الأربعاء، 12 أغسطس 2015

ضغوط أميركية على الأردن أوقفت «عاصفة الجنوب» في درعا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

مع إلغاء وزير الخارجية الايراني جواد ظريف لزيارته التي كانت مقررة الى تركيا للقاء مسؤولين اتراك وتقديم وجهة نظر بلاده حول الحل الذي تراه ايران للأزمة في سورية، بدا واضحا للمسؤولين الاميركيين ان التوصل الى تسوية بات متعذرا في الوقت الحالي، وان الدول المعنية قدمت مجموعة من الخطط التي جاءت بمعظمها متضاربة. وحذّر المسؤولون الاميركيون من ان تأجيل التسوية يعني المزيد من العنف المسلح والمزيد من الدماء السورية المراقة.

وفي جلسة مغلقة مع عدد من الصحافيين، نقل عاملون في الكونغرس عن مسؤولي الادارة اعتقادهم ان كل جهة معنية بالوضع في سورية مازالت متمسكة بمواقفها، وان لا قواسم مشتركة حتى الآن بين كل هذه المواقف، ما يعني ان كل جهة ستحاول مد القوات المسلحة المتحالفة معها بالمزيد من الامكانات في محاولة لتغيير ميزان القوى على الارض لممارسة المزيد من الضغط على الآخر.

ونقل مسؤولو الكونغرس عن مسؤولين في الادارة رصدهم نشاطا خليجيا يسعى لبناء مقدرات «الجيش السوري الحر» في الجبهة الجنوبية في درعا، مع ما يعني ذلك من ضرورة استقطاب الاردن وتقريبه من وجهة النظر الخليجية هذه. ويعتقد المسؤولون الاميركيون انه لطالما حاول الاردن الوقوف على الحياد في الأزمة السورية، وان عمّان التزمت بمواقف واشنطن في شكل كبير، حتى لو أدى ذلك الى تباينها مع عواصم خليجية.

ويذكر المسؤولون الاميركيون انه عندما رفضت السعودية تولي عضوية موقتة في مجلس الأمن كرسالة توبيخ للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ضد ما تعتقده الرياض تقاعسا في وقف القتل في سورية، لم تجد واشنطن غير عمّان لتنقذها من الورطة وتحفظ ماء الوجه بمشاركتها في مجلس الأمن بدلا من الرياض.

ويتابع المسؤولون انه ابان عملية «عاصفة الجنوب» التي اعلنها «الجيش الحر»، قبل اشهر لتحرير مدينة درعا و طرد قوات الأسد والسيطرة على مساحات من الارض تسمح لها بالوصل مع فصائل الثوار الموجودة في ضواحي دمشق، طلبت أميركا من الاردن قطع خطوط الامداد ما لم يوقف الثوار هجومهم، فاجبرت الولايات المتحدة بذلك -- عن طريق الاردنيين -- ثوار سورية على المحافظة على ميزان القوى في الجنوب على حاله ووقف هجومهم الذي كان يمكن له ان يهدد نظام الأسد ويضعف فرص بقائه.

ويعتقد مسؤولو الكونغرس من معارضي الادارة وسياستها في سورية ان غياب التسوية السياسية والحسم العسكري في الوقت نفسه من شأنهما اطالة أمد الصراع وابقائه مفتوحا حتى اشعار آخر. واضاف هؤلاء ان على واشنطن اما ان تقدم اقتراحا للتسوية وترمي ثقلها خلفه حتى تجبر الاطراف المعنية الالتزام به، أو ان تسمح للثوار بالحسم حتى يتم بعد ذلك الحديث عن تسوية. لكن «عدم المبالاة» الاميركية تطيل الصراع السوري، وتؤذي المصالح الاميركية في المدى البعيد، حسب المصادر الكونغرسية.

وكان عدد المبادرات للحل في سورية بلغ اربعة في الايام الماضية، وهي مبادرة جنيف 1 الاميركية - الروسية التي تقضي بعملية سياسية انتقالية تؤدي الى تشكيل حكومة من نظام الرئيس بشار الأسد ومعارضيه ولكن من دون الأسد، حسب الرؤية الاميركية. تلى ذلك مبادرة روسية تقضي ببناء جبهة فيها نظام الأسد وروسيا واميركا ودول الخليج وتركيا وايران ضد تنظيم «الدولة الاسلامية». وفي وقت لاحق عدلّت موسكو مبادرتها وحاولت الايحاء ان التعاون الامني - السعودي خصوصا - مع نظام الأسد يتم من دون الأسد، لكن السعودية رفضت اي تعاون مع النظام في ظل بقاء رئيسه.

بدورها، قدمت طهران مبادرة سعت فيها الى تكريس الانقسام السائد بين قوات الأسد والمعارضين، يترافق ذلك مع وقف نار واجراء انتخابات برعاية دولية للرئاسة في سورية على شرط عدم منع الأسد من الترشح، وهي مبادرة رفضتها انقرة ودول الخليج ما دفع ظريف الى الغاء زيارته الى انقرة. اما المبادرة السعودية التي حملها وزير الخارجية عادل الجبير الى موسكو، فهي توافق على خطط موسكو على شرط تنحي الأسد عن الحكم، وهو ما رفضه الروس علنا، رغم اصرار المسؤولين الاميركيين ان موسكو تخلت عن بشار سرا وكررت انها تتمتع بعلاقات مع بديلين عنه داخل النظام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق