة حول الامور الاخرى مثلما رفضنا حضورهم مؤتمر جنيف 2 (حول الازمة السورية)».
اذا، واشنطن تجد نفسها في مواجهة ايرانيين، واحدة تتمنى لو كانت في موقع افضل داخليا يتيح لها التوصل الى اتفاقيات معها، واخرى هي في موقع افضل داخل طهران وتسعى الى عرقلة اي اتفاقات. «اي ايران سيكون لها الكلمة الاخيرة هو الذي سيحدد ما اذا كنا على باب انفراجات معهم (الايرانيين)، ام ان كان صراعنا المستمر منذ اكثر من ثلاثة عقود سيستمر»، يختم المسؤول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق