الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

ماذا سيقول أوباما في خطابه للشعب الأميركي

حسين عبدالحسين

في خطابه الى الشعب الأميركي، المتوقع مساء الأربعاء، سيكرر أوباما ما قاله في خطابه في أكاديمية وست بوينت العسكرية في شهر أيار/مايو الماضي، وسيشدد على مبدأ الشراكة في مكافحة الإرهاب حول العالم، مما يعفي الأميركيين من ارسال قوات على الأرض، ويسمح لهم بالاستعاضة عنها بتدريب وتسليح قوات حليفة، مثل "القوات المشتركة" في العراق والتي تضم القوات الحكومية، والبيشمركة الكردية، وما يسمى "قوات الحشد الشعبي" المؤلفة من مقاتلي العشائر السنية ومتطوعين شيعة.

وكما في العراق، كذلك في سوريا، ستبحث الولايات المتحدة عن قوات حليفة لها على الأرض، بين مقاتلي المعارضة السورية المسلحة، ومن دون اللجوء الى او التنسيق مع قوات الرئيس السوري بشار الأسد.

"نحن نحتاج الى شركاء في صفنا لقتال الإرهابيين"، قال أوباما في خطاب وست بوينت، مضيفاً أن "تقوية الشركاء هو جزء كبير مما فعلناه وما نفعله حاليا" في دول مثل أفغانستان.

وفي التصور الذي قدمه أوباما في أيار، صندوق للشراكة في مكافحة الإرهاب بقيمة خمسة مليارات دولار، قامت ادارته في وقت لاحق بتخصيص نصف مليار منها لتدريب وتسليح المعارضة السورية. ومن المتوقع ان تصرف هذه الأموال مطلع الشهر المقبل بعد مصادقة الكونغرس على موازنة العام المقبل.

لكن ذلك المبلغ الذي يطلبه أوباما من الكونغرس لا يكفي لعملية تحجيم تنظيم "الدولة الإسلامية" أو القضاء عليه. هذا المبلغ سيتم استخدامه لتقوية مقاتلي الحلفاء على الأرض، لكن الحكومة الأميركية ستحتاج من دون شك الى أموال إضافية لتمويل عملياتها الجوية، التي بلغت 148 غارة ضد اهداف التنظيم في العراق على مدى الشهر الماضي، بتكلفة ناهزت الـ 250 مليون دولار.

يذكر ان لدى الكونغرس تمويلاً احتياطياً سنوياً للمهمات الطارئة حول العالم يبلغ 3 مليارات دولار، لا يتم تدويرها من عام الى آخر في حال لم يتم انفاقها. لكن هذا المبلغ لن يكفي كذلك في حال طالت العمليات الجوية الأميركية او ازدادت وتيرتها وعدد الطلعات الجوية، او توسعت لتشمل سوريا في الاشهر المقبلة، أو إن استعانت بقوات أميركية خاصة بين الحين والآخر لتحرير رهائن هنا او اصطياد هذا الزعيم هناك.

أما نموذج الشراكة الذي يتصوره أوباما، والذي أشار اليه في وست بوينت وفي مؤتمرات صحافية لاحقة، فهو نموذج اليمن، حيث تعمل واشنطن على تحسين قدرات الحكومة اليمنية على مكافحة الإرهاب، وفي الوقت نفسه تشن القوات الأميركية غارات مباشرة ضد اهداف وشخصيات تصنفها إرهابية داخل اليمن.

والشراكة التي تقدمها إدارة أوباما سببها اعتقاد الرئيس الأميركي ان مكافحة الإرهاب لا تكمن في القضاء عليه، بل في استبدال وجوده في مناطق نفوذه بقوات حليفة تهزمه بمساعدة أميركية وتبقيه خارجها، وهو ما دأبت واشنطن على فعله في العراق وأفغانستان واليمن، وقريباً في سوريا.

ومن المتوقع ان يشدد الرئيس الأميركي على ان المساعدة العسكرية الأميركية للقوات الحليفة لا تهدف الى دخول الولايات المتحدة كطرف في المواجهات الداخلية، إن في اليمن أو في سوريا، وأن يقول أوباما انه خارج إطار مكافحة الإرهاب، فلا حلول تأتي داخل هذه الدول بغير الحلول السياسية، على غرار ما حصل في العراق.

على انه يصعب تحديد الفارق بين مكافحة الإرهاب وقيام حلفاء أميركا بقتال خصومهم الذين لا تصنفهم واشنطن في خانة الإرهابيين. وفي الحالة السورية، ستستفيد قوات المعارضة من دعم وتدريب وتسليح أميركي تسعى جاهدة اليه منذ ثلاث سنوات. وسيمنحها ذلك فرصة أكبر، لا لمحاربة داعش فحسب، بل قوات الأسد كذلك.

والخطاب الذي سيدلي به أوباما سيسعى من خلاله الى استمالة الرأي العام الأميركي لدعم المجهود الحربي ضد داعش عبر التشديد ان هذا المجهود لن يتضمن استخدام قوات أميركية على الأرض.

ومن غير المعروف اذا ما كان أوباما سيطلب موافقة الكونغرس، الذي يتربص به سياسياً، أم انه سيعلن ان ما سيقوم به ضد داعش هو من صلاحيات الرئيس من دون الحصول على موافقة الكونغرس، الذي كان قد ألغى، في تصويت سريع وبعيد عن الأنظار في تموز/يوليو الماضي قانون الحرب على العراق للعام 2002، والذي كان من شأنه ان يسمح للرئيس الأميركي بشن حرب أخرى هناك من دون حتى اعلام السلطة التشريعية.

العمليات الحربية الحالية ضد داعش بدأت في العراق في 8 آب/أغسطس الماضي، وللرئيس صلاحية تمديدها حتى 8 من الشهر المقبل، على الأقل، من دون العودة الى الكونغرس. ولأن واشنطن تخشى أن تؤدي هزيمة داعش في العراق الى فرارها الى سوريا، فإنه من المتوقع ان تشمل العمليات العسكرية سوريا كذلك، لكن الجزء السوري سينتظر إتمام اعداد قوات المعارضة السورية التي ستواكب الهجمات الجوية الأميركية ضد التنظيم.

هذه التفاصيل، وكثيرة غيرها، فضلاً عن اللجوء الى المبادئ المؤسسة للدولة الأميركية مثل حرية الشعوب، ستكون كلها في خطاب أوباما الذي سيوجهه الى الشعب الأميركي، وهو الأول منذ توجيهه خطاب اعلان نيته توجيه ضربة عسكرية لقوات الأسد في أيلول الماضي على إثر الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في دمشق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق