الاثنين، 30 مارس 2015

سوريا تبتعد عن دائرة الضوء العالمي

حسين عبدالحسين
المدن

في الماضي القريب، كان لقاء وزير الخارجية الاميركي جون كيري مع معارضين سوريين يحل في صدارة الاخبار الاميركية. الاسبوع الماضي، التقى كيري، في واشنطن، الرئيس السابق للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، معاذ الخطيب، ورئيسة "الحزب الجمهوري السوري" مرح البقاعي. لكن على الرغم من جهود الطرفين، لم يحظَ اللقاء باهتمام إعلامي يذكر، على الرغم من أن وزير الخارجية الأميركي شدد على أن تصريحاته السابقة حول ضرورة التفاوض مع الرئيس السوري بشار الاسد لا تعني أبداً أن أميركا ترى أن للأسد دوراً في مستقبل سوريا.

أسباب تراجع أهمية الوضع السوري في الإعلام الغربي متعددة، يتصدرها "تعب" الجمهور الغربي ووسائل إعلامه من القضية السورية عموماً، بعد أربع سنوات من الاخبار التي صارت تبدو وكأنها تكرر نفسها: قتال ضروس، ووحشية تتسبب بمقتل أبرياء، ولقاءات ديبلوماسية، وتصريحات في عواصم العالم حول الحلول وإمكانيات الحلول وأسباب تعذرها. 

وما يبعد الثورة السورية أكثر عن دائرة الاضواء في الولايات المتحدة والدول الغربية التطورات الاخرى في منطقة الشرق الاوسط، خصوصاً تلك المتعلقة بشكل أكثر قرباً بالأميركيين، فالمفاوضات النووية مع ايران وامكانية التوصل لاتفاقية معها موضوع اقرب الى مصالح الاميركيين مما يحصل في سوريا، ومشاركة المقاتلات الاميركية في دك معاقل تنظيم "الدولة الاسلامية" يكبد دافعي الضرائب الاميركيين تكاليف تجبرهم على متابعة تطورات الاحداث في العراق. وإلى جانب المفاوضات النووية والحرب ضد داعش، اقتحمت "عاصفة الحزم"، التي يشنها تحالف عربي ضد متمردين حوثيين في اليمن، الإعلام العالمي بما فيه الاميركي. 


هكذا، لم تجد أخبار سيطرة المعارضة على مدينة إدلب الشمالية، على أهميتها، طريقها إلى الإعلام الغربي، وعندما شذّت عن القاعدة صحيفة مثل "ذي غارديان" البريطانية، وصفت المدينة خطأ بأنها ذات غالبية علوية. وهكذا، في وقت يجد محررو صفحات الشؤون الدولية أنفسهم امام فيض من الاخبار الشرق اوسطية، بدءاً من إيران، إلى العراق، فاليمن، إضافة إلى أخبار عالمية أخرى مثل الطيار المجنون الذي أسقط طائرة ركاب ألمانية، يصبح الموضوع السوري في أدنى سلم الأولويات الإخبارية، خصوصاً أن التقارير المتواترة من سوريا معقدة للقارئ الغربي، وتبدو وكأنها تتشابه وتتكرر.


ومع تراجع أهمية سوريا لدى الإعلام والرأي العام الغربي، تتحول المواجهة بين المعارضين السوريين ونظام الأسد إلى مشكلة صغيرة وكأنها جزء من شرق اوسط مشتعل ومعقد، فتتحول سوريا من قضية استبدال حكم ديكتاتوري بحكومة أكثر تمثيلاً، إلى حلقة من حلقات مترابطة في مواجهة أكبر بين أميركا وإيران، ما يزيد في تدويل القضية السورية، ويزيد في فرص تدويل الحل، الذي يتحول حينها إلى حل يرضي الفرقاء العالميين بدلاً من أن يرضي المعنيين السوريين.


إبقاء الثورة السورية ماثلة أمام أعين وفي أذهان العالم، خصوصاً الرأي العام في الدول المؤثرة، يجب أن يكون في طليعة أولويات المعارضين السوريين، وهو ما يحتاج إلى التفكير خارج المألوف، والتخلي عن أسلوب نشر اخبار لقاءات المعارضين السوريين، إن مع بعضهم البعض أو مع مسؤولين عالميين، وتوزيع تصريحاتهم السابقة واللاحقة لهذه اللقاءات المتكررة. 


كذلك، على المعارضة السورية إدراك إن الإكثار من الظهور في الإعلام يثير الملل، على الرغم من أحقية القضية. وعلى المعارضين أن يعرفوا أن الفوز بتعاطف الرأي العام الدولي، الذي يمكنه الضغط على الحكومات المؤثرة، هو علم وله أربابه، وأن المواقف السياسية وحدها، على أهميتها، لا تكفي، بل هي ترتبط بحجم أصحابها، ما يعني أنه حتى يدرك المعارضون السوريون مدى تأثير تصريحاتهم، عليهم أن يدركوا قبلاً مدى ثقلهم السياسي.


وهذه الحال، لا غرابة في القول إنه بعد أكثر من أربع سنوات على اندلاع الثورة السورية، لم يرق أداء المعارضة السورية إلى المستوى المطلوب، وهو ما يجمع عليه المعارضون السوريون، وهذه مشكلة تبدو عصية على معارضين تنقصهم الحيلة للتغلب عليها ومعالجتها، وهو ما يعني المزيد من التراجع لأهمية الثورة السورية في عيون الأميركيين والعالم.- See more at: http://www.almodon.com/arabworld/0efd6057-b917-43ac-ba7e-ff296af85b13#sthash.77Y4Sdch.dpuf

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق