الاثنين، 18 أغسطس 2014

التعاون مع إيران يتسبب بانقسام في واشنطن

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

وفقا لما أوردته «الراي» الأسبوع الماضي حول الاتفاق الأميركي مع إيران، والذي افضى الى تعيين حيدر جواد العبادي رئيسا لحكومة العراق، تستكمل كل من واشنطن وطهران تنفيذ بنود الاتفاقية الضمنية بينهما، التي كانت أولى بوادرها تخلي العبادي عن بعض صلاحيات سلفه نوري المالكي، وتوقيعه تعهدا يحدد ولايته باثنتين، وقطعه وعودا لزعماء السنة، خصوصا من العشائر، بمنحهم مناصب وزارية ومدهم بالمال والسلاح.

في هذه الاثناء، التزمت الولايات المتحدة الجزء المتعلق بتأمينها غطاء جويا لقوات البشمركة الكردية يبدو انه بدأ يعطي مفاعيله مع تراجع قوات «الدولة الإسلامية».

وفي وقت يندلع الجدال في العاصمة الأميركية بين مطالب بتوجيه ضربات جوية لـ«داعش» داخل سورية، وآخر يدعو الى توسيع هذه الضربات لتشمل قوات الرئيس السوري بشار الأسد، رصد الخبراء الاميركيون نوعا من التنسيق الضمني بين الولايات المتحدة والأسد في ساحة القتال، فيوم أول من أمس، تعرضت قوات «داعش» الى 60 غارة جوية، 43 منها داخل سورية شنتها مقاتلات الأسد، و17 في العراق قامت بها المقاتلات الأميركية.

وتقول التقارير المتواترة الى العاصمة الأميركية من العراق ان التنسيق هناك بين المسؤولين الاميركيين ونظرائهم الإيرانيين جار على قدم وساق، وهو ما دفع البعض في إدارة الرئيس باراك أوباما الى الإشارة الى فوائد التنسيق مع طهران بالقول انه افضى حتى الآن الى انفراجات واسعة داخل العراق ولبنان، ويساهم في قلب الصورة العسكرية ضد قوات «داعش».

وكان اول ملتقطي إشارات التنسيق بين واشنطن وطهران رئيس حكومة بريطانيا دايفيد كاميرون، الذي دعا الى ضم إيران الى الجبهة التي تسعى الى القضاء على «داعش».

لكن معارضي الرئيس أوباما يجدون الكثير من السذاجة في قول فريقه ان التنسيق مع الإيرانيين افضى الى قلب الأمور في وجه «داعش»، وان على العالم مكافأة إيران على تعاونها.

ويقول هؤلاء ان الجمهورية الإسلامية كانت مذعورة من «داعش»، وأنها حاولت وقف زحفها ذاتيا باستخدام مقاتلات السوخوي وارسال مستشارين عسكريين من «الحرس الثوري الإيراني» للإشراف على المعارك وتوجيهها. لكن بعد أسابيع من القتال، لم تستعد القوات الحكومية العراقية او الميليشيات الموالية لها، ذات التدريب والتسليح الإيراني، أي أراض، بل نجحت «داعش» في إيقاع المزيد من الخسائر في صفوف الجيش العراقي والميليشيات، وحققت المزيد من التوسع.

والحرب ضد «داعش»، يعتقد معارضو أوباما، هي حرب إيران أولا وأخيرا، ومشاركة المقاتلات الأميركية والعشائر السنية ضد «داعش» يساهم في تعزيز الموقف الإيراني. المفارقة، يضيف المعارضون الاميركيون، ان إيران نجحت في اقناع أوباما ان تسهيلها عملية تشكيل الحكومة العراقية ومكافحة «داعش» هي خدمة للغرب، وان على واشنطن مكافأة طهران عليها، ربما بالسماح لها بالإبقاء على المزيد من الطرود المركزية لتخصيب اليورانيوم ورفع المزيد من العقوبات الدولية عنها.

على ان فريق أوباما يعتقد ان في تخلي إيران عن المالكي مؤشر ليونة إيراني، ويقول عاملون في الفريق الرئاسي انه «ربما يؤدي التعاون في العراق الى تعاون شبيه في سورية، وتتخلى طهران عن الأسد لمصلحة غيره من النظام، على غرار ما جرى ببغداد».

هذه أماني بعيدة عن الواقع، يرد معارضو أوباما، الذين يعتبرون ان إيران حققت مكسبا كبيرا باستبدال المالكي برئيس حكومة عراقي أكثر قربا منها، وبإقحامها في الوقت نفسه أميركا في الحرب ضد «داعش».

أقل من أربعة أشهر تفصل العالم عن نهاية مسار المفاوضات النووية بين المجتمع الدولي.

المرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي وصف المفاوضات بـ «عديمة النفع»، وأسبغ عليها صفة التعاون التكتيكي مع الولايات المتحدة في شؤون محددة لإيران مصلحة فيها، ربما كان يقصد العراق ولبنان.

وفي الأثناء أطل، الأمين العام لوكالة الطاقة الذرية كريستيانو أمانو، ليعلن ان الإيرانيين متعاونون في مواضيع متعددة للمرة الأولى منذ العام 2011، بما في ذلك تقديم تفاصيل حول برنامجهم للصواريخ الباليستية. هل يعلن خامنئي خلاف ما تقدم عليه حكومته؟ وهل تتعاون إيران مع الولايات المتحدة وبقية العالم وتكشف عن تفاصيل برنامجها النووي سرا فيما المسؤولون الإيرانيون ينفون ذلك علنا؟

المسؤولون في الإدارة الأميركية يؤكدون التعاون الإيراني غير المسبوق في ملفها النووي، كما في ملفات إقليمية شرق أوسطية. المعارضون يصرون انه حتى الآن، لم تقدم إيران تنازلا واحدا يمكن الإشارة اليه، بل هي تناور وتوحي لأوباما وتمننه انها تقدم له تنازلات فيما الواقع يشي عكس ذلك.

في أقل من أربعة أشهر ينحسم الجدال بين الفريقين الاميركيين. اما يتوصل العالم وأميركا الى اتفاقية نووية مع إيران تتوسع لتشمل ملفات أخرى ورفع للعقوبات، او تتعثر المفاوضات وتنتهي. وحتى 24 أكتوبر، يستمر التواصل بين واشنطن وطهران ويستمر الانقسام بين الاميركيين حول جدوى هذا التواصل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق