الأربعاء، 10 ديسمبر 2014

أبو أحمد الكويتي «يشعلها» بين «الشيوخ» و«سي آي إي»

واشنطن - من حسين عبدالحسين

قبل أشهر من العملية التي أدت إلى اغتيال أسامة بن لادن في أبوت آباد في باكستان في العام 2011، أعدت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) خطة علاقات عامة سرية للتأكيد على أن برنامج الاستجواب تحت التعذيب الذي اعتمدته، لعب دوراً حاسماً في العثور على زعيم «القاعدة» الراحل. وبدءاً من اليوم التالي للاغتيال، قام مسؤولو الوكالة في جلسات استجواب سرية في الكونغرس بالتركيز على هذه النقطة.

لكن في التقرير الذي أعدته لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ حول تقنيات التعذيب لدى الوكالة، ونشر أول من أمس، رفضت اللجنة مقولة إن تعذيب المحتجزين ساهم في العثور على مكان بن لادن، وهي نتيجة خلص إليها أيضا فيلم «زيرو دارك ثيرتي» الصادر في 2012 والذي تدور أحداثه حول عملية الاغتيال.

ويقول تقرير مجلس الشيوخ أن الجزء الأكبر من معلومات الاستخبارات حول من سماه «رسول القاعدة» أو من يعرف باسم أبو أحمد الكويتي الذي كان يقوم بتلبية احتياجات بن لادن حيث يقيم، «تم الحصول عليها من مصادر لا علاقة لها ببرنامج الاستجواب لدى السي آي إي، وان المعلومات الأكثر دقة من محتجز لدى الوكالة، جرى الحصول عليها قبل تطبيق الوكالة تقنيات ما يسمى ببرنامج الاستجواب المعزز».

وأضاف التقرير أن «معظم الوثائق والإفادات والشهادات من السي آي إي حول العلاقة بين تعذيب المحتجزين ومطاردة بن لادن كانت غير دقيقة ومتعارضة مع سجلات الوكالة».

وردت الوكالة في بيان رافضة اتهامات اللجنة بأنها اعتمدت التضليل والخداع حول دور برنامج التعذيب في مطاردة بن لادن.

ومعلوم أن العنصر الحاسم الذي أوصل الأميركيين الى مكان بن لادن هو التعرف على أبو أحمد الكويتي الذي كان صلة الوصل بين زعيم «القاعدة» الراحل والعالم الخارجي من مخبئه السري في أبوت آباد.

لكن تقرير مجلس الشيوخ أظهر ان «سي آي إي» كانت ناشطة في جمع المعلومات عن الكويتي في وقت مبكرعما كان يعتقد، وقبل وقت طويل من الحصول على معلومات في شأنه من محتجزين لدى الوكالة.

وكانت الولايات المتحدة قد بدأت بالتجسس على هاتف الكويتي في وقت متقدم من العام 2001 وبداية العام 2002، وحصلت «سي آي إي» على معلومات من مصادر أخرى بما في ذلك تقارير من دول حليفة ترتكز الى إفادات محتجزين لدى هذه الدول، بما في ذلك الاسم المستعار للكويتي وحقيقة أنه أحد أقرب الأشخاص إلى بن لادن، وانه سافر تكراراً للقائه. وكانت لدى الوكالة ايضاً معلومات عن عمره وشكله وروابطه العائلية وتسجيل لصوته، وهي معلومات ثبت انها حاسمة في الوصول اليه.

وأدركت «سي آي إي» في العام 2004 أنها يجب أن تركز على العثور على أبو أحمد في اطار مطاردة بن لادن بعد ان استجوبت العنصر في القاعدة حسان غول الذي اعتقل في كردستان العراق.

وأشار تقرير الشيوخ إلى أن غول قدم للوكالة المعلومات الاستخباراتية «الأكثر دقة» حول دور الكويتي وعلاقته ببن لادن. الا انه أكد ان غول أعطى كل المعلومات المهمة حول الكويتي قبل إخضاعه لأي تقنيات تعذيب و تحدث بإرادته للمحققين، مضيفاً انه خلال استجواب دام يومين في يناير 2004، أعدت الوكالة 21 تقريراً استخبارياً من غول الذي قال ضابط استخبارات انه «كان يغني مثل عصفور مغرد».

ووصف غول في ذلك الاستجواب الأولي الكويتي بانه «أقرب مساعد» لبن لادن، وقال انه دائما كان معه، مشيراً الى انه الرسول الذي ينقل الرسائل بين بن لادن وقادة «القاعدة» الآخرين.

ونقل عن غول قوله ان الكويتي هو واحد من ثلاثة اشخاص يلتقون بن لادن الذي تكهن بانه «يعيش في منزل في باكستان حيث يقوم الكويتي بتلبية احتياجاته».

ومع ذلك، فان «سي آي إي» قررت تعذيب غول لرؤية ما إذا كان سيدلي بمزيد من المعلومات، فجرى نقله الى «سجن معتم» حيث تم حلق شعره وجرى تعليقه في وضع غير مريح وحرمانه من النوم لمدة 59 ساعة متواصلة، فبدأ يهلوس واصيب بتشنجات في الظهر والبطن، كما اصيب «بشلل خفيف» في يديه ورجليه واضطربت دقات قلبه.

وأشار التقرير إلى أن غول لم يقدم خلال وبعد العلاج أي معلومات مهمة أدت الى اعتقال اي من قادة «القاعدة».

وفي بيان الرد على مجلس الشيوخ، أشارت الوكالة الى ان محتجزاً آخر هو عمار البلوشي، كان «أول من كشف» ان الكويتي هو رسول بن لادن، بعد اعتقاله واخضاعه لتقنيات الاستجواب المعززة في مايو 2003.

لكن تقرير مجلس الشيوخ، يشير إلى أن ادعاء البلوشي لم يعتبر اختراقاً في حينه لانه أنكر ما كان قاله تحت التعذيب.

وأشار التقرير إلى أن الوكالة عمدت إلى «تجاهل» معلومات مفصلة في سجلاتها منذ 2002 من محتجزين عديدين لدى حكومات أخرى «تفترض ان الكويتي قد يكون رسول بن لادن»، وذلك لدعم ادعائها حول أهمية معلومات البلوشي.

وأشار بيان الوكالة إلى أن غول «قدم المعلومات الملموسة أكثر والأقل تكهناً» حول أبو أحمد الكويتي بعد إخضاعه الى «تقنيات الاستجواب المعززة»، فرد مجلس الشيوخ بأن كلام الوكالة «غير صحيح»، مستنداً الى تقارير صدرت في ذلك الوقت عن «سي آي إي» نفسها.

وأظهر تقرير المجلس ان المحتجزين الذين تعرضوا لتقنيات التعذيب «قدموا معلومات مختلقة، وغير متناسقة ولا يعوّل عليها عموماً» حول أبو أحمد الكويتي.

وردت «سي آي إي» بأن إفادات أدلى بها محتجزان آخران قللا من أهمية الكويتي، دفعتها الى الاعتقاد بأن الكويتي هو سر يستحق حمايته.

وأظهر تقرير المجلس ان الوكالة ضغطت على المحتجزين نفسيهما في صيف العام 2005 ومع ذلك كانا يكذبان. غير انه قال ان الوكالة كانت قد زادت اهتمامها بالكويتي قبل الإفادات الكاذبة لهذين الشخصين.

وأضاف أن الوكالة قالت في نشرة داخلية في الأول من سبتمبر 2005 حول مطاردة بن لادن أن البحث عن أشخاص حول بن لادن لم يؤد إلى نتيجة، لأن المحتجزين لم يقدموا معلومات مساعدة، إلا أنها أضافت: «مع ذلك نواصل مطاردة أبو أحمد الكويتي».

وبعد خمس سنوات ونصف السنة من ذلك، في مارس 2011، أعد مكتب العلاقات العامة في «سي آي إي» مواد للنشر بعد اغتيال بن لادن، «تركز على الطبيعة الحاسمة للمعلومات التي أدلى بها المحتجزون حول رسول بن لادن».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق