الخميس، 23 يناير 2014

خبراء أميركيون يتخوفون من إعادة الأسد لاعباً رئيسياً في مستقبل سورية

واشنطن - من حسين عبدالحسين

لكل من يتساءل من اين جاء الرئيس السوري بشار الاسد بفكرة تحويل مؤتمر «جنيف - 2» المخصص لانتقال السلطة في سورية الى لقاء لمكافحة التنظيمات المسلحة المتشددة، ما عليه الا ان يطالع نص المقابلة التي ادلى بها وكيل وزير الخارجية وليام بيرنز لموقع «آل مونيتور»، المؤيد للأسد. 
يقول بيرنز: «في ما يخص جنيف - 2، نحن نراه كبداية لعملية، عملية تهدف الى الانتقال السياسي، لانها الطريقة الوحيدة التي يمكن لنا ولآخرين حول العالم ان ينهوا الحرب الاهلية بطريقة لا تؤدي الى تثبيت سورية وادراك حقوق شعبها فحسب، بل تمنع كذلك التمدد الخطير للعنف المتطرف الى خارج سورية».
ومفردة «العنف المتطرف» ادخلها منسق الارهاب السابق في وزارة الخارجية دانيال بنجامين، والذي زار دمشق قبل العام 2011 والتقى مدير الامن القومي فيها علي مملوك، بدلا من كلمة «الارهاب» التي درجت على استخدامها ادارة الرئيس السابق جورج بوش.
اذا، يعتقد بيرنز ان «جنيف - 2» عملية ينتج عنها امران: انتقال سياسي، ومحاربة الارهاب، ما يعني ان الاسد وروسيا وايران لم يكونوا وحدهم من اصحاب فكرة مناقشة وقف الارهاب في جنيف، مع التعمية على الجزء الاول الذي يقضي بانتقال صلاحيات الاسد الى حكومة موقتة ذات صلاحيات كاملة.
وربما تكون «مكافحة العنف المتطرف» هي الجزء الذي وافق عليه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، وهو على اتصال مستمر ببيرنز، كهدف لمشاركة ايران في المؤتمر، قبل ان يحدث ذلك بلبلة ويدفع اميركا، وتاليا الامم المتحدة، الى التراجع.
وصار معلوما ان دعوة الامم المتحدة لايران جاءت بموافقة اميركية، فقاعدة العمل التي ينتهجها مبعوث السلام الاخضر الابراهيمي مبنية على حصول توافق يشمل كلا من اميركا وروسيا والامم المتحدة قبل اتخاذ اي خطوة. ومع عمل مساعد وزير الخارجية الاميركي السابق جيفري فيلتمان مستشارا للامين العام بان كي مون، يصعب الاعتقاد بأن الاخير قام بدعوة ايران الى «جنيف - 2» من دون التنسيق مع موسكو وواشنطن، والموافقة الصريحة للأخيرة.
وما يزيد في الطين بلة، انه رغم ان ثلاث مجموعات سورية مقاتلة رئيسية هي «الجبهة الاسلامية»، و«الاتحاد الاسلامي لأجناد الشام»، و«جيش المجاهدين»
حذروا في بيان موافقتهم على مشاركة المعارضة في مؤتمر «جنيف - 2» من «التسويف والمماطلة لتمييع القضية محاكاة لمسلسل مؤتمرات الحل السياسي في القضية الفلسطينية والتنازلات التي يجب ألا تتكرر في قضيتنا السورية»، الا انه يبدو ان المماطلة هي في قلب الرؤية الاميركية لانتقال السلطة السياسية بموجب جنيف.
وما يؤكد رؤية بيرنز لطول العملية ما ادلى به مسؤول اميركي رفيع اثناء جلسة مغلقة عقدها مع الصحافيين ابان التوجه الى جنيف، وقال فيها: «لا اعتقد ان اي احد سبق ان تعامل مع مسؤولين في نظام الأسد لديه اوهام ان هذه العملية ستكون سريعة... وعلينا جميعا ان ندرك ان جنيف هو بداية العملية، وانها لن تكون سريعة».
هكذا، تعتقد واشنطن ان «جنيف - 2» هو بداية لعملية مفاوضات طويلة، تتخللها خطوات اخرى تتضمن، على حد قول المسؤولين الاميركيين، وقف اطلاق نار محلي في اماكن متفرقة من سورية، وتبادل معتقلين، والسماح بمرور مساعدات انسانية.
هذه الخطوات لا يبدو ان اميركا تمانع ان يكون للأسد ونظامه دور فيها، اذ يقول بيرنز ان وزير الخارجية جون كيري حث نظيره الروسي سيرغي لافروف على الضغط «ليس فقط على (وزير الخارجية السوري وليد) المعلم داخل النظام، ولكن كذلك على كل واحد يتمتع بنفوذ عند النظام، بما في ذلك الايرانيون، للموافقة على هذا النوع من الخطوات».
وعلى غرار عملية «بناء الثقة» في المفاوضات النووية الدولية مع ايران، يعتقد بيرنز ان «الخطوات» التي سيتم اتخاذها خلال «عملية جنيف» السياسية، يمكنها «ان تولد جوا ايجابيا من شأنه ان يؤدي الى انطلاقة جيدة في جنيف - 2».
ويضيف بيرنز: «بالتأكيد نرحب بأية مساهمة ايرانية باتجاه التقدم في هذه الخطوات العملانية، اعني ان ذلك في مصلحة شعب سورية والمنطقة».
على ان عملية «جنيف - 2» السياسية، التي تتخللها خطوات عملانية يمكن ان تولد ايجابية باتجاه الانتقال السياسي والتخلص من «العنف المتطرف»، تشوبها شائبة واحدة دفعت وزير الخارجية الاميركي، حسب بيرنز، الى التشديد امام نظيره السعودي سعود الفيصل، اثناء اللقاءات بينهما الاسبوع الماضي، على قلق واشنطن «من تنامي نفوذ مجموعات العنف المتطرف، وخطر تمددها، وضرورة انجاح جنيف - 2».
هكذا، تبرز الرياض وكأنها عقبة في وجه الانتقال السياسي في سورية، والا، ما معنى ان يطلب كيري من الفيصل «ضرورة انجاح جنيف - 2؟»
قد تكون الولايات المتحدة متمسكة برحيل الأسد، واستبداله بسلطة جامعة للسوريين كافة، وقيام هذه السلطة بعد ذلك بمكافحة المجموعات المتطرفة، الا ان ادارة الرئيس أوباما تبدو غير مؤهلة لقيادة عملية من هذا النوع، او على الاقل، يبدو ان مسؤوليها فاقدون للفهم الصحيح للخطوات المطلوبة لذلك.
وفي ظل تشتت افكار الادارة الاميركية وقلة خبرة ديبلوماسييها، حسبما صار واضحا في ارتباكهم المتواصل في سورية والعراق وايران وفلسطين، يعتقد عدد من الخبراء في العاصمة الاميركية ان طول العملية السياسية، والانخراط مع الأسد في خطوات تتخللها، من شأنها ان تعيد الأسد كلاعب رئيسي في مصير سورية مستقبلا، وهو عكس ما تردده واشنطن، ولكنها لا يبدو انها تعي ما تفعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق