الاثنين، 18 أبريل 2016

ما هو سعر الأسد لدى بوتين؟

حسين عبدالحسين

يجمع المسؤولون الاميركيون والاوروبيون والعرب، ممن زاروا موسكو في الاسابيع القليلة الاخيرة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحين الفرصة لمقايضة رأس حليفه السوري بشار الأسد. ويجهد هؤلاء المسؤولون لمعرفة سعر الأسد لدى بوتين، أو ما يمكن للولايات المتحدة وحلفائها تقديمه للروس حتى يتنازلوا، بشكل "صريح وعلني"، عن الأسد. 

على أن بعض المسؤولين الاميركيين يخشون ان يكون ثمن استغناء بوتين عن الأسد باهظاً وغير واقعي، ما يؤخر عملية المقايضة ويبقي الحرب السورية مشتعلة.


ويرجح المسؤولون الاميركيون ان يطلب بوتين رفع العقوبات الاميركية والدولية التي تم فرضها عليه، إثر قيام قواته باجتياح وضم شبه جزيرة القرم الاوكرانية في العام ٢٠١٤. ورفع هذه العقوبات يعني اعتراف المجتمع الدولي، وفي طليعته الولايات المتحدة، بالخطوة الروسية، وهو ما من شأنه ان يظهر أميركا وكأنها مستعدة للتنازل عن حلفائها، وما من شأنه ان يثير قلق دول البلطيق، ويدفعها الى الابتعاد عن "تحالف الأطلسي" والاقتراب من الفلك الروسي.


كذلك، يقول المسؤولون الاميركيون إن حلفاء واشنطن من غير الاوكران، مثل الاتراك، يعارضون الاعتراف بسيادة روسيا على القرم، إذ إن الأمر لا يفتح شهية بوتين لقضم اراض اخرى محيطة بروسيا من آسيا الوسطى الى البلطيق، بل ان انقرة تشعر بمسؤولية تجاه غالبية سكان القرم، ومعظمهم من المسلمين من العرقية التركمانية ممن هرب ناشطوهم وقادتهم المعارضون لبوتين إلى اسطنبول وكييف، ويشنون اليوم حملة سياسية، بمؤازرة دولية، لتحريك القرميين للانتفاض ضد الاحتلال الروسي لأراضيهم.


هل يقبل بوتين بسعر أقل من اعتراف دولي بسيادته على القرم للتخلي عن الأسد؟


يقول مسؤولون عرب ممن التقوا بوتين مؤخراً، ويتواصلون مع واشنطن، إن الرئيس الروسي قال لهم إنه "يتفهم ان العرب يبحثون عن مصلحتهم كما تبحث روسيا عن مصلحتها"، وانه "مقابل العمل سوياً على تحقيق بعض الاستقرار المالي في الاسواق العالمية"، لا يمانع الرئيس الروسي "التنسيق لاعادة الاستقرار الى منطقة الشرق الاوسط". وفسر المسؤولون الاميركيون عرض بوتين هذا على انه طلب من الدول العربية المصدرة للنفط التعاون معه والعمل على رفع سعر النفط في السق العالمية، ما يحقق استقرار الاقتصاد الروسي، مقابل تخليه عن الأسد.


يمكن أن يطلب بوتين أثماناً باهظة للمقايضة على الأسد بهدف التفاوض، حسب بعض المسؤولين الاميركيين والعرب. كما يمكن أن يطلب سعراً مرتفعاً لاعتقاده انه غير قادر على اجبار الأسد على الرحيل عن السلطة. ويمكن أن يكون بوتين مستعداً للتخلي عن الأسد مقابل اثمان زهيدة جداً، من قبيل السماح للمعارضين السوريين الذين يرعاهم الأسد في العملية التفاوضية بالمشاركة في ثلث الهيئة الانتقالية، التي تسعى الأمم المتحدة لتشكيلها من سوريي النظام والمعارضة. ويرى المسؤولون انه يمكن أن يرى بوتين في هؤلاء المعارضين السوريين انهم الاقرب اليه ويضمنون له نفوذاً في المراحل المقبلة في سوريا.


على ان المسؤولين العرب والاوروبيين ممن يزورون واشنطن يعتقدون ان ادارة الرئيس باراك أوباما لم تعد في موقع يخولها البيع او الشراء، قبل تسعة اشهر من خروجها من الحكم، وهو ما يعني ان الادارة ستستمر في سياستها الحالية تجاه سوريا، والقاضية بتمرير الوقت وتقليص حدة الحرب للتخفيف من ضغط حلفائها الذين يطالبونها بالقيام بخطوات لوقف المحرقة السورية.


وهذا ما يعني أيضا أنه إذا كانت واشنطن قد دخلت في مرحلة تصريف الاعمال بانتظار انتخاب الرئيس الجديد والادارة الجديدة، فإن بوتين يدرك ذلك، وأنه يماشي واشنطن بتمرير الوقت كذلك، وبالاستمرار في عملية التفاوض حول سوريا، وفي رعاية عملية كتابة دستور جديد تأمل واشنطن أن يبصر النور في شهر آب/أغسطس، إلا أن أحداً في الادارة لم يعد يعتقد بأن الالتزام بهذا الموعد بات ممكناً.


حتى يعرف العالم ما هو ثمن الأسد عند بوتين، ربما عليه ان ينتظر وصول رئيس اميركي جديد الى البيت الابيض، وربما انتظار تعيين أمين عام جديد للأمم المتحدة كذلك. من الآن وحتى تاريخه، ستستمر الحرب السورية الدائرة وستستمر المراوغة الديبلوماسية في جنيف حتى اشعار آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق