السبت، 12 يوليو 2014

كيري في فيينا بعد انفراج في المفاوضات النووية مع إيران

| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

يصل اليوم الى العاصمة النمساوية فيينا وزير الخارجية الأميركي جون كيري في محاولة لدفع المفاوضات بين مجموعة دول «5 + 1» وإيران، حول ملفها النووي، في اتجاه الحل، او على الأقل، التوصل الى اتفاقات جزئية تسمح بتبرير تمديد الاتفاقية الموقتة الموقعة في جنيف، التي تنتهي صلاحيتها الاحد المقبل، والتي سمحت برفع بعض العقوبات الدولية عن طهران في مقابل تجميد الأخيرة لبعض نشاطاتها النووية.

وعلمت «الراي» من عاملين في الكونغرس الأميركي ان وزارة الخارجية طلبت من قادة الحزبين «إبقاء جدول مواعيدهم مفتوحا هذا الأسبوع تحسّبا لأي مشاورات طارئة في حال التوصل الى اتفاق او تمديد للاتفاق الموقت».

وكانت المفاوضات النووية وصلت الى حائط مسدود، خصوصا على إثر تصريحات مرشد الثورة الإسلامية السيد علي خامنئي شدد فيها على ان بلاده لن تقبل أي اتفاقية مع المجتمع الدولي تقضي بتخليها، لا عن التخصيب فحسب، بل عن التخصيب الى «مستويات صناعية» مطلوبة لتزويد مفاعلات انتاج الطاقة النووية بوقود.

ورافق خامنئي تصريحاته بحث الإيرانيين على تبني ما يسميه «اقتصاد المقاومة»، وهو ما فسره كثيرون في العواصم الغربية على انه دعوة صريحة من المرشد للاستمرار بالتخصيب الى مستويات لا يقبلها المجتمع الدولي، حتى لو كان ذلك يعني الاستمرار في الوضع الاقتصادي المأساوي الذي تعيشه غالبية الإيرانيين.

لكن في الساعات الأخيرة، اشارت التقارير المتواترة من العاصمة الأميركية الى حصول ما يشبه الانفراج في فيينا، وهو ما ألمحت اليه وزارة الخارجية الروسية، اول من أمس.

في إيران حاليا معمل انتاج طاقة واحد هو بوشهر، صممته روسيا وتزود إيران بالوقود النووي بموجب عقد ينتهي في العام 2021.

الوفد الإيراني قال ان هدف بلاده هو الوصول الى مرحلة يمكنها صناعة وقودا نوويا لتزويد بوشهر لأنه «لا يمكن للأمة الإيرانية ان تكون تحت رحمة أية حكومة أخرى في حال قررت الأخيرة التوقف عن تسليم الوقود الدوري».

هنا، قدمت الوفود المشاركة عددا من الاقتراحات، حسب المصادر في العاصمة الأميركية، كان أبرزها ان تقوم روسيا بتزويد الوقود النووي لبوشهر مسبقا وبكمية تكفي للاستخدام لسنوات قليلة، ما يسمح لإيران – في حال تمنعت روسيا عن الاستمرار بالتزويد – ان تبحث عن بدائل. الوقود النووي الإضافي الذي ستحصل عليه طهران في شكل مسبق سيتم تخزينه على الأراضي الإيرانية، وبمراقبة تامة من وكالة الطاقة الذرية الدولية.

يقول متابعو تفاصيل مفاوضات فيينا ان الإيرانيين وافقوا مبدئيا على الاقتراح، وان الوفود دخلت في التفاصيل التي تقضي بتخفيض تخصيب اليورانيوم الإيراني الحالي الى نسب لا تتعدى 5 في المئة، وهو ما يتطلب قيام طهران بتفكيكها ما بين 10 الاف و15 ألف طرد مركزي لديها، والاكتفاء بما مجموعه خمسة الاف طرد تتكفل بتخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لأغراض بحثية.

كذلك، طالبت المجموعة الدولية بأن تكون مدة الاتفاق 15 عاما، وهي مدة تسمح لإيران بتطوير ابحاثها في شكل تصبح قادرة على تصميم معمل انتاج نووي للطاقة، وتشييده، وتزويده باليورانيوم المحلي. بعد مرور المهلة المذكورة، يكون المجتمع الدولي اطمأن الى النوايا الإيرانية، ويمكن اذ ذاك لإيران تخصيب اليورانيوم الى مراحل صناعية لإنتاج الوقود.

بكلام آخر، تقول المصادر الأميركية، ان على إيران تحويل برنامجها الحالي الى برنامج نووي بحثي والى نواة برنامج مستقبلي لإنتاج الطاقة النووية، وان موعد بدء طهران بإنتاج الطاقة هو 15 عاما من اليوم.

هذا من حيث المبدأ، ولكن في الواقع، تحتاج الخطة المذكورة الى جلسات مكثفة بين الوفود لكتابة نص يحدد بالتفصيل مسؤولية كل من الأطراف. كذلك، مازالت الوفود بحاجة الى الاتفاق حول كيفية رفع العقوبات عن إيران: هل يتم ذلك بعقد جلسة لمجلس الأمن تلغي كل قرارات العقوبات السابقة وتتبنى نص الاتفاقية النهائية؟ اما ان القرارات الأممية تبقى حتى يمكن العودة اليها في حال تخلّفت طهران عن الاتفاق؟

الانفراج المبدئي، الذي مازالت تصاحبه أمور شائكة تتطلب المزيد من العمل لحلحلتها، هو الذي اعاد مستشار نائب الرئيس الأميركي لشؤون الامن القومي جاك سوليفان الى فيينا الجمعة، والانفراج نفسه هو الذي دفع كيري الى الحضور الى العاصمة النمساوية اليوم، على أمل ان يشكّل الحضور الديبلوماسي الأميركي الرفيع دفعا أكبر باتجاه التوصل الى اتفاق كامل مع منتصف الأسبوع.

يذكر ان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يرافق الرئيس فلاديمير بوتين في جولة في دول اميركا اللاتينية، وان التوصل الى اتفاق في فيينا يتطلب حكما حضوره.

لكن هل يسمح الأسبوع المتبقي في عمر الاتفاقية الموقتة ابرام اتفاقية نهائية وشاملة، أم ان كيري سيقدم عناصر الانفراج الى الكونغرس لإقناعه بأن المفاوضات مازالت على الطريق الصحيح، وأن إيران لا تماطل، وأن المزيد من الوقت مازال مطلوبا للتوصل الى اتفاقية نهائية مع حلول مطلع العام المقبل كحد اقصى؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق