الجمعة، 19 فبراير 2016

محاربة أميركا لـ «داعش» في مصلحة روسيا والأسد

واشنطن - من حسين عبدالحسين

بعد فضيحة تلاعب القيادة الوسطى في الجيش الاميركي بتقاريرها الاستخباراتية التي ارسلتها إلى الرئيس باراك أوباما لاطلاعه على مجريات الحرب على تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش)، فجّرت صحيفة «ذا دايلي بيست» فضيحة جديدة بكشفها ان «العاملين في (دائرة الاستخبارات القومية) قدموا شكوى حول تحوير يطال تقاريرهم قبل ان تصل إلى البيت الابيض».

وقال العاملون في الاستخبارات أصحاب الشكوى إن «اسباباً سياسية» وراء محاولة المسؤولين عنهم تصوير التنظيم وكأنه في طريقه الى الهزيمة، على عكس الواقع، «تماشياً مع الاهداف المعلنة للادارة الحالية».

وما عزز الانطباع بأن قادة الاستخبارات الأميركية يتلاعبون بالتقارير حول الحرب على «داعش» قيام الأمم المتحدة بإصدار تقرير حول التنظيم، أظهر انه «مازال متماسكاً ومتمكناً وقادراً على جني الاموال وتجنيد مقاتلين أجانب».

وذكر التقرير أن «من المتوقّع أن ينجح (داعش) في تجنيد عدد قياسي من المقاتلين في العام الجاري»، موضحاً ان «عدد المقاتلين مع التنظيم يبلغ حالياً 135 ألفاً»، وان هؤلاء «يتحدّرون من 35 دولة».

واستبعد التقرير الأممي إمكانية إلحاق الهزيمة بالتنظيم عسكرياً فحسب، وربط بين القضاء عليه وانهاء الصراع في سورية، عبر التوصّل الى حل سياسي، مردفاً ان «النـزاع السوري له أثر مباشر في العوامل التي تساعد (داعش) على تجنيد المقاتلين الإرهابيين (...) يجب أن تكون الإجراءات التي تتخذها الدول الأعضاء والأمم المتحدة ذات بعد إستراتيجي، ومتّسقة في التصدّي للأسباب السياسية والاجتماعية و الاقتصادية، الكامنة وراء النـزاع السوري وتجنيد المقاتلين».

وقدم التقرير إستراتيجية مبنيّة على 3 مراحل للقضاء على «داعش»، قصيرة الأمد، وأخرى متوسطة، وثالثة طويلة، وهو ما يناقض المحاولات المتكررة للادارة الأميركية بتصوير القضاء على التنظيم وكأنه وصل إلى مراحله الاخيرة.

وكان اللافت في التقرير الاممي تمسّكه بمقررات «جنيف - 1»، القاضية بالمباشرة بعميلة انتقال سياسية في سورية ينبثق عنها حكم انتقالي موقت، يقود البلاد نحو دستور جديد والاشراف على اقامة انتخابات. ومما جاء في التقرير انه «من أجل التصدي للتهديد الخطير للتنظيم، من الضروري إيجاد حل سياسي للنزاع السوري»، وهي عملية حسب الأمم االمتحدة «ستتطلّب التزاماً دولياً متواصلاً وراسخاً وتنفيذاً فعّالاً لقرار مجلس الأمن 2254 (2015) الذي يرسم الطريق نحو مفاوضات رسمية بين السوريين في شأن عملية انتقال سياسي، عملاً ببيان جنيف لعام 2012، في موازاة وقف للنار في جميع أنحاء البلد».

ويفترض التقرير أن إنهاء «داعش» يتطلّب كذلك أن «تُرد المظالم التي يستغلها التنظيم لكسب دعم بعض المجتمعات المحلية لوجوده بين ظهرانيها» في سورية والعراق.

وفي هذا السياق، يعتقد الخبراء الاميركيون ان ادارة الرئيس أوباما «تتخذ من حربها المتعثرة ضد (داعش) ذريعة لعدم التدخّل في سورية». ويقول المسؤول السابق عن سورية في وزارة الخارجية، والباحث في «مركز رفيق الحريري» التابع لـ «مركز الاطلسي» فرد هوف: «لخرافة ان (داعش) هو عدو مشترك» لاميركا وروسيا وايران «دور ديبلوماسي يستغله (وزير الخارجية) جون كيري»، لكن الواقع هو ان «ما نراه في سورية هو تعاون عسكري يتضمن روسيا وايران و(داعش) و(الرئيس السوري بشار) الأسد».

ويتساءل هوف: «إذا نجح الاربعة في القضاء على البدائل الوطنية السورية للأسد و(داعش)، فهل يستدير الأسد وحلفاؤه حينها ليقاتلوا الخليفة» أبا بكر البغدادي؟.

ويختم المسؤول السابق، في مقالة نشرها على موقع «ديفنس نيوز» أنه في جميع الاحوال «تأمل موسكو أن تجبر واشنطن على العودة زحفاً لاستجداء صداقة عميلها السوري»، وهو ما يقدم «إمكانية انتصار لروسيا وإذلال للولايات المتحدة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق