الأربعاء، 4 فبراير 2015

الديموقراطيون في الكونغرس يمهلون أوباما حتى 24 مارس للتوصل إلى اتفاقية مع إيران


| واشنطن – من حسين عبدالحسين |

فيما يشبه «الانتفاضة» داخل الحزب الديموقراطي، حدد عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الديموقراطيين، 24 مارس المقبل، مهلة نهائية للتوصل الى اتفاقية نووية بين المجتمع الدولي وإيران، تحت طائلة مصادقة الكونغرس على عقوبات اقتصادية جديدة ضد طهران. ويقود الانتفاضة الديموقراطية ضد الرئيس باراك أوباما، الذي هدّد في خطاب حال الاتحاد باستخدام حق النقض «الفيتو» ضد أي قانون من هذا النوع، السناتور الديموقراطي رئيس لجنة الشؤون الخارجية سابقا روبرت مينينديز.

وكانت لجنة المصارف في مجلس الشيوخ صادقت على نص مشروع قانون جديد للعقوبات وأرسلته الى الهيئة العامة، التي يسيطر عليها الحزب الجمهوري المعارض بـ 54 مقعدا.

وحتى يتجاوز القانون «الفيتو» الرئاسي، على مجلس الشيوخ اقراره بغالبية الثلثين. هكذا، قاد مينينديز مجموعة من 13 من زملائه، ووقعوا على رسالة وجهوها الى الرئيس الأميركي تعلن انهم يمهلون المفاوضات حتى 24 مارس، تاريخ انتهاء التمديد الثاني لاتفاقية جنيف الموقتة مع إيران، حتى يمنحوا أصواتهم للقانون الجديد في الهيئة العامة، وهو ما يعني حصول القانون على غالبية 68 سناتورا، وهو ما ينسف مقدرة أوباما على النقض.

وجاء في الرسالة: «بالاعتراف بقلقك حول قيام الكونغرس بالتحرك لاصدار تشريع جديد، سنصوت على هذا القانون في الهيئة العامة يوم 24 مارس». وأضافوا: «بعد 24 مارس، سنصوت على هذا القانون فقط في حال فشل إيران في التوصل الى اتفاقية إطار سياسي حول كل أسس الاتفاقية الشاملة، وهذا الموعد النهائي هو الامتحان الحاسم للنوايا الإيرانية».

وتتداول الأوساط في العاصمة الأميركية ان الاتفاقية المعروضة على الإيرانيين هي بمثابة «إطار سياسي» ناظم لكيفية التوصل لاتفاقية نهائية، أي ان الاتفاقية المتوقعة في 24 مارس ستقدّم جدولا زمنيا لخطة مؤلفة من مراحل متعددة، في كل مرة تتجاوب فيها إيران مع مطالب مجموعة «خمسة زائد واحد» الدولية، يقوم المجتمع الدولي برفع جزء من العقوبات. هكذا، يعتقد الاميركيون انه يمكن وقف عملية رفع العقوبات او إعادة ما تم رفعها في حال أخلّت إيران بأي من الخطوات المطلوبة منها او عادت عنها.

ويقول العارفون في العاصمة الأميركية ان الهدف النهائي للمجموعة الدولية هو تخصيب إيراني لليورانيوم بكميات ضئيلة للاستخدام البحثي، وتزويد الروس – او تخزينهم – اليورانيوم المخصب لطهران بكميات صناعية مطلوبة لتوليد الطاقة.

على أن المتابعين يرون ان سبب الحديث عن «اتفاق إطار سياسي» يتألف من مراحل سببه غياب الثقة بين المجتمع الدولي وإيران، ففرنسا رفضت مرارا أي اتفاقية لا تلتزم بقرارات مجلس الأمن، التي تطلب وقفا كاملا للتخصيب، فيما مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي يكرّر عدم ثقته بالعروض الغربية، ويقول انه حتى لو تنازلت بلاده عن التخصيب، فان الغرب لن يقوم برفع فوري للعقوبات.

هكذا، تولدت قناعة لدى المفاوضين ان بناء الثقة يحتاج الى اتفاقية على مراحل، وانه كلما تولدت الثقة في كل مرحلة، صار من الاسهل تطبيق المرحلة التالية.

لكن الاتفاقية المتوقعة في 24 مارس، ان تمت، ستواجه عقبات جمة، فالرفع الجزئي للعقوبات لن يسهم في تحسين كبير في الاقتصاد الإيراني، خصوصا في وقت ينخفض فيه السعر العالمي للنفط الذي تعتمد عليه الواردات الإيرانية. كذلك، التعليق الجزئي على مراحل للبرنامج النووي الإيراني لن يقنع المعارضين، وفي صدارتهم باريس والكونغرس، أن إيران تنوي تعليق برنامجها.

ويعتقد معارضو الاتفاقية المتدرجة ان إيران تستفيد من التعليق الجزئي للعقوبات لتخفيف الاحتقان الاقتصادي والشعبي داخلها، وفي الوقت نفسه، تستخدم الوقت الذي تستغرقه المفاوضات لتطوير برنامجها سرا، سعيا للتوصل لبناء قنبلة نووية. كذلك يعتقد معارضو الاتفاقية المطروحة ان رفع أي جزء من العقوبات من شأنه ان يؤدي الى ضعضعة نظام العقوبات الحالي، والى تفكيكه تالياً بالكامل حتى من دون قصد.

إذاً، وعلى رغم ان الديموقراطيين الثائرين على أوباما في الكونغرس صاروا يتحدثون عن «اتفاق إطار سياسي»، الا ان معنى هذا الاتفاق مازال غامضاً، وهو ما يدفع كثيرين الى توجيه المزيد من اللوم الى إدارة أوباما حول ما يصفونه بالتعتيم وعدم الشفافية حول مجريات المفاوضات النووية وحول الاتفاقيات التي يتم التوصل اليها.

وكانت الإدارة الأميركية حجبت تفاصيل اتفاقية جنيف الموقتة الموقعة في 24 نوفمبر 2013 عن الرأي العام والكونغرس، ما اثار حفيظة المشرعين. واكتفت الإدارة بتقديم نص فسرت فيه ما ستؤدي اليه الاتفاقية المذكورة. كذلك فعل الإيرانيون الذين قدموا ما تم التوصل اليه في جنيف في حينه من وجهة نظرهم، فيما بدا في بعض الأحيان تناقضا لما بثه البيت الأبيض.

عدم الشفافية، والمماطلة في المفاوضات المستمرة منذ قرابة الستة أعوام من دون نتائج، تسكتان المؤيدين للتوصل لاتفاق مع إيران، في وقت يبدو ان الاعذار نفدت من اللوبي المؤيد لإيران بسبب طول المفاوضات من دون الوصول الى نتائج.

كل هذه الأمور أدت الى انقلاب داخل الحزب الديموقراطي ضد الرئيس الأميركي بشكل ينتزع منه حتى حق النقض الذي يتمتع به، وهو ما يضاعف من الضغط على مؤيدي المفاوضات والمفاوضين، ويفرض عليهم التوصل الى نتائج ملموسة مع حلول 24 مارس، او مواجهة كونغرس غاضب وعازم على العودة الى التصعيد في وجه الجمهورية الاسلامية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق