الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

يمين أميركا المسيحي يدعم بوتين والأسد

حسين عبدالحسين

السناتور اليميني الجمهوري والمرشح للرئاسة تد كروز، يختلف مع الرئيس اليساري الديموقراطي باراك أوباما في كل بند من سياسات الرئيس، الداخلية والخارجية، باستثناء واحدة، هي توافق الرجلين على ضرورة بقاء الولايات المتحدة "خارج الحرب الأهلية السورية"، وحصر التدخل العسكري الأميركي في سوريا بإلحاق الهزيمة بتنظيم "الدولة الإسلامية".

وفي هذا السياق، قال كروز في مقابلة على شبكة "ان بي سي نيوز"، قبل يومين، إنه على الولايات المتحدة ان تهتم بهزيمة "داعش" بدلاً من اخراج الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم. وتابع كروز أن لا مصلحة للولايات المتحدة "بحشر انفها" في الحرب السورية.

وكروز قد يبدو يتيماً في مواقفه في الحزب الجمهوري، الذي يعتقد كثيرون انه حزب الصقور في السياسة الخارجية، وأن أعضاءه يرغبون في تدخل عسكري سريع في سوريا. لكن حقيقة الأمور هي ان الجمهوريين المطالبين بتدخل أميركي، على أساس انساني ولوقف مجازر الأسد بحق مواطنيه، هم الاستثناء بين الجمهوريين، وقد يقتصرون على السناتور الجمهوري المخضرم والمرشح الرئاسي السابق جون ماكين والمرشح الحالي جب بوش. غير هذين الاثنين، يكاد ينعدم تأييد الجمهوريين للتدخل في سوريا، بل إن الجمهوريين يطالبون بأن يكون أي تدخل عسكري للدفاع عن الأسد والمسيحيين وسائر الأقليات، ضد المعارضة.

ومن يتذكر كروز قد يتذكر ان السناتور اليميني سبق أن وقف في مؤتمر مسيحيي الشرق المنعقد في واشنطن في أيلول/سبتمبر 2014 ليحث مسيحيي لبنان وسوريا على الوقوف جنباً إلى جنب مع إخوانهم في الأقليات الأخرى، خصوصاً اليهود ودولة إسرائيل. يومذاك، بدت دعوة السناتور الأميركي لجبهة مسيحية – يهودية – شيعية – علوية من المستحيلات، ولكن اقتراح كروز يومها يبدو انه أصبح حقيقة اليوم مع دخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقواته في الحرب السورية، ومع سعي موسكو لبناء "تحالف الأقليات في الشرق" بمشاركة إسرائيلية.

حماسة كروز للدفاع عن الأسد تتشابه مع حماسة نظيره السناتور الجمهوري اليميني والمرشح للرئاسة راند بول، والأخير يتبنى مواقف والده المرشح الرئاسي السابق عن حزب الليبرتاريين رون بول، والقائلة بضرورة انعزال أميركا عن شؤون العالم والاهتمام بشؤونها الداخلية. وسبق ان فاز بول الأب بتأييد واسع عند العرب الاميركيين لمطالبته بوقف كل النشاط الأميركي الخارجي، بما في ذلك المساعدات الأميركية المالية والعسكرية لإسرائيل.

لكن بول الابن يطالب بانعزال أميركا عن العالم وشؤونه ما عدا ضرورة دفاعها عن أقليات سوريا، خصوصاً المسيحيين والأسد. ربما يعرف بول الابن ان موقفه المطالب بتسليح مسيحيي سوريا والدفاع عنهم وعن الأسد يتناقض مع ليبرتاريته المعلنة، ولكن من يمكنه محاسبة مرشح شعبوي يسعى لاقتناص أصوات اليمين المسيحي الأميركي؟

مرشح يميني جمهوري أميركي ثالث، وهو يلمع أكثر من زميليه كروز وبول، هو السناتور ماركو روبيو، وهذا الأخير عضو في "لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ" ولطالما اتخذ مواقف مؤيدة لثورة سوريا ومعارضي الأسد، وهاجم الحكومة الأميركية وطالبها بفرض حظر جوي وتسليح الثوار. لكن عندما دقت ساعة الجد، أي عندما أرسل أوباما مشروع قانون استخدام القوة المسلحة لتوجيه ضربة ضد الأسد عقاباً على مجزرة الغوطة الكيماوية في أيلول/سبتمبر 2013، صوّت روبيو داخل لجنة الشؤون الخارجية ضد قرار تفويض أوباما توجيه ضربة لقوات الأسد في خطوة كشفت زيف دعمه لثوار سوريا وعززت التكهنات القائلة بأن مواقف روبيو حول سوريا هي لاقتناص أصوات الجمهوريين الصقور في السياسة الخارجية، والفوز بأصوات العرب الاميركيين. اما حقيقة موقف روبيو من سوريا والأسد فيبدو انها عكس ما يصرّح به.

ثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي مرشحين للرئاسة من اليمين المسيحي الجمهوري يؤيدون بقاء الأسد ودفاع أميركا عنه، وحصر الحرب الأميركية في سوريا بحرب ضد المعارضة، وهذه مواقف تتناسق مع اليمين الأميركي المسيحي الذي يعتقد ان الأسد هو حامي الأقليات، خصوصاً مسيحيي الشرق. هؤلاء الجمهوريون لا يأبهون لمصلحة أميركا او للوضع الإنساني في سوريا، بل هم يرون الشؤون الدولية من منظار ديني مسيحي بحت، ولا شك ان صور رجال الكنيسة الروسية يباركون صواريخ بوتين ضد ثوار سوريا أسعدتهم، كما سبق أن أسعدهم قانون بوتين ضد مثليي روسيا.

صورة بوتين كقائد مسيحيي العالم هي واحدة من التكتيكات التي يستخدمها حاكم روسيا والتي يبدو انها تلقى رواجا عند مسيحيي أميركا، وان يكن رواجاً ضمنياً لا يحكى عنه كثيراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق