الجمعة، 18 ديسمبر 2015

«تسوية كبرى» بخروج الأسد بين بوتين وكيري

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

علمت «الراي» من مصادر أميركية رفيعة المستوى أن اللقاء الذي استمر ثلاث ساعات ونصف الساعة بين وزير الخارجية جون كيري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمحور حول الحديث عن «تسوية كبرى» بين الولايات المتحدة وروسيا حول عدد من الملفات العالقة حول العالم، وفي طليعتها روسيا واوكرانيا والعقوبات الأميركية والدولية على موسكو.

وقالت المصادر الأميركية إن الروس أبدوا استعدادهم لتأييد «انتخابات نزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة في سورية وتؤدي لانتخاب خلف للرئيس (السوري بشار) الأسد، وأن تقوم حكومة سورية جديدة تتألف من عناصر من النظام والمعارضة، وتكون أولويتها القضاء على داعش (الدولة الاسلامية)».

وبررت المصادر قبول واشنطن أن تحدد الانتخابات هوية الرئيس السوري القادم بالقول إن «رفضنا لانتخابات نزيهة بإشراف دولي في سورية يضعنا نحن في موقف لا نستطيع الدفاع عنه».

في المقابل، أعرب الاميركيون عن موافقتهم على «ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في حال وافقت الحكومة الاوكرانية على ذلك». وقالت المصادر ان كيري وبوتين ناقشا امكانية اجراء استفتاء شعبي في القرم لتحديد مصيرها، وان الرجلين اعتبرا ان حسم مصير القرم يرتبط بالتوصل لاتفاقية سلام دائمة وشاملة بين موسكو وكييف.


بكلام آخر، تقول المصادر: «أبدى بوتين استعداده لمقايضة سحب دعمه للانفصاليين الاوكران وضبط الحدود مع اوكرانيا وتبادل بعثات ديبلوماسية، مقابل موافقة كييف على التخلي عن القرم اذا ما جاءت نتائج الاستفتاء الشعبي في مصلحة روسيا».

في مقابل التوصل لتسوية تؤدي الى سلام في سورية وسلام روسي - اوكراني، تعهد الوزير الاميركي امام مضيفه الروسي برفع الولايات المتحدة عقوباتها عن الاقتصاد الروسي، والعمل مع شركاء الولايات المتحدة لرفع هذه العقوبات.

ويعتقد الخبراء الاميركيون أن روسيا تعاني من انهيار كبير في اقتصادها ومن تقلص في النمو يبلغ 4 في المئة سنويا. ويقدر الخبراء ان موسكو انفقت نحو نصف احتياطها من العملات الاجنبية، والذي بلغ 650 مليار دولار عشية اندلاع الأزمة الاقتصادية العالمية في خريف العام 2008. وللحفاظ على احتياطها، افلت المصرف المركزي العملة الوطنية، الروبل، الذي راح يتهاوى امام العملات الاجنبية، فيما حافظت موسكو على 370 مليارا في احتياطها حسب بيانات «صندوق النقد الدولي».

كذلك، يعتقد الخبراء الاميركيون ان بوتين ينفق مليار دولار شهرياً على حملته العسكرية في سورية، ويرجحون ان الرئيس الروسي يبحث عن مخرج يحفظ له ماء الوجه، ويخرجه من الدوامة السورية.

ولطالما صرّح الرئيس باراك أوباما ان مصلحة روسيا تقضي بخروجها من المستنقع السوري، وانه ينتظر اتصال بوتين الذي يعرض فيه الرئيس الروسي على الاميركيين والعالم إيقاف الحرب السورية والبحث عن تسويات سلمية.

وتابعت المصادر الاميركية انه «عندما يتحدث بوتين عن تسويات، فهو لا يعني تثبيت الوضع في سورية فحسب، فبوتين بحاجة الى تسويات توقف انهيار اقتصاده، ولكن كبرياءه يمنعه الحديث عن هذا النوع من التسويات، فيخبئها خلف عنوان الحرب السورية».

واعتبرت واشنطن ان دعوة موسكو لوزير خارجيتها هي نقطة إيجابية بذاتها، ويبدو ان الوزير الاميركي أبدى مرونة وايجابية عاليتين اثناء لقائه نظيره سيرغي لافروف، وكذلك في لقائه بوتين.

وبادل الروس كيري إيجابيته، وأعلنوا قبولهم المشاركة في «مؤتمر اصدقاء سورية»، الذي انعقد في نيويورك أمس، رغم انه سبق لروسيا والاعلام الموالي لها ان هاجما المؤتمر بضراوة.

أما الصيغة النهائية للحل في سورية، فلا يبدو أن كيري ومضيفيه الروس تحدثوا عنها تفصيلياً. وتقول المصادر الاميركية ان بحث كيري مع المسؤولين الروس كان في العناوين العريضة لتسوية روسية مع أميركا والعالم، وان الحل السوري صارت معالمه واضحة، وتقضي بوقف اطلاق النار، وبناء حكومة انتقالية جامعة، وتحضير البلاد لانتخابات رئاسية بإشراف دولي. أما مصير الأسد، تختم المصادر الاميركية، فلا يبدو انه «يقلق الروس، فموسكو لن تترك اقتصادها ينهار لابقاء الأسد في الحكم، وهذا الاخير أصبح ضعيفاً جداً على كل حال».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق