الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

«قلّة ذوق» أوباما «الانتهازي» تضاف إلى لائحة الانتقادات الأميركية بحقه

| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

يقول كورنل ويست، وهو أحد أبرز الشخصيات الأميركية من أصل افريقي، ان الرئيس باراك «أوباما مزيف». وفي مقابلة مع مجلة «صالون»، وجّه المؤيد السابق للرئيس الأميركي انتقادات لاذعة لأول رئيس أميركي من أصل افريقي بقوله «أردنا رئيسا تقدميا، فحصلنا على (بيل) كلينتون ذي وجه اسمر... حصلنا على انتهازي آخر».

ومع ان الهجوم ليس الأول من قواعد الحزب الديموقراطي او قياداته ضد أوباما، خصوصا بعد انتقادات وزيرة خارجيته السابقة والمرشحة الرئاسية للعام 2016 هيلاري كلينتون لسياسته الخارجية، الا ان هجوم ويست هو الأول من أميركي من أصل افريقي من الديموقراطيين، وهو صادف مع امتعاض واسع من شخصية الرئيس الأميركي وتصرفاته في الأسبوعين الأخيرين، وخصوصا اثناء تمضيته اجازته الصيفية في «دالية مارثا» في ولاية ماساشوستس الشمالية.

وكان الاعلام الأميركي، الجمهوري والديموقراطي والوسطي، وجه انتقادات لاذعة بعدما خرج أوباما لممارسة رياضة الغولف على إثر إعلانه شجبه لقيام تنظيم «الدولة الإسلامية» بقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي، الأربعاء الماضي. ذاك اليوم، أطل أوباما شاحبا، واستنكر عملية القتل، وعبر عن أسفه، واتصل بأبوي الصحافي المقتول. لكن بعد ذلك بساعات، كان أوباما على ملعب الغولف حيث التقطت كاميرات الصحافيين صوره باسما.

اثارت ابتسامات أوباما ولعبه الغولف حفيظة الاميركيين، من الحزبين. عزرا كلاين، نائب رئيس تحرير موقع فوكس واحد أبرز مؤيدي أوباما منذ العام 2008، علق على الموقف بتغريدة بالقول ان «الغولف اليوم هو قلة ذوق». وأيد كلاين الكثير من الصحافيين الموالين للحزبين، كما انتقدت أوباما برامج التوك شو.

لكن الرئيس الأميركي لم يستمع للاعتراضات الأميركية، وخرج في اليوم التالي الى ملعب الغولف متحديا ليلعب جولة جديدة. ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مساعدين للرئيس الأميركيين انه «لم يعد يعير الانتقادات الموجهة اليه اهتماما»، وهو ما جعله يخرج ليلعب الغولف يوم الخميس للمرة الثامنة في 11 يوما قضاها على الجزيرة.

وما ساهم في توسيع الانتقادات بحق الرئيس الأميركي، الذي لم يقطع اجازته، ان رئيس حكومة بريطانيا دايفيد كاميرون قطع اجازته وعاد الى مقر عمله في «10 داونينغ ستريت» فور اعلان خبر مقتل فولي، اذ ان لهجة القاتل الذي ظهر في الفيديو بريطانية، وهو ما حمل لندن على مباشرة التحقيقات للتوصل الى كشف هويته، في وقت اشارت المعلومات الأولية انه صار لدى البريطانيين تصور حول هوية الشخص الذي ظهر في الفيديو.

اما السبب الثاني للانتقادات التي طالت أوباما فسببها ما بدا ابتعاده عن متابعة احداث الشغب في ولاية ميزوري الجنوبية على إثر مقتل مايكل براون، ذي الأصل الافريقي وغير المسلح، على يد الشرطي الأبيض دارن ويلسون بست طلقات، وهو ما أشعل انتفاضة في ذلك الحي حملت أبعادا عرقية واعادت الى الاذهان العلاقة المتأزمة تاريخيا بين السود والبيض.

وعلى عكس مقتل المراهق من أصل افريقي تريفون مارتن على يدي مدني مسلح يدعى جورج زيمرمان العام 2012، عندما أطل أوباما مرارا وتحدث مطولا حول الأزمة بين الأعراق، وقال انه لو كان لديه ابن، لكان مثل مارتن، بقي أوباما بعيدا هذه المرة.

في أزمة ميزوري هذه، غلبت البرودة على تعليقات أوباما. لم يقل إن براون كان ممكنا ان يكون هو في أيام شبابه، او ان يكون ابنه اليوم لو كان لديه ابن. فقط دعا الى تطبيق القوانين بشكل عام. ثم ذهب ليلعب الغولف.

ولعبة الغولف هذه كانت ورطت الرئيس السابق جورج بوش الابن، الذي أدلى للصحافيين بتعليق شديد اللهجة ضد عملية تفجير في إسرائيل العام 2002، ثم قال لهم «الآن شاهدوا هذه الضربة»، وقام بتسديد الكرة بمضربه. على إثر تلك الحادثة والانتقادات التي اثارتها، أعلن بوش انه علق لعبة الغولف حتى نهاية رئاسته. فهل يحذو أوباما حذو سلفه؟

على أن أزمة أوباما صارت أعمق من لعبة الغولف وحدها، فسياسته الخارجية المرتكزة على ما يشبه العزلة وعدم التدخل في شؤون العالم يبدو انها تنهار مع صعود «داعش» في العراق وسورية، فيما يعتقد مراقبون ان التدخل العسكري الأميركي في العراق جاء متأخرا، وأن «داعش» تابعت تمددها ان كان في استيلائها على مطار الطبقة العسكري في الرقة او في شنها هجوماً على طوزخرماتو بالكاد نجحت قوات البشمركة الكردية في صده.

وداخليا، كما خارجيا، يعاني أوباما، فحزبه الديموقراطي يقترب من خسارة الغالبية التي يسيطر عليها في مجلس الشيوخ بسبب انهيار شعبية الرئيس، وسياسة اصلاح قانون الهجرة، التي أعلنها أوباما مرتكزا لولايته الثانية، يبدو انها تنهار كذلك، ما يهدد الولاء الكبير الذي تمنحه الكتلة الناخبة من أصول أميركية جنوبية للديموقراطيين.

كذلك، يواجه أوباما انتقادات بسبب عدم قيامه بإعداد خلف له قبل سنتين من انتخابات الرئاسة، ومع أن كلينتون تبدو ذات حظوظ وافرة للفوز بترشيح حزبها، الا انه يتوجب على أوباما - كما على بقية الرؤساء تقليديا - تحفيز القاعدة وتحضير الأرضية لمرشح الخلافة.

كل هذه الانتقادات والأزمات الداخلية والخارجية، المتعلقة بشخصية أوباما، دفعت أحد المعلقين الى القول انه «ربما أوباما كان يفضل لو ان مدة ولايتيه ست سنوات تنتهي هذا الخريف، بدلا من ان يضطر للتعايش مع سنتين إضافيتين من الازمات والانتقادات والخيبات».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق