الاثنين، 22 فبراير 2016

روسيا توسّع تعاونها مع الارهابيين.. وكيري متفائل

حسين عبدالحسين

منذ بدء الحرب الروسية على سوريا في ٣٠ ايلول/سبتمبر الماضي، دأب وزير الخارجية الاميركية جون كيري على التمسك بتفاؤله. اسبوع بعد آخر، يعرب كيري عن أمله بأن الحل ممكن في وقت اقرب مما نتصور، وكلّما تصاعدت المواجهات على الارض السورية، يطّل الوزير الاميركي ليتحدث عن وقف ممكن للاعمال القتالية "خلال أيام". لكن، ايام بعد ايام، واسابيع بعد اسابيع، وشهور بعد شهور، والحرب الروسية - الايرانية مستمرة على السوريين، فيما كيري مستمر بتفاؤله.

والطريف ان كيري ينفرد بتفاؤله، فتركيا حشدت قواتها على حدودها الجنوبية مع سوريا، ووزير خارجية السعودية عادل الجبير تحدث عن رغبة السعودية بتزويد المعارضة السورية بأسلحة مضادة للطائرات، وروسيا قدمت قراراً في مجلس الأمن لإدانة اي تدخل عسكري تركي محتمل، والرئيس السوري بشّار الأسد وعد بأن "قواته" ستعامل أي جيوش سنية تدخل الاراضي السورية كإرهابيين (الأسد استعمل عبارة اجنبية لكن مع وجود قوات ايرانية ولبنانية وعراقية وافغانية وروسية على اراضيه، يصبح لزاماً توضيح مقصده).

في وسط الحرب الطاحنة في سوريا، واصرار روسيا على تلقين تركيا درساً، ومتابعة ايران توسيع رقعة سيطرتها في المنطقة، وسعي السعودية لمنع انهيار المعارضين، ومحاولة الاكراد اقامة دولة لهم على الحدود مع تركيا، يعتقد كيري ان توقف الاعمال القتالية في سوريا يحتاج فقط الى المزيد من الاتصالات الديبلوماسية.

قد تتوقف الاعمال القتالية في بعض المناطق السورية، ربما كاستراحة محاربين أو حتى يتسنى لقوات الأسد والقوات المتحالفة معها التقاط انفاسها في منطقة، وتعزيز سيطرتها عليها قبل ان تنقضّ على منطقة اخرى، لكن الواقع يبقى ان المواجهة العالمية على الأرض السورية مازالت في بداياتها، وهي مواجهة تختلط فيها الحسابات الاستراتيجية مع شؤون مكافحة الارهاب، وتصفية حسابات مشكلة شبه جزيرة القرم، ومحاولة بوتين تفتيت الاتحاد الاوروبي وتحالف الاطلسي، بالاستمرار بزعزعة أمن اوروبا الاجتماعي أمام تدفق اللاجئين العرب من سوريا والعراق.

وفي الوقت الذي يهزأ فيه وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، للمرة الالف، من كيري، ويعده بتنفيذ وقف اطلاق النار بينما تكثّف المقاتلات الروسية غاراتها ضد اهداف المعارضة السورية والمدنيين السوريين، تكشف موسكو عن حقيقة موقفها في ما تراه مواجهتها العالمية ضد واشنطن لاستعادة مكانة روسيا كقوة عظمى.

هذا الاسبوع، في افغانستان، أعلن الروس للمرة الاولى منذ ١٤ عاما تعليق مشاركتهم في المحادثات التي تشترك فيها الحكومة الافغانية وطالبان وأميركا وباكستان والصين. واستعاضت موسكو عن ذلك، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، بفتح قنوات مباشرة مع طالبان بشكل يقوض سيادة حكومة كابول.

وتحدثت الصحيفة الاميركية عن قيام موسكو بانفاق 1,2 مليار دولار على تسليح جيش طاجيكستان — فضلاً عن التنسيق مع طالبان — لمواجهة مجموعات تسميها روسيا ارهابية تتألف من مقاتلين طاجيك واوزبك وكازاخ وشيشان وأويغور صينيين.

وكما في سوريا، تزعم موسكو ان هذه المجموعات، التي تعارض في الغالب حكامها المتحالفين مع روسيا او تسعى، كما في حال الأويغور، الى تحقيق استقلال ما، هي مجموعات ارهابية ويتحتم قتالها. وكما في سوريا حيث لا تمانع موسكو التعاون مع تنظيم "داعش" للقضاء على معارضي حليفها الأسد، لا تمانع موسكو من التعاون مع طالبان للقضاء على معارضي حلفائها في آسيا الوسطى.

أما ثمن عودة روسيا الى التعاون مع اميركا في رعاية حوار بين حكومة افغانستان وطالبان فهو، بحسب ما نقلت الصحيفة الاميركية عن مسؤولين في موسكو، قيام واشنطن برفع العقوبات التي فرضتها في العام 2014 على مستشار الرئيس فلاديمير بوتين لمكافحة الارهاب فيكتور ايفانوف، على اثر ابتلاع روسيا القرم.

وكما في افغانستان حيث يبدو أن روسيا تعرض تعاوناً، وإن شكلياً، على أميركا لرعاية حوار سياسي، يبدو أن ثمن التعاون الروسي في سوريا هو تنازلات أميركية للروس، خصوصاً في شبه جزيرة القرم.

روسيا متمسكة بلعبتها الاستراتيجية. أما كيري، فمتمسك بتفاؤله المشوب بالهبل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق