الجمعة، 15 يناير 2016

كابوس فوز ترامب بالرئاسة... هل يتحوّل إلى حقيقة؟

| واشنطن - من حسين عبدالحسين |

بدأ كابوس انتخاب رجل الاعمال دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة يتحول الى حقيقة، لا لمسلمي العالم وأميركا فحسب، بل للحزب الجمهوري نفسه، الذي يسعى منذ شهور لدفع السناتور الشاب ماركو روبيو بديلا عنه، لتفادي انتخاب رئيس كانت غالبية الاميركيين تعتبره، حتى الأمس القريب، اضحوكة ومصدر تندر.

وبعد الاداء القوي لترامب في مناظرة لمرشحي الرئاسة الجمهوريين استضافتها «قناة فوكس للأعمال»، أول من أمس، اظهرت اخر استطلاعات الرأي بين ناخبي الحزب الجمهوري اتساع الفارق في المقدمة لمصلحة ترامب، الذي يتصدر بـ 33 في المئة، يليه السناتور عن ولاية تكساس تد كروز بـ 20 نقطة، فروبيو بـ 13، ثم محافظ فلوريدا السابق ونجل وشقيق الرئيسين السابقين بوش الأب والابن جب بوش بواقع 5 نقاط مئوية، يتشاركها مع محافظ نيوجيرزي كريس كريستي.

ويقيم المرشحون للرئاسة، الجمهوريون العشرة والديموقراطيون الثلاثة، في ولاية آيوا، قبل 16 يوما من اول الانتخابات التمهيدية التي تجري في هذه الولاية، حيث يعملون وماكيناتهم الانتخابية على حشد المؤيدين وجمع الاصوات.

وكان ترامب قد جدّد هجومه ضد المسلمين في الندوة الرئاسية، وقال ان الحل الذي اقترحه، والذي يقضي باقفال الحدود الاميركية امام دخولهم البلاد، هو حل «موقت وليس دائما»، مضيفا ان لديه عددا كبيرا من «الاصدقاء المسلمين»، وان هؤلاء اتصلوا به ليعربوا لهم عن شكرهم وتأييدهم له ولمشروعه ابقاء المسلمين خارج الولايات المتحدة.

وفي وقت بدأ المرشحون الجمهوريون المشاركون في الجلسة يزايدون على بعضهم البعض في العداء للمسلمين، برز بوش وحده بكلام اعتبره المراقبون «رئاسيا»، وعمل على التمييز بين الارهاب والدين الاسلامي، وقال ان «على سبيل المثال، هناك ملايين المسلمين من الهنود والاندونيسيين»، متسائلا: «ماذا نفعل بهؤلاء؟ نقفل حدودنا في وجههم كذلك؟» الا انه رغم الافكار السديدة التي تفوق بها بوش على مناظريه، بقي تأييده الشعبي منخفضا، فيما لمع كل من ترامب واليميني المتطرف الآخر كروز، فيما يعكس جنوحا نحو اقصى اليمين لدى غالبية مؤيدي الحزب الجمهوري، على غرار الجنوح اليميني في الدول الغربية الاخرى، كما بدا جليا في تصدر متطرفي اليمين في فرنسا في الجولة الاولى من الانتخابات المحلية.

وبسبب تقدم المتطرفين، يتراجع اليمين المعتدل من امثال بوش، الذي افاد العاملون في حملته ان ممولي الحملة، وهم 13 من اصدقاء عائلة بوش، اتفقوا مع القيمين عليها بالاستمرار في تمويلها حتى انتخابات ولاية نيوهامبشير الشهر المقبل، وهي ثاني جولة انتخابات تمهيدية.

وقال العاملون في حملة بوش ان مموليه يستمرون في انفاق المال على الحملة فقط بسبب وفائهم لعائلة بوش، وانهم يستعدون «للقفز من السفينة ومنح اموالهم لروبيو» بعد انتخابات نيوهامبشير في حال لم يسجل بوش نجاحات تذكر.

ويعتقد المراقبون ان من شأن انسحاب بوش، وربما كريستي، بعد جولتي الانتخاب الاوليين في آيوا ونيوهامبشير، ان يعزز من قوة يمين الوسط، اي روبيو، في وجه اليمين المتطرف، اي ترامب وكروز. لكن انسحاب كروز، ان حصل على الرغم من انه مستبعد، من شأنه ان يضع متطرفي اليمين في موقع شعبي متقدم جدا على المعتدلين اليمينيين في الحزب الجمهوري.

في نفس الاثناء، يعتقد الخبراء ان صعود التطرف اليميني ادى الى ردة فعل لدى التطرف اليساري، وهو ما بدأ ينعكس في التقدم الهائل الذي يشهده المرشح الديموقراطي للرئاسة بيرني ساندرز على حساب وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون، مرشحة الوسط اليساري، والتي كانت غالبية المراقبين تعتقد انها الاوفر حظا لنيل ترشيح حزبها.

واظهرت آخر استطلاعات الرأي ان الفارق بين كلينتون وساندرز في آيوا صار معدوما، بعدما كان وصل عشرين نقطة لمصلحة كلينتون قبل اسابيع.

وعلى عكس متطرفي اليمين وترامب، لا يكن متطرفو اليسار الاميركي وساندرز اي عداء لمسلمي أميركا والعالم. الا ان ساندرز واقصى اليسار يتبنون سياسة خارجية شبيهة بسياسة الرئيس الحالي باراك أوباما، وهي سياسية تؤيد عزل الولايات المتحدة عن شؤون العالم والاهتمام بشؤونها الداخلية فحسب، والتحالف مع اي قوى اقليمية في الشرق الاوسط يمكنها ان تقوم بدور حفظ الأمن، وهو ما يعتبره كثيرون مؤشراً لتمسك ساندرز، في حال انتخابه رئيسا، بالقوى الثلاثة التي تتناطح للسيطرة على الشرق الاوسط حاليا والمتمثلة باسرائيل وايران وروسيا.

هكذا، مع جنوح الاميركيين نحو التطرف يمينا ويسارا، يعاني مسلمو أميركا والعالم من عداء مباشر ضدهم، في حالة وصول اليمين الى البيت الابيض، ومن استمرار الوضع كما هو عليه، في حال وصول اليسار، وهو ما يعني ان أمل المسلمين يتمثل بعودة المعتدلين من الحزبين الى المنافسة: بوش وروبيو من اليمين وكلينتون من اليسار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق