الجمعة، 26 يونيو 2015

كاشف البعد العسكري لـ «النووي» الإيراني ... اختفى في 2007 وظهر شاهداً في محكمة الحريري

واشنطن - من حسين عبدالحسين

التصريح الذي أطلقه قبل أسابيع وزير الخارجية جون كيري، وقال فيه إن بلاده تعلم على وجه التأكيد أنه كان لبرنامج إيران النووي بعد عسكري في الماضي، أثار عاصفة من الردود، جاء آخرها من مدير «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) مايكل هايدن، الذي قال إنه لم يسمع مسؤولاً في حياته يتحدث عن معلومات استخباراتية بهذا النوع من التأكيد كالذي أدلى به كيري.

ما تعرفه الولايات المتحدة وحلفاؤها عن برنامج إيران النووي قدمته لـ «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، التي قدمت بدورها 12 سؤالاً لإيران طالبة ايضاحات حولها. أما كيف وصلت هذه المعلومات إلى العواصم الغربية، فهو موضوع ما زال يثير الشكوك والتساؤلات. وما يزيد في الطين بلّة أن طهران التزمت التسويف والصمت على مدى الأعوام الثمانية الماضية، ولم تقدم أي إيضاحات أو إجابات للوكالة حول الأسئلة المذكورة.

ويقول متابعون في العاصمة الأميركية إن القصة بدأت في العام 2005، عندما تم تهريب كمبيوتر محمول إلى خارج إيران، يقال إنه تمت سرقته من أحد مسؤولي البرنامج النووي الايراني. في الكمبيوتر تفاصيل كثيرة ومتنوعة ساعدت أميركا على فهم برنامج إيران النووي، والتأكد من أبعاده العسكرية والتجارب التي أجرتها إيران في موقع بارشين العسكري.

ومع أن المشككين اعتبروا أن المواد التي تم الكشف عنها لا تشي بأن الجهاز المسروق مصدره ايران، اذ ان الوثائق الواردة فيه كانت بالانكليزية، بدلا من الفارسية، وان بعض الوثائق تم حفظها ببرنامج «باور بوينت» وكأنه تم اعدادها ليتم تقديمها في محاضرة أو اجتماع ما، الا ان المطلعين على قضية الجهاز يؤكدون أن مصدره إيران، وأن المعلومات التي تم استخلاصها حددت تفاصيل البرنامج بدقة، وحددت هوية العاملين عليه.

وفي الاعوام التي تلت تهريب الجهاز، تمت تصفية خمسة من العلماء الايرانيين العاملين في البرنامج، في وقت اتهمت طهران تل ابيب وواشنطن بالوقوف خلف هذه الاغتيالات.

ويذهب البعض الى القول ان من هرّب الجهاز من داخل ايران قدم كذلك «معلومات حاسمة» ساهمت في تحديد هوية ومكان المسؤول العسكري السابق في «حزب الله» اللبناني عماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في فبراير 2008. ويقول متابعون لقصة الجهاز المسروق ان من ساعد في تهريبه هو نائب وزير الدفاع الايراني علي رضا عسكري، وان الأخير تم تجنيده للعمل لصالح جهاز استخبارات غربية في وقت ما من تسعينات القرن الماضي. وسبق لعسكري أن امضى عقد الثمانينات في سهل البقاع اللبناني، وساهم في صناعة «حزب الله»، وفي اعداد كوادره البشرية، وفي تدريب وتسليح جناحه العسكري.

ويذهب بعض المتابعين الاميركيين الى القول إن عسكري كان ممن خططوا واشرفوا على تنفيذ الهجومين ضد السفارة الاميركية ومقر المارينز قرب مطار بيروت الدولي في النصف الاول من الثمانينات، ما جعله في مصاف «الإرهابيين» المطلوبين امام المحاكم الاميركية.

ويضيف المتابعون أن السلطات الإيرانية اكتشفت أنها مخترقة استخباراتياً، وأنه مع حلول العام 2007، كادت أن تطبق على عسكري، الذي همّ بالفرار الى دمشق، ومنها الى اسطنبول حيث اختفى أي أثر له. وفي وقت لاحق، أعلنت إيران أن مسؤولها تم اختاطفه من قبل الأميركيين والإسرائيليين، فيما التزمت الأجهزة الغربية الصمت حول مصير المسؤول المذكور الذي بقي مكان وجوده مجهولاً حتى اليوم.

لكن عسكري ظهر مرة واحدة منذ اختفائه في العام 2007، وكان ذلك في لانسدام، في هولندا، في العام 2013. ينقل ذلك الكاتب كاي بيرد، وهو المعروف بكتاباته حول الشؤون الجاسوسية، وهو يتمتع بمصداقية عالية في هذا المضمار.

ويقول بيرد إن عسكري حضر الى هولندا للإدلاء بشهادته أمام «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، والتي أنشأها مجلس الأمن لمحاكمة قتلة رئيس حكومة لبنان السابق رفيق الحريري، الذي تم اغتياله في بيروت في فبراير 2005. ويعتبر بيرد انه حتى يظهر عسكري في هولندا، فذلك يعني انه يعيش بحماية جهاز استخباراتي يشرف على اقامته وتحركاته.

وعسكري هو واحد من الشهود الأساسيين الذين حاولت المحكمة التستر على هويتهم لحمايتهم بموجب برنامج حماية الشهود، الى جانب شاهد لبناني آخر يقال إن أحد المتورطين في عملية اغتيال الحريري حاول تجنيده، قبل أن يرفض ذلك فيقوم المتورط بالاغتيال بتجنيد المدعو احمد ابو عدس. والشاهد الثاني أمكنه التعرف على هوية من حاول تجنيده، وأدلى بشهادته في المحكمة الدولية.

هكذا، يبدو أن لدى الولايات المتحدة تفاصيل كثيرة حول البرنامج النووي الإيراني، وهو ما قد يدفع الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى التراخي والاعتقاد بأنه يمكن لأميركا الاستمرار في مراقبة ما تعرفه، وأن تتحرك في حال اعتقادها أن طهران تحاول الوصول إلى القنبلة. أما الفضل الأكبر في ذلك، فيعود في الغالب إلى علي رضا عسكري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق