الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

ترامب يثير عاصفة من الانتقادات بدعوته لمنع المسلمين من دخول أميركا

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

حتى نائب الرئيس الاميركي السابق ديك تشيني، والذي يتمتع بأدنى معدلات شعبية بين الأميركيين وخصوصاً المسلمين منهم، انبرى للدفاع عن المسلمين في وجه التصريحات العنصرية التي أدلى بها متصدر مرشحي الحزب الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب ودعا فيها إلى منع المسلمين بشكل كامل وتام من دخول الولايات المتحدة.

كان ترامب قد قال في خطاب حاد استغرق 50 دقيقة على متن السفينة الحربية «يو اس اس يوركتاون» في وقت متقدم أول من أمس، إنه «يدعو إلى وقف تام وكامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة»، مشيراً إلى هذا المنع يجب أن يبقى سارياً «إلى أن يضع نواب البلاد تصوراً لما يحصل»، وذلك بعد هجوم سان برناردينيو في كاليفورنيا الذي قتل خلاله مسلمان 14 أميركياً.

ووصف تشيني، في اطلالة عبر شبكة «فوكس نيوز»، تصريحات ترامب بأنها «غير أميركية»، معتبراً ان الولايات المتحدة مبنية على هجرة كل الشعوب اليها بغض النظر عن جذورهم أو معتقداتهم.

وانضم الى تشيني، في تقذيع ترامب، زعيم المحافظين الجدد وصاحب مجلة «ذي ويكلي ستاندرد» بيلي كريستول، الذي رد في تغريدة على المعلقة اليمينية لورا انغرام، التي كانت اعتبرت بدروها ان تصريحات ترامب «تتناسب ومزاج الشعب الاميركي»، بالقول ان «من يعتقد ان تصريحات ترامب ستعود عليه بتأييد الاميركيين لا يعرف الشعب الاميركي».

وشغلت تصريحات ترامب برامج الحوار الاذاعية والتلفزيونية بأكملها، واثارت عاصفة من الانتقادات بحقه وبحق الجمهوريين ممن يؤيدونه، اذ تظهر الاستطلاعات انه مايزال يتصدر بين المرشحين الجمهوريين، في وقت اظهرت أئآخر استطلاعات الرأي ان المرشحة الديموقراطية الاوفر حظاً، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، يمكنها التغلب على أي من المرشحين الجمهوريين في الانتخابات المقررة في نوفمبر المقبل.


وتأتي تصريحات ترامب المعادية للمسلمين وسط موجة يمينية يبدو انها تجتاح الغرب، مثلما بدا جلياً في فوز حزب اليمين المتطرف في فرنسا بثلث اصوات الفرنسيين في الانتخابات المحلية الأحد الماضي.

على ان اليمين الاميركي من غير المتطرفين، مثل تشيني وكريستول، يدركون ان الجنوح نحو اليمين المتطرف من شأنه ان يحصد تأييداً للمرشحين داخل حزبهم، ولكنه يدفع في الوقت نفسه غالبية الأميركيين بعيداً عن الحزب، ما يجعل من فوزه بالرئاسة في انتخابات العام المقبل امراً متعذراً.

وترامب لا يكره المسلمين فحسب، بل هو غالباً ما يعبر عن غضبه ضد المسيحيين من اصول أميركية جنوبية، وهو يدعو الى ترحيل اكثر من 10 ملايين من هؤلاء دخلوا الولايات المتحدة ويقيمون فيها بصورة غير شرعية. كما يدعو الى بناء جدار فاصل على الحدود الجنوبية مع المكسيك، والى اجبار الحكومة المكسيكية على تحمّل نفقات هذا الجدار.

وبعد لحظات على اطلاق ترامب تصريحاته، تناقلت الوسائل الاعلامية الأميركية ووسائل التواصل الاجتماعي صوراً تظهر شواهد قبور لمسلمين أميركيين قتلوا في صفوف الجيش الأميركي في حربي العراق وافغانستان، في وقت ردد المحللون السياسيون على شاشات التلفزة ان شقيق سيد رضا فاروق، مرتكب مجزرة سان برناردينيو الاسبوع الماضي، سبق ان خدم في البحرية الأميركية وحاز على تنويه.

وذكّر كثيرون ترامب ان لديه مشاريع مالية في دول عربية ومسلمة، وتناقل ناشطون صوراً تظهره مع مستثمرين أو شركاء أو أصدقاء خليجيين.

في وسط عاصفة الانتقادات القاسية، اضطر ترامب للاطلالة مجدداً عبر «شبكة فوكس» لتوضيح تصريحاته، فقال ان دعوته لمنع المسلمين دخول أميركا لا تشمل من يحملون منهم بطاقات اقامة دائمة (غرين كارد) او من يحملون الجواز الاميركي.

لكن المحللين وجهوا اسئلة لم يتمكن ترامب ولا العاملون في حملته الرئاسية من الاجابة عنها، من قبيل انه كيف يمكن للعاملين على المرافئ الحدودية الأميركية تحديد من هم المسلمون الذين يتوجب منعهم من الدخول.

وعندما لم تسكن العاصفة ضد ترامب، أطل مرة اخرى ليرد ببساطة: «لا يهمني ما يقولون».

وفي الوقت الذي كانت أميركا منشغلة بالرد على عنصرية ترامب، برز مرشح جمهوري آخر بأفكار لا تقل عنصرية، اذ نقلت وسائل اعلامية عن المرشح الجمهوري السناتور راند بول قوله انه على الحكومة الفيديرالية مراقبة كل من يتحدثون العربية داخل الولايات المتحدة.

وبول هو من مجموعة الليبرتاريين في الحزب الجمهوري، وهؤلاء يعلنون الحرية الفردية (ليبرتي بالانكليزية) هدفهم الأسمى، ويدعون الى وقف جميع انواع التنصت الحكومية على الأميركيين، ويدعون لحرية اقتناء السلاح الفردي، والى تقليص حجم الحكومة الى أبعد حد ممكن واناطة ادوارها بالقطاع الخاص والمجتمع المدني.

الا انه يبدو ان ليبرتارية بول لا تنطبق على العرب أو المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق