الثلاثاء، 12 مايو 2015

ماذا يبيع أوباما في كامب دايفيد؟

حسين عبدالحسين

عندما حاول السناتور الجمهوري والمرشح الرئاسي ماركو روبيو، إحراج وزير الخارجية جون كيري، اثناء جلسة استماع انعقدت حول المفاوضات مع ايران في آذار/مارس الماضي، حاول النجم الجمهوري الصاعد اقحام حلفاء اميركا في الجدال، فقال ان واشنطن لا تستمع الى شكاوى الحلفاء الذين يعارضون الاتفاقية، فما كان من كيري -- الذي كان عاد لتوه من لقاء مع ممثلي دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض -- ان رد بعصبية: "حضرة السناتور، انا عدت لتوي من لقاء مع حلفائنا في الخليج، وهم قالوا انهم يدعمون التوصل الى اتفاقية مع ايران تؤدي الى نزع سلاحها النووي".

ذلك المساء، عرضت وسائل الاعلام الاميركية افحام كيري لروبيو مراراً، فتنبهت ادارة الرئيس باراك أوباما ان الحصول على توقيع دول الخليج على اتفاقية نووية مع ايران يحمل وزناً سياسياً كبيراً، خصوصاً في مواجهة معارضي الاتفاقية من الحزب الجمهوري الاميركي، الذي يمسك بغالبية الكونغرس بغرفتيه.

ومع نهاية آذار/مارس، لم تكد تنفضّ مفاوضات لوزان بين مجموعة دول "5+1" وإيران، حتى بادر أوباما الى حشد التأييد السياسي لتفاهم مزعوم مع الايرانيين حمل في طياته اسئلة اكثر من الاجابات، تصدرها سؤال "ما هو الذي وافقت عليه ايران بالضبط في لوزان؟".

جزء من حشد أوباما للتأييد للاتفاقية المزمع التوصل اليها مع نهاية حزيران تطلب توجيه رسالة الى الايرانيين، فكانت تصريحات أوباما حول استعداد بلاده تطويب ايران زعيمة اقليمية على حساب الدول العربية. العقبة الثانية تمثلت بمعارضة الجمهوريين في الكونغرس، فإلتف عليهم أوباما بدفعهم الى "مصادقة مشروطة" على اتفاقية مبنية على افادة وكالة الطاقة الذرية الدولية ان ايران اوفت بتعهداتها بفتحها ابواب منشآتها، وانها وافقت على لقاء الوكالة مع العلماء الايرانيين، وقبلت وضع كاميرات مراقبة على المخزون الايراني من اليورانيوم.

اما الشق الثالث من الحشد الاوبامي للاتفاقية المتوقعة مع ايران، فتمثل بمحاولة انتزاع تأييد حلفاء واشنطن الشرق اوسطيين. اسرائيل تم تحييدها بالحصول على قانون في الكونغرس، صديق اسرائيل.

هكذا، بقيت دول الخليج من الاطراف التي يحسب لها حساب، فقرر أوباما وضع ثقله شخصياً للحصول على موافقتها، فولدت فكرة "قمة كامب دايفيد"، التي تلتئم غداً في البيت الابيض، قبل ان تنقل اعمالها الى منتجع كامب دايفيد الرئاسي الصيفي، القريب من العاصمة الاميركية يوم الخميس المقبل.

أما الهدف الرئيسي عند أوباما، فهو الحصول على موافقة خليجية، وإن مشروطة، كما فعل في الكونغرس، اي ان تقول الدول الخليجية انها موافقة على اتفاقية مع ايران، مبنية على افادة من وكالة الطاقة الذرية، وعلى برنامج مراقبة، وعلى نظام عودة تلقائي للعقوبات على ايران في حال اختراقها الاتفاقية.

هكذا يعتقد أوباما انه عند استئناف الجولة الاخيرة من المفاوضات النووية مع ايران، سيكون في جيبه مجموعة من الموافقات المحلية والدولية على رفع العقوبات عن ايران، لكن هذه تشترط موافقة ايران على ما تطلبه الوكالة الدولية كشرط لرفع العقوبات، وهو الشرط الذي رفضته ايران منذ اليوم الاول لبدء المفاوضات.

على ان كل هذه البهلوانية التي يقوم بها الرئيس الاميركي، كمثل سياسته الخارجية بشكل عام، غير مفهومة الاهداف وتنم عن قلة خبرة، إذ من غير المفهوم كيف يمكن للاستعراض السياسي الكبير، الذي يقدمه أوباما منذ مطلع الشهر الماضي، ان يدفع الايرانيين على الموافقة على تحقق الوكالة من البرنامج النووي الايراني، خصوصاً في شق "البعد العسكري الممكن"، الذي تعتقد الوكالة انه نشاط قامت به ايران في الماضي وان عليها ان تشرح ما قامت به.

لكن طهران، صاحبة الفتاوى التي تحرم صناعة او اقتناء اسلحة نووية، ستكون في موقف حرج ان تبين انها قامت في منتصف العقد الماضي بتجارب تسليح نووي، وهو ما يبدو انه يمنع ايران من التجاوب، ويدفع مسؤوليها الى الاصرار على تسوية سياسية تلغي التفتيش التقني، خصوصاً حول شؤون ماضية.

ربما كان من الاجدى لأوباما ان يدعو ايران الى كامب دايفيد بدلا من دعوة دول مجلس التعاون، فعرقلة الاتفاق النووي لا يأتي من الدوحة او الرياض أو المنامة، بل من طهران نفسها، ودعوة الخليج الى الموافقة على اتفاقية لم تبد ايران حتى اليوم نيتها الموافقة عليها كمن يبيع "سمكاً في بحر"، حسب القول العامي السائد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق